آراء: الحدث المصري وانعكاساته الأردنية

آراء: الحدث المصري وانعكاساته الأردنية
الرابط المختصر

تستمر أصداء الحدث المصري مع تسارع تطوراته بالتردد بين أعمدة مقالات الصحف اليومية الأردنية بشكل ملحوظ، خاصة مع انعكاسه على الشارع الأردني وتنفيذ الحركة الإسلامية لاعتصام أمام السفارة المصرية تأييدا لـ"شرعية" الرئيس المصري المعزل محمد مرسي.

مبدئيا، يسجل الكاتب المختص بشؤون الجماعات الإسلامية إبراهيم غرايبة على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية السياسية، انتقالها من رسالتها الدعوية والإصلاحية إلى المشاركة السياسية، مشيرا إلى أنها لو تركت لأعضائها أن يشتركوا في أي حزب سياسي أو أن يشاركوا في العمل السياسي والعام ضمن المداخل السياسية المتاحة بعيدا عن الوصاية، فإنها كانت ستجعل من التدين مرجعية أساسية موثوقة.

ويوضح الغرايبة في مقاله بصحيفة الغد بأن الحديث عما بعد الإخوان المسلمين ليس المقصود به زوالهم وانقراضهم.. ولكن أن يعيدوا النظر ويراجعوا سياساتهم ومواقفهم وأفكارهم وطريقتهم في العمل..

تداعيات الحدث أردنيا:

ويشير الكاتب باتر وردم إلى أنه من السابق لأوانه محاولة تقييم تأثيرات الأحداث المتلاحقة في مصر على المشهد السياسي الأردني، خاصة مع التسارع الشديد في التطورات في مصر، إلا أنه يستعرض ثلاثة توجهات رئيسة قد تؤثر على المشهد السياسي الأردني وخاصة أن التركيبة الفكرية والتنظيمية لإخوان الأردن قريبة جدا من إخوان مصر.

"السؤال الأول، بحسب وردم، “هل يستفيد إخوان الأردن من الدرس المصري”؟ وهذا كان يتعلق في سياسة إخوان مصر في الاقصاء السياسي ومحاولة فرض نمط تفكيرهم على المجتمع إضافة إلى سوء إدارة الدولة، رد فعل قادة الاخوان الأردنيين في الساعات الأولى اثبت عدم استيعاب اي درس بل التركيز على وجود “مؤامرة خارجية” وانقلاب على الشرعية...الخ

والتأثير الآخر يتعلق بصناعة القرار الرسمي حيث كان هنالك مسحة من التفاؤل بأن “لحظة الحقيقة” التي قدمها الشعب المصري في رفضه لحكم الاخوان وتدهور شعبيتهم قد تكون مناسبة للبدء في مسار إصلاحي منفتح في الأردن يتحرر من “بعبع الإخوان” ويتعامل معهم كتيار سياسي ذي تأثير محدود

أما التأثير الثالث فيتعلق بالقناعات السياسية والاجتماعية. مع اصطفاف معظم المؤمنين بدولة مدنية ديمقراطية إلى جانب “الانقلاب العسكري-الشعبي!” في مصر فإن المواجهة ما بين الفكر الديني والفكر العلماني-المدني سوف تزداد.

ويخلص الكاتب إلى ضرورة "أن نحترم خيارات الشعب المصري وندعو لهم بتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر وأن ندرك الأخطاء ولا ننقلها إلى الأردن.

وفي السياق، ينتقد الكاتب ماهر أبو طير دعوة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين د. همام سعيد للمصريين في الأردن إلى التظاهر أمام السفارة المصرية في عمان، وأمام القنصلية المصرية في العقبة، مشيرا إلى أن "المراقب العام يريد أن يشبك الجبهات ببعضها البعض أي مصر والأردن، مع ظلال لشبك آخر يتعلق بالجبهة السورية".

ويصف أبو طير تصريحات المراقب العام بالمحرجة والمؤذية للمصريين في الأردن، "لأن تدخل المصريين في الأردن عبر إبداء موقفهم إزاء أزمة بلادهم في بلد عربي آخر لن يحتمله أحد، وقد يؤدي إلى إجراءات سلبية تجاه الأشقاء المصريين في الأردن.

ويؤكد على خطورة فكرة نقل الصراع في مصر إلى الأردن، باعتبار أن الأردن ساحة من الساحات، وهي ذات الفكرة التي نراها على الصعيد السوري حين يتورط أشقاء سوريون بالتعبير السلبي أو الإيجابي تجاه نظام الأسد في عمان.

وتقرأ الكاتبة رنا صباغ "مشاعر الفرح، وربما الشماتة، في أروقة صنع القرار الأردني بعد تعرض تجربة الإسلام السياسي في الحكم لهزات متتالية كان آخرها في مصر؛ مشيرة إلى أن هنالك أصوات رسمية تتجه إلى الاعتقاد بأن الفرصة باتت مواتية لاستثمار التحولات في مصر لإقصاء إخوان الأردن بعد مقاطعتهم للانتخابات النيابية".

وترى صباغ بأن هنالك عوامل قد تكون مقنعة لصاحب القرار هنا لحثه على ضرب ما تبقّى من نفوذ "الإخوان"، مؤكدة بأن ذلك سيكون خطأ استراتيجيا كارثيا في حال رجحت الكفّة المطالبة "بقص أجنحة الإخوان"، إذ إن العكس هو الصحيح.

"فتجربة الإخوان في السلطة توفر فرصة نادرة لإحداث اختراق في عملية الإصلاح السياسي البطيء والمتعثر في الأردن، وإعداد أجندة جديدة للإصلاحات، تراعي المستجدات، وتتكيف مع المتغيرات؛ قوامها قانون انتخاب جديد وقوائم حزبية، وانتخابات تشريعية مبكرة تجلب الحد الأدنى من التوافق الوطني المطلوب".

وتؤكد صباغ أن الإخوان جزء من النسيج الأردني والعربي، وما تزال "الجماعة" تمتلك، مع تيارات الإسلام السياسي، رصيدا كبيرا في الشارع، موضحة بأن أي محاولة لحشرهم في الزاوية، في مصر أو الأردن، قد تدفع بالمتشددين منهم إلى العمل السري لضرب رموز الدولة ومؤسساتها السيادية، وتبنّي خيار العنف، كما هي الخشية اليوم في مصر.

فيما يستشف الكاتب فهد الخيطان من عبارات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل “اللهم احفظ مصر آمنة ومستقرة، فالأردن لم يعد يحتمل”، دلالة استقبال الأردن لأكثر من نصف مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة هناك، وكان قد احتضن ضعف هذا العدد من الأشقاء العراقيين قبل سنوات، كما تشي بإحساس قطاعات واسعة من الأردنيين بأهمية حالة الاستقرار “النسبي” في البلاد، والتي تكتسب قدرا أكبر من الأهمية عند مقارنة الوضع في الأردن مع بلدان الجوار العربي.

ويشير الخيطان إلى أن تدهور الحالة في مصر، يمنح الأردن مكانة أكبر على المستوى الدولي، ويجعله البلد الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في إدارة أزمات المنطقة، والحليف الموثوق من طرف الولايات المتحدة في التعامل مع الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والأزمة في سورية، وربما يرفع ذلك من درجة الاهتمام بضرورة مساعدة الأردن اقتصاديا، كي يتمكن من الصمود في مواجهة عواصف تجتاح المنطقة.