شد انتباهي إعلان عبر راديو البلد 92.5 عن إطلاق البنك الأهلي الأردني برنامج "أنتِ" لتمكين المرأة ماليًا. لم يكن الإعلان مجرد ترويج لمنتج مصرفي جديد، بل كان رسالة تعكس فلسفة مؤسسة مصرفية عريقة ترى في المرأة شريكًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتؤمن أن تمكينها ماليًا ليس خيارًا، بل ضرورة لمستقبل أكثر شمولًا وازدهارًا.
برنامج "أنتِ" جاء بمسارين متكاملين: الأول موجه للنساء كأفراد، يمنحهن تسهيلات على قروض السيارات وفرص الفوز بجوائز قيمة، والثاني مخصص لدعم سيدات الأعمال في الشركات الصغرى والمتوسطة عبر تسهيلات تمويلية مدروسة لتوسيع مشاريعهن. هذه المبادرة ليست استثناءً في مسيرة البنك، بل امتداد لنهجه المستمر في الجمع بين الابتكار المصرفي والمسؤولية الاجتماعية.
البنك الأهلي الأردني، الذي تأسس عام 1955 كأول بنك وطني في المملكة، لم يكن مجرد مؤسسة مالية تُدير الحسابات وتقدم القروض، بل كان على الدوام شريكًا في بناء الاقتصاد الوطني. فمنذ عقود، ساهم في تمويل المشاريع الكبرى، ودعم رواد الأعمال، وتبنى أحدث التقنيات المصرفية، بدءًا من إدخال الحوسبة في الثمانينيات، وصولًا إلى إطلاق حاضنة "أهلي فنتك" الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية.
لكن القيمة الحقيقية للبنك الأهلي تتجاوز الأرقام والإنجازات التقنية؛ فهي تكمن في تبنيه لفلسفة "الازدهار المشترك"، التي تضع جميع أصحاب المصلحة – العملاء، الموظفين، المجتمع، البيئة، والمساهمين – في قلب استراتيجيته. البنك يرى أن تعظيم الربحية لا يتعارض مع خدمة المجتمع، بل إن الاثنين يعززان بعضهما البعض.
على صعيد المسؤولية الاجتماعية، تميز البنك الأهلي الأردني بمبادرات نوعية في مجالات التعليم، البيئة، وريادة الأعمال، إضافة إلى برامجه المستدامة لتعزيز الشمول المالي. أما في تمكين المرأة، فقد أثبتت المؤسسة أنها تفهم التحديات التي تواجهها النساء في السوق الأردني، وأنها قادرة على تصميم حلول مالية عملية تساعدهن على تحقيق استقلاليتهن وتنمية أعمالهن.
كما أولى البنك اهتمامًا كبيرًا بالحوكمة الرشيدة والاستدامة، فكان أول بنك في الأردن يُصدر تقارير استدامة معتمدة من مبادرة التقارير العالمية (GRI)، وأول من أنشأ لجنة فرعية للاستراتيجية والاستدامة ضمن مجلس الإدارة. هذه الخطوات ليست مجرد متطلبات تنظيمية، بل تعبير عن التزام مؤسسي عميق بالشفافية، إدارة المخاطر، وحماية البيئة.
اليوم، ومع شبكة واسعة تضم 59 فرعًا و160 جهاز صراف آلي في الأردن وفلسطين وقبرص، يستمر البنك الأهلي الأردني في لعب دور محوري في الاقتصاد الوطني، ليس فقط من خلال تقديم الخدمات المصرفية، بل أيضًا عبر الاستثمار في الإنسان، وتمكين الفئات الأقل تمثيلًا، ودعم التحول الرقمي.
إن الاستماع إلى إعلان "أنتِ" في الراديو لم يكن بالنسبة لي مجرد لحظة إعلامية عابرة، بل كان تذكيرًا بأن المؤسسات الوطنية الكبرى، مثل البنك الأهلي الأردني، تستطيع أن توازن بين النجاح التجاري وخدمة المجتمع، وأن تبني إرثًا يتجاوز الأرباح إلى صناعة أثر حقيقي في حياة الناس.
وفي زمن تتسارع فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يبقى وجود مؤسسات مصرفية وطنية ملتزمة برؤية شمولية للمستقبل، مثل البنك الأهلي الأردني، أمرًا ضروريًا لضمان استدامة التنمية، وتعزيز الثقة في الاقتصاد، ودفع عجلة التقدم نحو وطن أكثر ازدهارًا وعدالة.
إن مسؤولية القطاع الخاص تجاه المجتمع تتجاوز حدود الربح المادي لتشمل الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز قدرات المجتمعات التي يعمل فيها. فبمساهماته الفاعلة، لا يقتصر أثر القطاع الخاص على تحقيق النمو الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليخلق فرص عمل، ويعزز الابتكار، ويُسهم في استدامة المجتمعات المحلية، ما يجعل دوره أساسيًا في بناء مستقبل متوازن ومزدهر لجميع الأطراف.











































