أبناء غير الأردنيين في مدارس الحكومة... نار الشروط ولا نار الحرمان

الرابط المختصر

ما تزال دراسة أبناء غير الأردنيين في المدارس الحكومية الأردنية في طور الدراسة والنظر من قبل الجهات المعنية، ويتوقع أن تصدر رئاسة الوزارة بالقضية قرارا فصلاً مطلع الشهر المقبل.وكان قد صدر قرار من وزارة التربية والتعليم منذ فترة يسمح لأبناء الأردنيات وأبناء غزة وكل أجنبي لديه إقامة بالدراسة في مدارس الحكومة شرط تصويب أوضاع إقامتهم، فبدون حصولهم على إقامة شرعية داخل الأردن لا يسمح لهم أبداً بالتسجيل في المدارس، وحينما يسمح لهم تستوفى منهم رسوما تفوق الرسوم التي يدفعها المواطنون الأردنيون.

ومؤخرا خاطبت وزارة التربية والتعليم رئاسة الوزراء والجهات المختصة بهذه القضية، وحتى الآن لم يصدر أي قرار فيها، وقد أكد الناطق باسم وزارة التربية والتعليم أيمن بركات أن "القرار قريب، ومتوقع بداية الشهر القادم".

ومع ذلك يعرف الجميع أن الوافدين والمقيمين سواء عرب أو غيرهم من مستثمرين أو رجال أعمال أو غير ذلك لم يتأثروا أبداً بالسماح أو عدمه، طالما أن لديهم القدرة المالية على تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، لكن الذين تأثروا بهذا القرار هم الفقراء من وافدين عاملين وغير عاملين من الذين لا يكادوا يوفرون لقمة يومهم، فجاء القرار ليطالبهم بالرسوم المرتفعة لقاء دراسة أبنائهم في المدارس الحكومية.

منظمات حقوق الإنسان في الأردن عملت على القضية منذ فترة طويلة، وكما بدا فإنها وجدت الأمر قد حُلّ طالما "اشترط وجود الإقامة" سواء لأبناء الأردنيات أو لأبناء الأجانب غير الأردنيين، واعتبرت ذلك إنجازاً.

ومع ذلك فقد أكد الناطق الإعلامي في المركز الوطني لحقوق الإنسان محمد الحلو أن المركز لم يتلق أي شكوى من غير الأردنيين فيما يتعلق بالسماح لهم بالدراسة في المدارس الحكومية، وكانت الشكاوى الأكثر من قبل الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، وقال "كان المركز قد تلقى إخطارات ومناشدات من الأردنييات المتزوجات من اجانب مفادها عدم سماح التربية لأولادهن الدراسة في المدارس الحكومية، ونحن بدورنا كان لنا موقف واضح تجاه هذا الموضوع، وقمنا بمخاطبة وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية بصفتها الجهة المسؤولة عن إقامة الأجانب المتزوجين من أردنيات للسماح لأبنائهن بالدراسة في المدارس الحكومية، فالتعليم يعتبر حق من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور الأردني للمواطنين على حد سواء دون تمييز بينهم، بناءً على نص المادة 20 من الدستور الأردني، كما أن المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل أقرت لهم حق التعليم، وأخطرتنا وزارة التربية والتعليم بعدها بأن لا مانع لديها بالسماح لهم شرط تصويب أوضاعهم القانونية بمعنى الحصول على الإقامة القانونية من وزارة الداخلية".

قد لا تكون قضية أبناء الأردنيات حُلت بشكل كامل، إلا أن المركز الوطني اعتبر الأمر تم بتوفر شرط الإقامة، واعتبر الحلو ان قضية أبناء الأجانب أمر ليس من اختصاص حقوق الإنسان "ما يهمنا في القضية هو النواحي الإنسانية وما حث عليه الدستور والاتفاقيات الدولية، ونحن ننظر الى الموضوع نظرة شمولية وطالما أن التعليم متوفر للجميع داخل الأراضي الأردنية فالأمر تمام، وليس من اختصاصنا النظر في قضية المعاملة بالمثل فالأردنيين المقيمين خارج الأردن ربما لا تتاح لهم الدراسة في المدارس الحكومية بالدول التي يقطنون فيها".

ووجد الحلو أن قضية رفع الرسوم المستوفاة من أبناء الأجانب يمكن بحثها مع وزارة التربية والتعليم، إلا أن "عملية أخذ رسوم تفوق الرسوم المستوفاة من الأردنيين لا ينفي صفة إتاحة التعليم لهم، فتكلفة التعليم في الأردن عالية جدا والحكومة تتولى عملية دعم هذا التعليم، وكثير من الأجانب يدرسون داخل المملكة في المدارس الخاصة ولم نتلق أية شكوى من الأجانب المقيمين في الأردن بوجود اي مشاكل تواجههم في تدريس أبنائهم".

لكنه بذات الوقت لم ينف أن حق التعليم يحرم من ليس لديه إقامة شرعية على الرغم من قوانين حقوق لإنسان، واللاجئون الذين يعيشون داخل المجتمع الأردني يحرمون هذا الحق أيضاً "طالما هم يحملون صفة اللجوء فهنالك أمر قانوني أن يستوفوا شرط الإقامة ليدرسوا في مدارس التربية والتعليم، فإذا كان لاجئا داخل المخيمات فعلى اليونيسيف والمفوضية السامية للاجئين توفير التعليم لأبنائهم، أما إذا كانوا لاجئين خارج المخيمات وداخل المجتمعات بدون توفر شرط الإقامة فلا فرصة لهم للدراسة في المدارس الحكومية"

الأردن وقع عدداً من الاتفاقيات من بينها اتفاقية حقوق الطفل والتي تكفل حق التعليم لكل طفل على الأرض الأردنية باعتباره حقا مطلقا بغض النظر عن جنسية الطفل أو شرعية إقامته، لكن تلك الاتفاقية فيما يبدو لا تطبق إلا بقوانين تخضع لرغبات الحكومة، فهذا الحق لا يسري سوى "بشرط الإقامة" واستيفاء الرسوم، واللاجئون الطبع لا يُشملون بهذا الحق.

ويؤكد مدير المرصد الأردني للتنمية وحقوق الإنسان طالب السقاف الكلام بقوله "الأردن وقع اتفاقية مكافحة التمييز في التعليم منذ عام 1966، وبموجب هذه الاتفاقية يحظر أي تمييز في فرص التعليم بين المواطنين والاجانب حتى وإن كانت إقامتهم غير مشروعة داخل البلد".

ويتابع "نحن طالبنا أكثر من مرة من وزارة التربية ولتعليم ووزارة الداخلية أن لا تعلّق التحاق هذه الفئة بالمدارس سواء الحكومية او الخاصة إلى موافقات من جهات أمنية معينة، لأن هذا يتعارض بشكل صارخ مع حقوق الإنسان وخاصة حقوق الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي، التي ينبغي أن لا تتأثر بأوضاع الإقامة والجنسية، وسبق أن استجابت الوزارة في سنوات سابقة بأنها لم تشترط موافقة جهات امنية على استكمال طلاب المرحلة الأساسية الدراسة، أو دخولهم المدارس الحكومية لأول مرة، لكن من جديد نتفاجئ أن هناك تعليمات تنص على ضرورة حصولهم على هذه الموافقات، التي غالبا ما تكون صعبة الصدور".

كما وقع الأردن عددا من الاتفاقيات والمواثيق التي تقضي بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومع ذلك فقانون الجنسية الأردني لا يعطي صلاحية منح أبناء وزوج الأردنية المتزوجة من غير أردني الجنسية الأردنية، الأمر الذي يصعب الأمر على هؤلاء النساء أكثر.

وكان قد صدر قرار لمجلس التعليم العالي لسنة 1996 مضمونه (أن يعامل أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين اللواتي يحملن دفتر عائلة أردنياً معاملة الطلبة الأردنيين من حيث أستيفاء الرسوم في الجامعات الأردنية، وقد كان لا يحق للمرأة الأردنية المتزوجة من أجنبي الحصول على دفتر عائلـة، إلا أنه تم تعديل التعليمات الخاصة بالأحوال المدنيـة بتاريـخ 12/12/1966، حيث أصبح من حق الأردنية المتزوجة من أجنبي الحصول على دفتر عائلة بعد تسجيلها في السجل المدني كربة أسرة مستقلة مع الاشارة الى جنسية زوجها، إلا أن التعليمات المذكورة اشترطت عدم إضافة الأولاد إلى الدفتر وذلك لتبعيتهم جنسية والدهم.

أضف تعليقك