«موضة الانتحار» في الاردن!!
باتت مهمة الحكومة اليومية ، واجهزة الدولة المختلفة ، ملاحقة المواطنين ، وانزالهم من فوق العمائر وخزانات المياه ، وابراج الارسال ، كي لا ينتحروا ، وهي مهزلة جديدة ، توتر الرأي العام ، وتكشف حجم الهشاشة والمبالغة التي يغرق بها بعضنا.
ما معنى ان يصعد انسان لينتحر من فوق عمارة لانه لم يجد وظيفة ، ويصعد فوق خزان مياه ، لمشكلة تتعلق بانتقاله من مكان عمله الى مكان آخر ، او ان يصعد فوق برج ارسال ، ليهدد بالقفز ، لاي سبب كان ، وغدا ستظهر نتائج التوجيهي ، وعلى اساس الموضة الجديدة ، علينا ان نجهز ربع مليون شرطي ، لمحاصرة خمسين الف عمارة محتملة كمواقع لانتحار الطلبة الراسبين ، وقد نضطر ان يقوم وزير التربية والتعليم بجولة على العمائر المستهدفة ، لاقناع الفاشلين ، بالنزول ، وقد يغريهم بشهادات معدلة النتائج ، وفي احسن الحالات قد يعرض عليهم انتحارا جماعيا ، لتبرير فشلهم ، من فوق مبنى وزارة التربية والتعليم.
نتفهم ، دور الاجهزة المعنية التي تسعى لانقاذ مواطن من الموت ، كما دفاع مدني صويلح الذي انقذ قطة ، قبل ايام ، من الموت ، وهو جهد مقدر يستحقون الاحترام عليه ، غير ان التهديد بالانتحار كموضة جديدة ، يوجب اتخاذ اجراءات رادعة ، وعلى حد وصف الزميل رمزي الغزوي ، في مقاله قبل ايام ، فانه يريد ان نترك مواطنا واحدا ليكمل انتحاره ، حتى يتعلم الاخرون ، بدلا من هذه "الغنوجة" واشغال البلد ومؤسساته ، في حكايات تافهة ، الحكم الشرعي فيها واضح ، بكون الانتحار حراما شرعا ، وعلى هذه فان التشريعات يجب ان تعدل في باب العقوبات على من يشغل الاجهزة الرسمية ، عن عملها الاساس ، بحيث يعاقب الذي يهدد بالانتحار ، ليكون عبرة لمن لا يعتبر ، ولمن يتسبب بايذاء مشاعر الناس ، في بلد برغم مشاكله لم يصل بعد الى المرحلة التي يصبح فيها القفز من اسطح العمارات هو الحل الوحيد للمشاكل ، التي نعرفها كلنا.
يسأل مغتربون اردنيون وعرب ، عبر مكالماتهم الهاتفية عما يجري في الاردن ، جراء حالات الانتحار عبر القفز ، وتخجل في اجاباتك لكنك تقول ان هذه حالات معزولة ، وصارت موضة ، يتبارى اشخاص هنا وهناك في اذكائها ، رغم انها لا تؤشر الا على مشكلة في الشخص ذاته ، لان الانتحار محرم ، ومشاكل البلد لم تصل الى مرحلة يصبح فيها مطلوبا من الانسان ان يقفز من فوق برج ارسال ، وعلى حد تعبير زميل صحافي كويتي قال.
"ان من عنده وقت ليصعد فوق برج ارسال ، ويمتلك القدرة والذكاء لذلك ، قادر على البحث عن وظيفة ، او تسديد ديونه".
وهو كلام ذكي يصطاد اللحظة ، ويفسر المشهد بطريقة مختلفة.
يكون مفهوما ان يحتج الانسان احيانا ، كذاك المواطن الشهير في احدى قرى شمال المملكة ، الذي بدأ بخلع ملابسه امام المارة احتجاجا على مخالفة سير ، اما الانتحار فهو محرم ، كما انه فعل غير حقيقي ، ففي جميع الحالات نزل الذين يهددون بالانتحار ، ولم ينتحروا ، لانهم لا يريدون الانتحار فعليا ، ويريدون الشوشرة فقط ، حتى وصلنا الى مرحلة بات فيها الموظف يهدد بالانتحار اذا تم نقله ، او لم يتم نقله ، ومثل هؤلاء الذين شوهوا سمعة البلد خلال الشهور الماضية ، يتوجب اتخاذ اجراءات بشأنهم ، خصوصا ، ان الذي يريد ان ينتحر ، فعليا ، لا ينتظر الشرطة والدفاع المدني لخوض مفاوضات معه ، وهو فوق العمارة او الخزان او برج الارسال.
ما دامت هذه الموضة اصبحت سارية اقترح على القطاع الخاص ، ان يستثمر في الانتحار ، فيعلن عن تأجيره لاسطح عمارات مرتفعة ، للقفز عنها ، خصوصا ، ان نتائج التوجيهي على الابواب ، وبهذه الفرصة ، نمنهج الانتحار ، ونجعله مجديا ، لقطاعات مختلفة ، وحتى نسمع عن مبادرة لخصخصة الانتحار ، ندعو الله ان يرد العقل على اصحابه.
اتركوا واحدا يقفز حقا ، ولن تجدوا بعده احدا يحاول الانتحار!!.











































