«حقوق الإنسان» يؤكد تعرض المسنين لانتهاكات
أعلن أمس المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريره الأول حـول أوضاع المسنين في الأردن لعام 2008 شدد فيه على ضرورة تجريم ومساءلة من يعتدي بالعنف على المسنين سواء كانوا الأبناء أو من هم مسؤولون عن رعايتهم.
وحث التقرير، الذي أعدته المحامية كرستين فضول، على السعي إلى توفير الحماية القانونية والإنسانية نيابة عن المسنين، ومعالجة حالات العنف داخل مؤسسات الرعاية أو ما يتعرضون له من قبل الآخرين.
وبين التقرير أن المسنين يتعرضون لانتهاكات متشابهة تتركز في محورين: الاستغلال الاقتصادي والعنف النفسي والمعنوي.
وأوضح أن الهدف الأساسي من إنشاء دور الرعاية وإيواء المسنين هو حماية من لا سند لهم وتقديم خدمات صحية واجتماعية ونفسية مناسبة، ولكن واقع الحال يشير إلى إن الكثير من المسنين انتهى بهم الأمر إلى وجودهم القسري في هذه الدور بسبب عقوق الأبناء أو عدم رغبة الأقرباء أو الأنسباء بوجودهم ضمن إطار العائلة.
وسجل فريق المركز الذي زار دور رعاية المسنين في الفترة من 14 حزيران - 9 تموز من العام الماضي، ملاحظات تقييمية حول أوضاعهم أبرزها عدم قدرة المسنين على مقاضاة المسيء لهم إما بسبب الجهل وعدم المعرفة أو بسبب عدم القدرة المادية والصحية على متابعة القضية.
ومن الملاحظات عدم تجريم أو مساءلة المقصرين شرعا وقانونا بحق آبائهم، حيث تفتقر النصوص التشريعية الأردنية لمساءلة العنف الموجه من الأبناء تجاه آبائهم، علما أن هناك العديد من دول العالم التي تدين من يترك والديه دون سبب مرضي ومقبول.
وتبين للفريق أن ثمة وجود بعض المسنات اللواتي لم يقم أحد بزيارتهن أو السؤال عنهن إلى فترة تزيد عن (24) سنة وحتى وفاتهن، ما يسبب العنف المعنوي والنفسي الذي وقعه اشد على المسن من العنف الجسدي.
ولاحظ الفريق تعرض بعض المسنات لاستغلال اقتصادي ومعنوي، فقد تنازلت إحداهن عن المنزل الذي تقيم فيه نتيجة التحايل من قبل أبناء عمها، وأخرى احتصل زوجها على قرار وصاية من المحكمة بسبب حالتها النفسية غير المستقرة، ووضعها اثر ذلك في دار المسنين بعيدة عن أبنائها القاصرين، ولكن أبناءها بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة من عمرهم اخرجوا والدتهم من دار المسنين بعد قضائها سنوات طويلة من المعاناة والحرمان.
ويبلغ عدد دور المسنين للقطاعين التطوعي والخاص (11) مؤسسة عاملة ترخص من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، تدار من قبل الجمعيات التطوعية أو القطاع الخاص.
وتبلغ كلفة إقامة المسن في الدور التابعة للقطاع الخاص من (200) إلى (1000) دينار شهريا، أما كلفة إقامة المسن في الدور التابعة للقطاع التطوعي فتتراوح ما بين (120-170) دينارا شهريا، وتستقبل المسنين الفقراء بعد التأكد من وضعهم الاقتصادي دون أي مقابل مادي.
وبلغ عدد المسنين المستفيدين من خدمة هذه الدور خلال فترة الزيارة (302) أشخاص من الذكور والإناث.
ورغم أن قانون الشؤون الاجتماعية والعمل رقم (14) لسنة 1956 كان قد حث على إنشاء وتمويل وإدارة مؤسسات تحقق أهداف الوزارة مثل مراكز الرعاية الخاصة بالمسنين، إلا انه لم يتم إنشاء أي مؤسسة حكومية لهذه الغاية منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وجل عمل وزارة التنمية الاجتماعية في هذا المجال الأشراف غير المباشر على هذه الدور عبر التنسيق والتعاون في مجال تغطية نفقات من يتم تحويلهم عن طريقها.
أما من الناحية الصحية، بخلاف ما نص عليه قانون الصحة العامة المؤقت وتعديلاته رقم (54) لسنة 2002 الذي يؤكد في المادة (4/7) على ضرورة تنفيذ البرامج المتعلقة بالأنشطة الصحية.
فلم يجد المركز الوطني لحقوق الإنسان أي برامج صحية توفرها الوزارة لهذه الفئة من المجتمع، كما انه لا يوجد أي مؤشر ملموس للأشراف الصحي على الدور من قبلها.
وفيما يتعلق بالحق في التأمينات الاجتماعية، فقد أشارت تعليمات المعونات المالية رقم (4) لسنة 2007، إلى أن المسن غير المقتدر يستحق ما قيمته (40) دينارا كمعونة مالية شهرية.
ولفت التقرير إلى أن مستوى الخدمات الايوائية يتراوح بالنسبة للنظافة العامة والشخصية والمتعلق بالمنتفعين والبيئة المحيطة بهم ما بين درجة مقبول إلى درجة جيد، آخذين بالاعتبار حاجة المسنين المستمرة لمتابعة النظافة الشخصية لهم، وعدم قدرتهم على الاعتماد على أنفسهم في الكثير من الحالات.
وأشار إلى عدم وجود برامج ترفيه أو أنشطة للمسنين باستثناء مشاهدة التلفزيون، علما بأن معظم المستفيدين يعانون من الكآبة النفسية، ما يتطلب التركيز على توفير العلاج النفسي المتخصص لكبار السن.
وتبين لفريق العمل أثناء زيارة إحدى دور المسنين أنها غير ملتزمة بشروط وتعليمات دور المسنين، فقد تم مخاطبة وزارة التنمية الاجتماعية بتاريخ 26 /7 /2008 التي بدورها تابعت أوضاعها وإغلاقها وفقا للقانون.
ويوصي المركز بنشر الوعي بحقوق المسنين وتهيئة المجتمع للتعامل مع هذه الفترة من عمر الإنسان، وبربط رواتب المتقاعدين بالتضخم الاقتصادي لتحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي لهم، وتشجيع العمل التطوعي لرعاية المسنين.
والتأكيد على إيجاد البيئة المهيأة والملائمة، وتطبيق شروط السلامة العامة وتطوير قاعدة الخدمات المقدمة لهم مثل توفير العلاج الطبيعي، والخضوع لبرامج الإرشاد النفسي.
ووجه المركز توصيات إلى المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية، طالبت بتأطير العلاقة بين القيم الدينية والجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، التي تحكم التفاعل بين أفراد المجتمع لما لها من أثر على رعاية المسنين.
وبخصوص كادر دور رعاية المسنين فإن عددهم بلغ (140) عاملا وعاملة خلال فترة الزيارة، وهو عدد يتناسب مع عدد المسنين المنتفعين من خدمات دور الإيواء الخاصة بهم بنسبة (1 إلى 3)، وينسجم مع المعايير الدولية.
أما بالنسبة لخصائص ومواصفات العاملين في هذه الدور فليس هناك معايير واضحة للكادر الوظيفي العامل فيها من حيث التدريب و المؤهلات العلمية، ولا يخضع معظم العاملين فيها إلى تدريب متخصص في مجال رعاية وحماية كبار السن، وغالبيتهم بدون مؤهلات علمية.
وحول بيئة دور الرعاية فقد سجل التقرير عدم توفر مكتبات في للمطالعة أو لغايات التثقيف العام والتثقيف الديني، عدم توفر ساحات أو حدائق للتشميس في معظمها، ولا تتسع القاعات الداخلية عادة لاستيعاب ربع عدد الموجودين في الدار.
وعدم تناسب عدد المرافق الصحية (الحمامات) مع عدد الغرف والطاقة الاستيعابية للمستفيدين من خدمة هذه الدور وخاصة في دور القطاع الخاص.
عدم تهيئة المكان لاتاحة الاستخدام السهل، فمثلا لا يتوفر في بعض الدور مقابض لكبار السن في الممرات لتفادي خطر الانزلاق.
ومعظم المباني بحاجة إلى صيانة دورية ومتابعة دائمة، ويسمح بالتدخين في دور المسنين، ما يعتبر عائقا صحيا للمدخنين ولغير المدخنين وخطرا على السلامة العامة.











































