آراء حول الضربة العسكرية على سورية والموقف الأردني

آراء حول الضربة العسكرية على سورية والموقف الأردني
الرابط المختصر

لم يغب "قرع طبول الحرب" وبدء العد التنازلي للضربة العسكرية ضد سورية الذي تصدر عناوين الأخبار في مختلف وسائل الإعلام، عن أعمدة كتاب الرأي والمقالات في الصحف المحلية اليومية وبقوة، بل زاد صداه بما يتعلق بالجانب الأردني من هذه الضربة المتوقعة على الجار الشمالي للمملكة.

وكانت آراء كتاب الرأي متباينة حول طبيعة الضربة العسكرية وحجمها ومدى انعكاساتها، إضافة إلى الاختلاف حول الموقف الأردني منها، أو دوره فيها، وانعكاساتها على الداخل الأردني.

طبيعة الضربة العسكرية:

يشير الكاتب صالح القلاب إلى اعتقاد النظام السوري بأن الضربة ستمثل مجرد "دغدغة" عسكرية، و"رفع عتب" ستقويه بدلا من أن تضعفه.

إلا أن القلاب، وباستذكار مشهد إسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، يؤكد أن الضربة العسكرية ستدمر كل قواعد الصواريخ السورية وكل قواعد سلاح الجو السوري، فيما ستتمثل النتيجة السياسية بالتفاهم مع الروس على حلٍّ إنتقالي في سورية.

كما يستحضر الكاتب سلطان الحطاب الضربة الغربية للعراق، فـ"العالم انتهى من إعداد عملية ضرب سورية والولايات المتحدة اتخذت القرار خارج رحم الأمم المتحدة وبأسلوب شبيه بما فعلته في العراق حين أعدت تحالفاً دولياً لذلك".

ويستعرض الكاتب موسى شتيوي 3 سيناريوهات لهذه الضربة: الأول، ضربة عسكرية قوية تهدف إلى إضعاف القدرة الاستراتيجية للجيش السوري، والثاني، ضربة عسكرية ولكنها محدودة جداً، تهدف إلى إرضاء الحلفاء العرب والمعارضة السورية، وثالثها، ضربة عسكرية شاملة، يكون هدفها ليس عقاب النظام أو إضعافه، بقدر ما تهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري، وتمهيد الطريق للمعارضة لتسلم السلطة في سورية.

فيما يرى الكاتب طاهر العدوان أنه ليس من المعروف إن كان العمل العسكري هو عمليات قصف مختارة ومحدودة بصواريخ توما هوك تطلقها البوارج من البحر أم ان السيناريو سيكون مماثلا لما حدث ضد صربيا في التسعينات.

ويخلص الكاتب عريب الرنتاوي، بعد تأكيده على ضرورة انتظار نتائج التحقيق الدولي حول استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة، إلى أن سورية ستكون، "بعيد العراق وليبيا والسودان والصومال واليمن، قبل مطلع الأسبوع القادم، سادس ساحة تعربد في سمائها صواريخ الـ”توما هوك” وطائرات الشبح وكل أدوات القتل والدمار".

الموقف الأردني وقلق الأردنيين:

وكما حضر المشهد العراقي في تحليل عدد من الكتاب للضربة العسكرية على سورية، يعقد المحامي محمد الصبيحي مقارنة بين موقف الأردن إبان حرب الخليج الأولى على العراق، والموقف المحتمل من التدخل العسكري في سورية.

فالأردن رفض المشاركة رغم الضغوط الدولية في الحشد العسكري للهجوم على العراق، الموقف الذي دفع الأردن ثمنه طوال تسعينات القرن الماضي، بحسب الصبيحي.

إلا أن الوضع في سورية مختلف فليس هناك قرار أو تفويض من مجلس الامن بعمل عسكري ضد سوريا ويبدو أيضا أنه لن تكون هناك عمليات أنزال بري على الارض ومواجهة بين قوات نظامية، وعلى الأرض لاتبدو الحاجة ملحة لتدخل عسكري أردني في جنوب سورية

ويضيف الصبيحي "لا يوجد أي سبب يدفع القوات المسلحة الأردنية لاختراق الحدود باتجاه الشمال ولن يحدث ذلك إلا لأسباب إنسانية كإجلاء جرحى أو مساعدة مدنيين إن دعت الضرورة الى ذلك".

"فليس القلق على سورية من جنود الأردن وحدود الأردن، وإنما هناك خوف على الأردن من طيش النظام السوري ومن صاروخ نظام يائس في حالة سقوط وانتحار ويحاول أن يلعب ورقته الاخيرة بايذاء كل من حوله دون تمييز"، على حد تعبير الصبيحي.

كما يرى طاهر العدوان أن أكثر ما يثير قلق الأردنيين في الأيام الأخيرة هو احتمال استخدام النظام في دمشق أسلحته الكيماوية على نطاق واسع داخل سورية وعبر الحدود، خاصة وأن وزير الخارجية السوري قد أعلن في بداية العام أن دمشق ستستخدم السلاح الكيماوي إذا ما تعرضت لعدوان خارجي.

ويشير الكاتب حسين الرواشدة أن الأردن أمام اضطرار “التكيّف” مع الموقف الدولي “الغربي والاقليمي تحديدا”، الأمر الذي تفرضه الجغرافيا، حيث إن ما يحدث في سورية وضع الاردن في دائرة (الخطر)، إضافة إلى ما تفرضه التحولات السياسية في المنطقة، حيث يحاول الأردن التوفيق بين الالتزام (بالموقف الغربي الاقليمي المتحالف ضد النظام) وبين المصالح الاردنية التي تفرض عليه عدم الانجرار الى حرب "ربما تكون دولية".

ويمكن للموقف الرسمي، بحسب الرواشدة، أن يبحث عن (مواقف) تنسجم التطلعات والانطباعات الشعبية، ومع الاستحقاقات السياسية والدولية في اطار يقوم على: التنسيق مع المجتمع الدولي للضغط على النظام ومعاقبته، والإصرار على عدم الانخراط في العملية العسكرية مهما كانت الضغوطات، ووضع كل التدابير اللازمة لحماية الأمن الأردني والحفاظ على استقراره، إضافة إلى ضرورة التواصل مع حلفاء (النظام) كايران وروسيا لتوضيح الموقف الاردني وتأمين (تفاهمات) سياسية، وبعد ذلك الاستعداد لما بعد (الضربات العسكرية) سواء على الصعيد السياسي أو الميداني.

ويخلص طاهر العدوان إلى أن الأردن الرسمي قد جهز نفسه للتعامل مع السيناريوهات المختلفة، سواء من الناحية الأمنية أو في مواجهة احتمال حدوث تدفق هائل للاجئين، لأن الصراع السوري ظل ولا يزال هاجسا أمنيا وفي مقدمة أجندة واهتمام القيادة الاردنية  لان الاردن هو المتأثر الأكبر من تداعياته.

ويسلط الكاتب فهد الخيطان الضوء على موقف الملك عبد الله الثاني من الأزمة السورية منذ بدايتها، وعدم "خسارته لرهاناته حيال الوضع هناك، ومآلات النظام السوري؛ ولا يتوقع أن يخسرها بعد الضربات الغربية الوشيكة، مشيرا إلى قناعة الملك بأن بأن الصراع في سورية طويل ومعقد.

كما أن الملك، بحسب الخيطان، أول من توقع أن يأخذ الصراع في سورية منحى طائفيا، ينتهي بالتفكيك والتقسيم؛ نظرا للطريقة التي يدير بها النظام السوري المعركة مع المعارضة، والنهج الكارثي التي سلكته المعارضة السورية وبعض الأطراف الإقليمية الداعمة لها، إلى أن صراعا معقدا ومركبا كحالة سورية، يتطلب ديناميكية سياسية تتجاوز المواقف السطحية والانحيازات الحادة.

أضف تعليقك