أبو طير: السيناريوهات الإسرائيلية المحتملة للمسجد الأقصى خطيرة جدًا

*الأردن يراقب عن كثب: أبو طير يحذر من تهجير فلسطيني محتمل في الضفة وغزة
الرابط المختصر

 حذر المحلل السياسي ماهر أبو طير من أن المنطقة العربية أمام ذروة المشروع الإسرائيلي التوسعي، الذي يسعى لتمدد استراتيجي يمتد إلى كامل المنطقة.

 وقال المحلل إن التركيز اليوم يجب أن ينصب على المسجد الأقصى وقبة الصخرة، مشيراً إلى وجود تفكير صهيوني قد يكون جاداً في تهديد هذه الرموز الدينية.

وأضاف أن المسجد الأقصى، رغم قدسيته ومكانته لدى المسلمين، لا يحظى بالتركيز الكافي إلا عند وقوع اقتحامات أو أحداث أمنية، لكنه يمثل “الجوهر السياسي والديني والاجتماعي” للمشروع الإسرائيلي، الذي يعتمد على السيطرة الرمزية والمكانية على الحرم القدسي لإكمال أهدافه الاستراتيجية.

وأوضح أن هناك عدة سيناريوهات محتملة، أولها نزع السيادة الأردنية وفرض سيادة إسرائيلية على المسجد الأقصى والحرم القدسي. أما السيناريو الثاني، فيتمثل في استخدام المساحات الفارغة داخل الحرم لإقامة كنيس يهودي، بحيث يتم تجنب استثارة المسلمين بالمساجد الرئيسية مثل قبة الصخرة والمسجد القبلي. أما السيناريو الثالث الأكثر خطورة، فهو إمكانية هدم أحد المسجدين عبر عملية تفجير، وهو سيناريو سبق وأن لاحظه مع تحركات أمريكية إسرائيلية في بعض الأنفاق.

ولفت في حوار خاص مع  الإعلامي محمد العرسان في راديو البلد إلى  كان هناك دعوات داخل إسرائيل لاستغلال مرور الصواريخ الإيرانية فوق القدس والمسجد الأقصى لتوجيه اتهامات بأن أي ضرر يلحق بالحرم هو نتيجة لهذه الصواريخ، ما قد يشكل مبرراً لأعمال تدمير. وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي اليوم غير قادر على فتح جبهات كثيرة داخل فلسطين بسبب الانشغال بغزة والضفة الغربية، لكنه يحاول استخدام هذه الفترة لتخفيف التركيز عن القدس والمسجد الأقصى.

كما أكد على وجود مصلحة عربية رسمية وحيوية في إبقاء الاحتلال مشغولاً بالحروب الأخرى، لتجنب استغلال إسرائيل فترة الهدوء للانقضاض على الحرم القدسي. وأشار إلى أن أي تقصير عربي أو عدم وعي بالخطر التوسعي الإسرائيلي قد يفتح المجال لتنفيذ هذه السيناريوهات.

خطة ترامب

في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، طرحت خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لوقف إطلاق النار، في محاولة لإيقاف الحرب وحماية المدنيين، لكنها واجهت تحديات كبيرة منذ البداية، بحسب الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو طير .

وأشار أبو طير إلى أن رد حركة حماس على الخطة جاء بمسارين: البيان الرسمي الذي صدر عن الحركة، والرد العملي الذي سُلّم عبر الوسطاء للأطراف الأمريكية. رغم أن البيان بدا إيجابياً على السطح، إلا أنه يحمل اعتراضات كبيرة على بنود الخطة، ما يجعل نجاحها في وقف الحرب محل شك. ولفت إلى أن استمرار القصف الإسرائيلي لقطاع غزة رغم عرض الخطة يظهر أن الأطراف المعنية لا ترغب فعلياً في إنهاء العمليات العسكرية بسرعة.

وأوضح أبو طير أن المشروع الاستراتيجي الإسرائيلي يتجاوز مسألة الأسرى أو الانتقام، ويهدف إلى إعادة رسم الواقع السياسي والجغرافي في غزة والمنطقة، ضمن ما يُعرف بمشروع "إسرائيل الكبرى". وأضاف أن مطالب الاحتلال الإسرائيلي بتسليم جميع الأسرى في غضون 72 ساعة اصطدمت بالواقع الميداني المعقد في القطاع، حيث تتطلب إزالة الأنقاض والوصول إلى مناطق معينة وقتاً أطول.

كما حذر أبو طير من أن الحرب الحالية ليست مقتصرة على غزة وحدها، بل تمتد إلى الضفة الغربية والقدس، حيث تشهد المخيمات الفلسطينية عمليات تهجير وتدمير للبنية التحتية، فضلاً عن ضغوط اقتصادية كبيرة على السكان المحليين، ما قد يؤدي إلى نزوح داخلي واسع.

وأكد أبو طير أن الأردن يراقب الوضع عن كثب ويملك خططًا وإجراءات للتعامل مع أي سيناريو تهجير محتمل، مع السعي لحماية حقوق الفلسطينيين والحفاظ على التوازن الأمني والسياسي داخليًا وخارجيًا. كما أشار إلى أن علاقة الأردن مع إسرائيل اليوم تواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاقيات والضغوط على المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى وقبة الصخرة.

وحول مستقبل حماس بعد تنفيذ الخطة، يرى أبو طير أن تحول الحركة إلى فصيل سياسي محتمل، لكنه مرتبط بمدى نجاح خطة ترامب وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية والإصلاح السياسي داخل السلطة الفلسطينية. أما في ما يخص القدس والمسجد الأقصى، فقد شدد على أن المشروع الإسرائيلي يسعى إلى السيطرة على الحرم القدسي أو تهويده جزئياً، في خطوة قد تؤدي إلى صدامات دينية وسياسية كبيرة في المنطقة.

وفي تقييمه العام للوضع، وصف أبو طير العالم العربي بأنه مفتت وغير قادر على مواجهة التحديات الاستراتيجية، مشيراً إلى أن المشاريع الإقليمية المختلفة، بما فيها التركية والإيرانية والإسرائيلية، تعمل على إعادة ترسيم الحدود والنفوذ في المشرق العربي. وأضاف أن خطورة المشروع الاستراتيجي الإسرائيلي تكمن في استهداف الفلسطينيين عبر مسارات متعددة، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق جنوب سوريا ولبنان، وحتى التخطيط لتقسيم دول أخرى في المنطقة.

وفي ختام حديثه، شدد أبو طير على أن نجاح أي خطة لوقف الحرب في غزة لا يمكن أن يكون مؤسسياً إلا عبر تدخل دولي جاد وتعاون عربي، مع الحفاظ على الحقوق الفلسطينية، محذراً من أن أي توقف مؤقت للعمليات العسكرية قد يكون مجرد فرصة لإعادة ترتيب المشروع الإسرائيلي، وليس نهاية للصراع.