"أبو عمر".. عملٌ لا تحدّه الإعاقة

الرابط المختصر

ما إن تدخل سوق إربد القديم، حتى تزدحم في عينيك مناظر البسطات المتوزعة على جنبات الشارع، تخبىء كل واحدة منها قصة إنسان تستحق أن تُروى.

وإذا سلكت طريقك باتجاه عُمق السوق، ستجد كبارا وصغارا يصيحون بأصواتهم مُعلنين عن بضاعتهم، يحاولون جذب الأنظار إليهم، عدا واحد منهم، يجلس في زاويته، تستغرب هدوءه، وتلفتك هيئته.

"أبو عمر"، هكذا يحب محمود الرفاعي، ذو الأربعين عاما، أن ينادى، صاحب بسطة ألعاب، لم تمنعه معاناته من ممارسة حياته الطبيعية والسعي لكسب الرزق.

يهوى أبو عمر العمل، ورغم أنه يعاني من تشوه خَلقي، إلا أنه يسعى لممارسة حياته بشكل طبيعي. ويقول لـ"المرصد العمالي": "ما بحب أظل قاعد واعتمد على الآخرين"، فلم تمنعه مشكلته الصحية من الذهاب إلى السوق يوميّا، والاعتماد على نفسه.

 

من المنزل إلى البسطة..

يبدأ أبو عمر نهاره عند التاسعة صباحا، وينطلق مشياً لمدة 10 دقائق، من منزله في حي الملعب إلى السوق، الذي يبعُد عن مكان عمله بضع كيلومترات.

يشتري البضاعة من محلات البيع بالجملة المحيطة به، ويقول: أفرد بسطتي، وأرتبها، وأباشر شغلي"، ليجلس بعدها على الكرسي المفصّل خصيصاً له، منتظرا الزبائن أو أن تلفت بسطته أنظار المارّة.

 

من "أجير" إلى "مالك"

أبو عمر، الذي أتم دراسته حتى الصف السابع الابتدائي، بدأ عمله أجيراً على البسطات منذ صغره، ليكسب منها في نهاية اليوم أجرًا زهيدًا يكفيه لقوت يومٍ بيوم.

برأس مال بسيط، كان 60 ديناراً فقط، أسس بسطته الخاصة، ومنذ خمس سنوات، صارت مملكته وعالمه الخاص، يرتبها كيف يشاء، ويستقبل زبائنه حتى إغلاق السوق قبيل صلاة المغرب. 

 

"يوم بيوم"

"عايشين يوم بيوم، بآخر النهار نكسب شيئا بسيطا بالكاد يغطي الطلبات اليومية"، يصف أبو عمر حاله، التي لا تختلف كثيرا، بتقديره، عن حال سائر بائعي البسطات.

وبحسب ما قاله، فإن صافي مبيعاته شهريا يراوح بين 150 إلى 200 دينار تقريبا، فوضع السوق متقلب، فأحيانا يكون البيع جيداً -وبخاصة في المناسبات والأعياد-، وأحيانا يسود السوق الكساد.

 

بين "كورونا" وهاجس "الإزالة"..

وعن فترة الإغلاق الشامل التي فرضتها الحكومة في بداية أزمة جائحة كورونا، أشار أبو عمر إلى أنه كان يعتمد على مدخراته البسيطة، فمصدر رزقه الوحيد يتوقف على حركة السوق.

"وضع الكورونا كان صعبا لأننا اضطررنا للإغلاق نحو أربعين يوما"، إلّا أنه فور السماح بحركة المواطنين عاد إلى بسطته، ليبدأ عمله بالتحسن تدريجيا.

وعلى رغم سعي البلديات إلى الحد من انتشار البسطات العشوائية، إلّا أن أبو عمر لا يشكو من هاجس الإزالة، ويقول: "موظفو البلدية لا يضايقونني ويقفون معي ويراعون وضعي".

يتمنى أبو عمر أن يتحسن وضعه المادي أكثر، ويتساوى مع وضع التجار المحيطين، ويطمح أن يملك محلّه التجاري الخاص، ويصبح له زبائنه الدائمين.