التباطؤ في الإجراءات القضائية يعرض صحة المستهلك الفلسطيني للخطر

الخليل - ثائر فقوسه - مضمون جديد

لم يعلم المفتش "نضال يونس" الذي كشف و زملاءه في وزارتي الاقتصاد والصحة بعض التجار المتورطين في تزوير السلع وبيع بضائع فاسدة في الأسواق الفلسطينية ، ان يتم الافراج عن التجار المتهمين بكل سهولة بعد ايام قليلة من تحويلهم للقضاء ، فخبر الإفراج كان مفاجئا ،

وانتهت القصة كما في باقي الحالات بدفع كفالة مالية ليصبح الجاني حرا ، و يعود لمزاولة تجارته لغاية ان تنظر المحكمة في القضية ، وقد يحتاج الامر الى بضع سنوات لإصدار الحكم ، والذي يكون في الغالب غير رادع ولا يتناسب مع الجرم الذي ارتكبها أولئك التجار وهو تعريض حياة المواطنين للخطر .

هذه الإجراءات القضائية التي تستغرق في الكثير من القضايا بضع سنوات لتجريم المتورطين لم تحد من استمرار نشر البضائع الفاسدة ، فقبل نحو شهرين ضبط 70 طنا من السمك المجمد في مدن رام الله والخليل ونابلس، وبناء على الفحوصات التي أجريت في مختبرات وزارة الصحة تبين بأنها ملوثة ببكتيريا "اللستيريا" التي تسببت في تسمم عشرات المواطنين وإجهاض عدد من النساء .

ولكن الأخطر كما يفيد مدير وزارة الاقتصاد الوطني في الخليل "ماهر القيسي" لـ"مضمون جديد" يتمثل في انتشار ظاهرة البضائع المزورة، التي أصبحت تباع للمستهلك على انها سليمة ، حيث ضبط مفتشو الوزارة قبل عدة ايام ما يقارب من 100 طن من جل الأطفال الذي تم تزوير تاريخ صلاحيته وبطاقة البيانات وبعد التحقيقات تبين ان التاجر قام بوضع تاريخ صلاحية جديد لمدة 24 شهرا رغم ان الجل لا يصلح الا لثلاثة أشهر ، كما تم التلاعب في بطاقة البيانات من خلال إخفاء وجود مادة "السكرين" وبعض المحليات والأصباغ التي تشكل خطر على حياة الأطفال ولا يسمح استخدامها في الصناعات الغذائية .

ويتابع "القيسي" بان الوزارة قامت بتحويل التاجر للقضاء الا انه يخشى الإفراج عنه لغاية ان يتم محاكمته ، دون ان يتم وضع زمن محدد لذلك ، وان يصبح مصير هذه القضية كمئات الملفات التي تنتظر في "جوارير" المحاكم للنظر فيها منذ سنوات، مطالبا الجهات المختصة الإسراع في تجريم هؤلاء التجار الذين يسعون الى الربح دون الاكتراث بأرواح المواطنين، ولم تمنعنهم حتى الطفولة من الاستمرار في بيع هذه السموم.

مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني برام الله المهندس عمر كبها يفيد "لمضمون جديد " ان بطئ المحاكم الفلسطينية في النظر بقضايا التزوير وبيع سلع فاسدة ساهم في استمرار هذه الظاهرة، مؤكدا انه خلال العام المنصرم 2011 تم تحويل ما يقارب 527 تاجرا للقضاء قاموا ببيع وتوزيع بضائع منهية الصلاحية وأخرى مزورة وعرضوا حياة المستهلكين للخطر .

الا ان القضايا التي نظر فيها وتم اصدار احكام بحق التجار المشتكى عليهم لا تتجاوز 1% من مئات القضايا المكدسة في المحاكم ، هذا الأمر اشعر العاملين في مراقبة الأسواق الفلسطينية بالاستياء وأصاب المواطنين المتضررين بخيبة امل ، خاصة ان بعض هذه القضايا نسيت وطوي ملفها ، وما زال التجار المتهمين فالتين من العقاب وقد يمارسون الغش بطرق جديدة ومتنوعة .

وتابع كبها بالرغم من وجود قانون خاص "بحماية المستهلك الفلسطيني" رادع لكل من تسول له نفسه غبن المستهلك ، ويعتبر بيع السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهية أو غير المطابقة للمواصفات المعتمدة جريمة وليس جنحه .

الا ان القضاء لا يعتمد على هذا القانون ويتم التعامل مع التجار الجناة من خلال قانون العقوبات الفلسطيني الصادر في الستينيات والذي يفرض غرامات مالية قليلة ، ومدة حبس لا تتجاوز عدة أيام ، معتبرا ان الفترة الزمنية الطويلة التي تحتاجها المحاكم الفلسطينية لإدانة التجار المتورطين وإصدار أحكام غير رادعه بحقهم شجعت بعض التجار على المنافسة في إدخال مواد غذائية لا تصلح للاستخدام الآدمي وجعلوا من أسواقنا مكبات للبضائع المغشوشة المجلوبة من اسرائيل وبعض الدول الأجنبية بل تطورت عمليات الغش و أصبح بعض التجار يمارسون التزوير لإخفاء عيوب سلعهم الفاسدة.

فهناك العديد من الطرق لتزوير البضائع في الأسواق الفلسطينية كما يصرح المفتش" نضال يونس "من وزارة الاقتصاد الوطني "لمضمون جديد" مؤكد ان هناك "مافيا" من التجار تمارس هذه المهنة من خلال تزوير بطاقة البيانات عبر تغيير اسم بلد المنشأ للسلعه ووضع بياتات جديدة تحمل اسم بلد ذات سمعة جيدة في التصنيع مثل أمريكا او ألمانيا لان المستهلك يثق بالبضائع المستوردة من هذه الدول وتكون السلعة اصلا مستورده بمواصفات سيئة من سريلنكا او الفلبين و تايلاند ،

وهذه التزوير يتم في الأدوات الكهربائية وقطع السيارات و بعض المواد الغذائية مثل اللحوم والمعلبات ، كما يقوم البعض بإدخال بضائع مستوطنات بعد ان يكتب عليها "صنع في فلسطين" او احدى الدول ويضع ما يحلو له من مكونات وتواريخ صلاحية على بطاقة البيانات ، وهناك تجار يقومون بتزوير الماركة او العلامة التجارية ، وهذه منتشر في الملابس والأحذية حيث يشير يونس الى ان ما نسته 80% من البضائع الموجودة في الأسواق الفلسطينية وتحمل ماركات عالمية مثل "Nike" و"adidas" و" Lacosta" و"Reebok"وغيرها هي مزوره وتباع للمستهلك على انها أصلية وبأسعار مرتفعة

والاهم كما يتابع هو ما يقوم به بعض التجار في تزوير السلع الغذائية من خلال وضع تاريخ صلاحية جديد لمواد غذائية منتهية او فاسدة ، وبعضهم يقوم بتزوير البطاقة التعريفية للمكونات الصناعية حيث يتم اخفاء بعض المكونات التي تكون ضارة مثل المواد الحافظة والأصباغ ويتم وضع بيانات مسموح بها ولا تشكل خطر على صحة الإنسان .

وهناك من يقوم بإضافة معلومات غير موجودة في السلعة بهدف إظهار انها جيده وذات مواصفات مميزة ، وهذه البضائع تضبط بشكل متواصل في الأسواق وأخرها ضبط تزوير الشراب المركز ،والمشروبات الخفيفة ، وبعض السكاكر ، والمعلبات .

مصادر من النيابة العامة في الخليل تؤكد "لمضمون جديد" بانه لا يوجد تأخير في البت لقضايا حماية المستهلك ولكن اعتبار اي غش يقوم به التاجر جريمة كما ينص القانون، يتطلب المزيد من الوقت لإكمال الإجراءات القانونية لإثبات صحة الدعوة ، مثل إجراء الفحوصات في مختبرات متخصصة التي تثبت فساد او تزوير السلع ، والاستماع للشهود وقيام بعض محامي الدفاع بطلب التأجيل لدراسة القضية او لإحضار بيانات جديدة تخدم موكله ، هذا الإجراءات تحتاج الى فترة من الزمن لإصدار الحكم ، وقد تصل الى مده أقصاها سنتين .

وتابع المصدر ان القضاء يتعامل مع التجار المتهمين وفقا لنصوص قانون حماية المستهلك وليس وفقا لقانون العقوبات لان وجود قانون خاص يعلق العمل بالقانون العام مشيرا الى ان القضاء اصدر احكام عالية بحق عدد من التجار المتورطين .

واضاف ان عدد القضايا الكبير الذي ينظر بها القضاء الفلسطيني في مختلف مجالات الحياة ، يتطلب المزيد من الوقت لتجريم او تبرئة المتهمين معتبر ان الحل يتمثل في وجود محاكم متخصصة تعمل بشكل اسرع للحد من الظواهر السلبية في المجتمع الفلسطيني .

التاجر (م،ش) من الخليل والذي تم تحويله للقضاء منذ خمس سنوات اثر قيامه بإعادة تصنيع مواد غذائية قد تكون فاسدة ، يفيد "لمضمون جديد" بان المحكمة لغاية هذه اللحظة لم تنظر في قضيته بشكل نهائي لأنها لم تثبت ادانته ، مفسرا ان السبب وراء هذا التأخير دليلا على براءته ، وهو اليوم يعمل في نفس المهنة ولم يتعرض لاي مسالة ، مؤكد ان ما قام به هو لخدمة المستهلك حيث قام بإضافة زيت السيرج للعجوة لتصبح اكثر جوده ، وهذا لا يعاقب عليه القانون من وجهة نظره .

وهنا لا بد من الإشارة الى ان الإجراءات القانونية التي تحتاجها المحاكم الفلسطينية للنظر في قضايا حماية المستهلك والتي تستغرق في بعض القضايا بضع سنوات قد تساهم بشكل كبير في ان يبقى المستهلك الفلسطيني عرضه لعمليات الغش الذي يمارسها بعض التجار .

أضف تعليقك