أبوهلالة يروي تفاصيل الاعتداء عليه في جمعة الغضب
في حديث خاص لعمان نت روى مدير مكتب فضائية الجزيرة في عمان ياسر أبوهلالة
تفاصيل حادث اعتداء رجال من قوات الدرك عليه بالضرب خلال تغطيته لاعتصام أمام جامع الكالوتي في الرابية يوم الجمعة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال أبوهلالة في حوار أجرته سوسن زايدة لبرنامج عين على الإعلام، أن "قوات الدرك لا تضبط سلوكها عندما تقع الاشتباكات، وتخرج الأمور عن السيطرة ويكون هناك نوع من التمادي والإفراط في استخدام القوة مع المواطنين".
و يسرد أبوهلالة تفاصيل حادث الاعتداء عليه: "بعد انتهاء المواجهات وبعدما نقلنا الأحداث على الهواء مباشرة لمدة تقارب 3 ساعات، وبعدما كان التعامل مثاليا مع الصحفيين عموما من قبل قوات الدرك لدرجة أن المتظاهرين كانوا يلجؤون إلى مواقع تواجد الكاميرات لحماية أنفسهم، كنا نحن طاقم الجزيرة متواجدين في أحد البيوت، و كلما كان يحصل تقاذف بالحجارة أو ضرب لقنابل الغاز ، كان الذين لا يريدون المشاركة بالاشتباكات أو الوقوع ضحية لها يلجؤون إلي البيت الذي توجد فيه الكاميرات، فلم يتم الاعتداء على الصحافيين في هذا المكان".
المشكلة كما يراها ياسر أبوهلالة تكمن في أن "قوات الدرك لا تضبط سلوكها عندما تقع الاشتباكات، ففي الوقت الذي يمكن تلمس الضبط و السيطرة قبل الاشتباك تصبح الأمور خارج السيطرة عندما تقع الاشتباكات ويكون هناك نوع من التمادي والإفراط في استخدام القوة بشكل مبالغ فيه مع المواطنين،وهذه الملاحظات كانت دوما تأتينا،و الكلام لياسر أبوهلالة، لكن كان من الصعب تصوير لقطات يتم فيها ضرب المواطنين بشدة،وعندما كان يأتينا مواطن مضروب كان يخشى أن يتحمل المسؤولية القانونية وكان الرد التقليدي من قبل الأجهزة الرسمية أن هؤلاء المصابين مصابون نتيجة التدافع وليس نتيجة الضرب المبرح،حتى أنه كان يصلني على بريدي الإلكتروني رسائل تتحدث عن حالات ضرب، لكن لم تكن هناك فرصة لإثباتها.
ما حصل معي أنا شخصياً أنه في يوم الجمعة و بعد صلاة المغرب كان هناك مجموعة ترتدي لباساً مدنياً و بدأوا بتكسير شواهد المقبرة الرمزية، وأنا كنت قد تلقيت رسائل من عدد من المسؤولين رفيعي المستوى أن وسائل التعبير السلمي مصانة ومحفوظة، ولن تمس هذه الخيمة أو غيرها، و أنا كصحفي كان لابد أن أتأكد أن من يقوم بتكسير هذه الشواهد الرمزية شخص من جهة رسمية أم ربما يكون مواطناً لا ينتمي لأية جهة رسمية،فسألت أحد اللذين يكسرون الشواهد هل أنت جهة أمنية أم ماذا ؟فقال لي بحدة أنا مواطن ، وأكمل باللهجة الدارجة " إذا ما بتغادر بكسر وجهك"، أجبت أنا صحفي وليس بإمكانك أن تكسر وجهي، ثم تحدث لي بطريقة تهديد كي أذهب، وكان الدرك على مقربة منه وعلى مسمع منهم ، فخاطبت الدرك اللذين يلبسون اللباس المموه والمقنعين،قلت لهم أن هذا المواطن يهدد ومن المفترض أن تقوموا بحمايتي،- أنوه أن كل ما سأقوله من الآن فصاعدا هو كلام دقيق وأنا لا أستطبع أن أتأكد من الأحداث لأني كنت بوضع غير طبيعي، لكن الكاميرات تفسر كثيرا مما حصل وكل ما حصل مصوّر-، فتقدم أحد رجال الدرك مني وقام بضربي وبشتم الذات الإلهية،وكانت الشتيمة مستفزة بشكل كبير لأنه كان الوقت وقت آذان ووقت صلاة ، فأمسكت به وخاطبت زملائه بأني أريد أن أعرف اسم هذا الشخص وأقوم بتقديم شكوى عليه لأنه شتم الذات الإلهية،وهنا بدأ السلوك العدواني الجماعي وليس الفردي وهو سلوك عام،قام زملاؤه مشاركته بضربي،وهذا موثق ومصور ،وكانوا يضربون بمختلف أنواع الهراوات،وقد كان ما يحدث مصوراً من قبل المواطنين،فقد وصلتني الحادثة على " البلوتوث عبر الموبايل"،و كانوا يعتدون بالضرب علي بشكل مفرط وبالتالي كنت أرد بإساءات لفظية، وكنت أردد أني أريد أن أعرف اسم الشخص الذي شتم الذات الإلهية،وكنت قد عرفت باسمي و قلت لهم أني ياسر أبو هلاله، لا اعلم إن كنت مستهدفا شخصياً ،ففي المرحلة الأولى لم يكونوا يعرفوني لكن بالمرحلة الثانية من الضرب كان النقابي المعروف خالد رمضان قد قال لهم أني ياسر أبو هلاله لكنهم استمروا بالضرب،كما ضربوا مصور الجزيرة بشكل أفظع وأقسى ،و هو ما أدى إلى أن يتم تقطيب رأسي 12 قطبة،مع وجود رضوض بمختلف أنحاء الجسم ،و تواجد ضابط من الأمن الوقائي حاول إخراجي ونجح بإنقاذي،ثم نقلت بسيارة أحد ضباط الأمن الوقائي إلى المستشفى".
ويتابع: "كان محمد الخطيب الناطق الإعلامي يقوم بدور كبير في محاولة حمايتي ونقلي إلى المستشفى،في المستشفى كان مستشار جلالة الملك أيمن الصفدي هناك، ومنذ اللحظات الأولى أبلغني مستشار جلالة الملك أن جلالته لا يقبل بذلك،ولا يقبل بضرب المصوّر والذي كان قد تعرض بالساعات الأولى للضرب من شرطة السير بشكل مبرح، وكان المصور قد اشتكى على من تعرض له بالضرب، وأبلغني المستشار أن جلالة الملك يرفض هذا الاعتداء وسيعالج المصور على نفقته الخاصة،وأثناء الاعتداء علي كان هناك مصوران محمد الحويطي وصفوان العواودة حاولا حمايتي لكنهما تعرضا للضرب،ما نتج عنه أن صفوان لديه شعر في منطقة الحوض وخلع في الكتف،أما محمد الحويطي فتعرض للاعتداء ودخل إلى المستشفى".
ويؤكد ياسر أبوهلالة أنه "يفترض من قوات الدرك أن تتعامل بأقسى درجات الانضباط لأنها تتعامل في الأصل مع ظروف غير اعتيادية،وكان هناك موقف غير مسبوق وغير مألوف تمثل باتصال الملك ليطمئن على صحتي ويؤكد على موقفه الداعم لحرية الصحافة،وشكر جهودنا التي نقوم بها في التغطية في الأردن".
وحول رد فعل قوات الدرك من الاعتذار عما قام به بعض أفرادها ومبادرة بتشكيل لجنة تحقيق بالحادثة يؤكد أبوهلالة أن "المألوف هو الاعتداء على صحفي أما غير المألوف أن رأس الدولة يتصل ويطمئن على الصحفي وتشكل لجان تحقيق جدية، وأن يصدر اعتذار رسمي عن مديرية الأمن العام،مشيراً إلى أن ما حصل جزء منه أضر بصورة الأردن ولكن الصورة العامة أظهرت الأردن كدولة تحترم الناس وتحترم القوانين".
ولا يرى أبوهلالة أن الاعتذار الذي حصل عليه هو بسبب صفته كصحفي وكمراسل لأكثر الفضائيات العربية انتشاراً دون أن يقلل من أهمية ذلك. "أعرف أهمية الإعلام وأهمية الجزيرة ولكن اعتقد أن الذي حصل هو فرصة لتصحيح هذا السلوك لأنه كان من الصعب جدا إثبات أن المواطنين تعرضوا لسلوك عدواني ولكن الحادث الذي حصل معي من الصعب إنكاره واعتقد أن تصحيح سلوك التعامل مع المتظاهرين مطلوب من الدولة،و في إطار عنف الأجهزة الأمنية تبرز قضية التعامل بالسجون فهناك القضية التي أثارها المركز الوطني لحقوق الإنسان منذ 3 سنوات تقريبا وهي التعامل مع أشخاص ثبت جرمهم في قضايا قتل ومخدرات وأناس صدرت بحقهم أحكام قطعية، والآن قضايا السجون من أولى الأولويات التي يجب متابعتها، ولا بد من جهود كبيرة لتحويل الموقف السياسي لسلوك يومي وهذا الموضوع ليس سهلا وبنفس الوقت ليس مستحيلا، فهو بحاجة لقدرات كبيرة للتثقيف والتدريب وعلينا أن نتذكر أن بلدنا بلد نام وديمقراطي بحسب الإحصاءات".
ويرى أبوهلالة أن السترات والخوذ هي إحدى الحلول ولكنه ليس الوحيد. ويعتقد أن "المسالة تراكمية وتحتاج إلى ثقافة وخبرة وتقاليد، واعتقد أن المسالة طريق في اتجاهين، فهناك ثقافة التظاهر وهناك ثقافة التعامل مع التظاهر وكما لوحظ بعد أحداث السفارة في الرابية كان هناك أيضا أحداث مشابهة بالنرويج ولندن حيث كان المتظاهرين يريدون إيصال صورة أنهم يريدون تكسير السفارة الإسرائيلية".











































