أحداث غزة...اصطفافات أردنية متباينة

الرابط المختصر

في الوقت الذي تدعو فيه جماعة الإخوان المسلمين في الأردن حركة حماس الى "اعتماد سياسة الحوار" يخرج الذراع السياسي للحركة - حزب جبهة العمل الإسلامي-

انشقاق إسلامي حول الموقف من أحداث غزة

هذا الموقف المتناقض بين أوصال الحركة الإسلامية في الأردن ليس سابقة نادرة، فبالعادة ما تميل جماعة الإخوان المسلمين لتلطيف الأجواء في الأزمات الحكومية- الإسلامية المتكررة خصوصا بعد تغير قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي الذي استلم سدة الرئاسة فيه زكي بني رشيد الأمين الحالي للحزب الذي آثار جدلا حتى قبل وصوله لسدة الحزب بسبب قربه من حماس الذي كان يعمل لديها محاسبا ماليا قبل خروجها من الأردن.
 
ومن ناحية أخرى يعطى البعد العشائري المتغلغل في جماعة الإخوان المسلمين نفسا حذرا للجماعة التي لا تميل بعض قيادتها للاصطدام مع الحكومة على عكس حزب جبهة العمل الإسلامي، وقد أثبتت الأيام ذلك ففي  أزمة " نواب التعزية" أصدرت جماعة الإخوان المسلمين وقتها بيانا اعتذاريا لاحتواء الأزمة مع الحكومة.
 
إلا ان المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية إبراهيم غرايبة يتفق مع الطرح الأول، ويرى ان لغة البيانات والتصريحات حول الأحداث التي تجري بغزة ترتبط بخلفية القيادة الحالية لحزب جبهة العمل الإسلامي المقربة من حماس على حد قول الغرايبة والممثلة بالأمين العام زكي بني رشيد.
 
 
وفي العودة لموقف حزب جبهة العمل الإسلامي أعرب الحزب عن تفهمه لمبررات "الخطوة الاضطرارية" التي أقدمت عليها حركة"حماس" لإنهاء "حالة الفوضى التي عانى منها الشعب الفلسطيني طويلا وحالت دون تقدم المشروع الوطني في البناء والمقاومة".
 
ويوضح هذا الموقف الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني رشيد " "ما جرى في غزة يجب قرأته بشكل منصف، هناك مجموعة انقلابية حاولت ان تختطف الانجاز الديمقراطي الفلسطيني لصالح أجندات أمريكية إسرائيلية، وأنا اعتقد هنا ان ما قامت به حماس خطوة ضرورية ولا بد منها، واعتقد ان التآمر على التجربة الفلسطينية الديمقراطية هي مؤامرة اكبر من البعد الإقليمي تشترك بها إطراف دولية".
 
جهات تتخوف على مصير الأردن..وأخرى تطمئن
 
هذا التفهم من قبل الحزب دفع بعض الجهات والكتاب الأردنيين للتخوف من ان ينسحب ما جرى في غزة على الحركة الإسلامية في الأردن. ويقول الكاتب سلطان الحطاب" الإسلاميون ليسو طرفا يجب إغماض العيون عنه، لان ما رأيناه في غزة يبعث على الحذر الخوف، لذك على الدولة الوطنية عليها ان تكون منتبه لكيانها وسيادتها، الحركة الإسلامية في غزة هي امتداد للحركة الإسلامية في الأردن حيث قادت انقلابا على السلطة في غزة وحطمت آمال الشعب الفلسطيني في وحدة أراضيه في ان يحصل على حقوقه،إذن ما الذي يجعلنا مطمئنين للحركة الإسلامية في الأردن".
 
 
هذا الطرح يواجه استهجانا كبيرا من قبل الإسلاميين، ويرد "بني رشيد أتخوف من هذا الطرح فعوامل ضبط الأمن في الأردن ليس من الحركة الإسلامية لأنها صمام الأمان وأمن الأردن واستقراره جزءا من ثوابت الحركة الإسلامية لكن يجب ان نخشى من الطرف الآخر التسلل للموساد الإسرائيلي التي أشعلت الفتنة في غزة ونخشى من إشعالها في الأردن و كل العالم العربي".
 
 
حتى الحكومة نفسها لا  تتخوف من سيناريو غزة، ففي لقاء رئيس الوزراء معروف البخيت مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب قال البخيت "الأردن لم يفاجأ بتطورات الأزمة الفلسطينية بل كان يتوقعها و لا خوف من تداعيات ما يجري على الأردن".
 
لكن الكاتب الصحفي فهد الخيطان يعلق هنا " السقف الذي كان متاحا امام انصار حماس للتعبير عن موقفهم ومشاعر النشوة بعد الانتصار في الانتخابات لن يكون متوفرا بنفس القدر في هذه المرحلة. فمن غير المتوقع ان تسمح الدولة لاحد بالترويج للخطاب الانقلابي باعتباره عملا مشروعا لاعتبارات خاصة بالواقع الديمغرافي الاردني والموقف الرسمي التقليدي من حركة حماس وامتداداتها على الساحة الاردنية.
 
بهذا المعنى، على الحركة الاسلامية ان لا تتسرع في اتخاذ موقف يؤدي بطريقة او اخرى الى نقل الصراع الى الاردن, وعليهم منذ الآن تفهم المصالح الوطنية الاردنية المستجدة وبعد الذي جرى في فلسطين.
 
المعارضة الأردنية وما يجري في غزة
 
أما المعارضة الأردنية وحدت موقفها في بيان مشترك - باستثناء الإسلاميين- واعتربت ما جرى في غزة جريمة كبرى، ويقول رئيس لجنة تنسيقية أحزاب المعارضة منير حمارنة" ما جرى في غزة جريمة تهدد بنسف وتدمير الوحدة الوطنية الفلسطينية وبضياع القضية الفلسطينية وتلحق بها أفدح الخسائر، وتقدم خدمة لإسرائيل وللقوى المعادية التي ترى في هذا الصراع الدموي فرصة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة, وحقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس والحق في العودة".
 
 
وأكدت المعارضة في بيانها "ضرورة وقف إراقة الدم الفلسطيني, والعمل على استعادة الوحدة الوطنية وفق الأسس المتفق عليها وطنيا كاتفاق القاهرة ووثيقة الأسرى وغيرها". ودعت الى "احترام الشرعية فلسطينية، وعدم السماح بتقسيم الأرض والشعب الفلسطينيين، ورفض نتائج الجريمة التي وقعت في غزة والعودة الى الحوار الوطني من اجل مواجهة العدوان والاحتلال الخطر الرئيسي الماثل".
 
 
هذا التناقض في المواقف الأردنية من ما يجري امر معلوم لدي الكاتب الصحفي فهد الخيطان ويرى " سنشهد في الأوساط السياسية والشعبية الأردنية جدلا واسعا حول الموقف من حماس وفتح بعد »انقلاب غزة«. وفي ضوء التوقعات التي ترشح استمرار الصراع على السلطة في فلسطين لمرحلة طويلة قادمة, سيتعمق الانقسام في الآراء داخليا, وتنشأ انحيازات متناقضة ومتصادمة أحيانا, وسيكون موسم الانتخابات المقبلة ساحة مثالية تتبارى فيها المواقف".
 
 ويزيد "كل ذلك يبدو أمرا مفهوما ويأتي في سياق حالة إشكالية ظهرت منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية لا بل يمكن ان نحيل أصل الانقسام السياسي الى مرحلة أوسلو وما تلاها من تطورات في المنطقة".
 

أضف تعليقك