مصر وإسرائيل على حافة الحرب: عقيد أمريكي

الرابط المختصر

في أعقاب تحريك الجيش المصري لنحو 40 ألف جندي في سيناء، سلطت تقارير الضوء على تصريحات العقيد الأمريكي المتقاعد دوغلاس ماكغريغور في مارس الماضي من احتمال استعداد مصر لعمل عسكري محتمل ضد إسرائيل، مع استهداف محتمل لأنظمة الدفاع والمعدات الهجومية. تحليلات سياسية وعسكرية تشير إلى أن التصريحات قد تمهد لفرض عقوبات أمريكية أو تحذيرات داخلية للرئيس ترامب بشأن مخاطر تصعيد الشرق الأوسط.

بعد أيام من التصريحات الرسمية التي أكدت تحرك الجيش المصري نحو 40 ألف جندي في شبه جزيرة سيناء، أثارت تصريحات سابقة للعقيد الأمريكي المتقاعد دوغلاس ماكغريغور موجة من التساؤلات والتحليلات بشأن نوايا القاهرة العسكرية تجاه إسرائيل. ففي مقابلة في مارس الماضي، أشار ماكغريغور إلى وجود مؤشرات على استعداد مصر لشن عملية عسكرية محتملة، موضحًا أن أي تحرك من هذا النوع قد يركز على استهداف أنظمة الدفاع الإسرائيلية والمعدات الهجومية، مع توقع تحرك سريع للقوات المصرية حول المنطقة الجنوبية من قطاع غزة باتجاه تل أبيب، في سيناريو يُبرز حجم التخطيط العسكري المصري ودرجة جاهزيته.

وتحمل تصريحات العسكري الأمريكي أكثر من بعد، وفق محللين، فهي ليست مجرد قراءة تكتيكية لموقف عسكري محتمل، بل تبدو أيضًا جزءًا من معادلة سياسية أوسع. البعد الأول يتعلق بالجانب الأمريكي المباشر، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن الولايات المتحدة قد تكون بصدد تمهيد الأرض لتبرير فرض عقوبات محتملة على مصر، من خلال ترويج سيناريوهات تتعلق بتصعيد محتمل بين القاهرة وتل أبيب. هذا النهج قد يتيح لواشنطن فرصة رسم صورة لما يُعتبر تهديدًا للأمن الإقليمي، وربما تبرير خطوات دبلوماسية أو اقتصادية لاحقة.

أما البعد الثاني، فيرتبط بالتحذيرات الداخلية داخل الولايات المتحدة، إذ يبدو أن هناك أصواتًا تسعى لتنبيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول المخاطر التي قد تنجم عن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنطقة. ويخشى بعض المحللين أن تصرفات نتنياهو، سواء على مستوى فتح المعابر أو التحركات العسكرية المحتملة، قد تؤدي إلى توترات واسعة في الشرق الأوسط، وهو ما يتعارض مع مصالح واشنطن ويهدد استقرار المنطقة. في هذا السياق، تأتي تصريحات ماكغريغور كإشارة مزدوجة، تجمع بين التحليل العسكري المباشر والإيحاء السياسي الموجه إلى صناع القرار الأمريكي.

المصريون يستعدون لاجتياح إسرائيل؟

وقال العقيد الأمريكي المتقاعد دوغلاس ماكغريغور، الذي شغل مناصب استشارية مهمة في البنتاغون خلال فترة إدارة ترامب، إن هناك مؤشرات على استعداد مصر لعمل عسكري محتمل ضد إسرائيل. وأوضح ماكغريغور أن مصر حشدت عشرات آلاف الجنود في شبه جزيرة سيناء، مشيراً إلى أن القوات المصرية قد تستهدف أنظمة الدفاع الإسرائيلية والمعدات الهجومية، وتتحرك حول المنطقة الجنوبية من قطاع غزة باتجاه تل أبيب. كما أشار إلى احتمالية أن تمتد المواجهة لتشمل دولاً عربية وإقليمية أخرى، مثل الأردن وسوريا وتركيا وإيران، في حال تطور النزاع.

 

وحذر العقيد الأمريكي من أن الخطوات الأخيرة لإسرائيل، مثل قطع المساعدات والكهرباء عن غزة، قد تثير الغضب المصري وتزيد من احتمالات المواجهة المباشرة. ورغم ذلك، لم يصدر أي بيان رسمي من الجانب المصري يؤكد أو ينفي هذه التحليلات، لكن إسرائيل تعاملت معها بجدية خاصة، نظراً لما اعتبرته تصاعد الغضب الشعبي العربي والإقليمي تجاه سياساتها.

وأكد اللواء الدكتور سمير فرج، المفكر الاستراتيجي والمدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، أن القوات المصرية الموجودة في سيناء موزعة وفق اتفاقية السلام مع إسرائيل على ثلاث مناطق: المنطقة (أ) بها قوات قتالية، المنطقة (ب) قوات حرس حدود، والمنطقة (ج) قوات شرطية. وأضاف أن أي زيادة في عدد القوات تخضع لتفتيش دوري من قبل بعثة الأمم المتحدة، وبالتنسيق الكامل مع الجانب الإسرائيلي. وبناءً على خبرته الطويلة، نفى اللواء فرج صحة ما ذكره ماكغريغور بشأن حجم القوات وإمكانية تحركها بشكل هجومي تجاه إسرائيل، مشيراً إلى أن كل ما يحدث في سيناء يندرج ضمن عمليات مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن.

وأقر اللواء فرج بأن القوات المسلحة المصرية قامت خلال السنوات الماضية بتعزيز قدراتها العسكرية وتنويع مصادر تسليحها، بعيداً عن الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة كما كان سابقاً. فقد حصلت مصر على أسلحة وفرقاطات من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا والصين، بهدف تأمين الحدود الأربعة للبلاد، خصوصاً في اتجاهات سيناء وليبيا والجنوب، دون أن يعني ذلك وجود نية هجومية ضد أي دولة. وأوضح أن السياسة العسكرية المصرية هي سياسة دفاعية بحتة، تهدف إلى حماية الأمن القومي، وليس شن عمليات هجومية، كما أنها تلتزم باتفاقية السلام مع إسرائيل منذ أكثر من أربعين عاماً.

 

كما شدد اللواء فرج على أن السيناريوهات التي أشار إليها ماكغريغور لا تعكس الواقع ولا تتماشى مع الفكر الاستراتيجي المصري، بل هي مجرد احتمالات نظرية ضمن تحليلات خارجية، ولا تستدعي أي بيان رسمي من وزارة الخارجية أو الجيش المصري. وأوضح أن التعاون العسكري والتدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة وإسرائيل يضمن فهم كامل لكافة تحركات الجيش المصري، وأن أي تقديرات مغلوطة من قبل مسؤول أمريكي سابق لا تؤثر على السياسات الحقيقية للقاهرة.

عسكرية ألعاب حربية

 

واختتم أن مصر لا تمتلك أي نية لشن هجوم على إسرائيل، وأن تصريحات العقيد الأمريكي جاءت في إطار تحليلي شخصي وربما سياسي، دون تمثيل للسياسة الرسمية للقاهرة. كما أن الجيش المصري يركز على حماية الأمن القومي وضمان استقرار الدولة، مع الحفاظ على مصالحها في ظل بيئة إقليمية معقدة ومتقلبة.