وزارتا التربية والتعليم العالي فلسفتين مختلفتين لا يمكن دمجهما

وزارة التربية والتعليم

 

يعتبر خبراء في الشأن التعليمي أن عملية دمج وزارتي التربية والتعليم غير ممكنة، وقد تؤدي إلى عرقلة أهداف التعليم المدرسي والجامعي، باعتبارهما مؤسستان تعملان ضمن أهداف محددة ومنظومة تعليمية مختلفة عن الأخرى.

 

منذ الإعلان عن مخرجات لجنة تحديث القطاع العام، ضمن خطة التحديث الاقتصادي، وعمليات دمج الهيئات والوزارات تواجه جدلا واسعا ما بين مؤيدين ومعارضين لنهج الهيكلة.

 

ومع ذلك أوصت مخرجات الحوار الوطني الذي نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول خارطة تحديث القطاع العام، مؤخرا بالسير في دمج وزارات وإعادة النظر بأخرى، الأمر الذي ستعمل على دراسته الحكومة وإعادة النظر ببعض جوانب هذه الخارطة باعتبارها غير مقدسة بحسب وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول.

 

واستعرض وزير التربية والتعليم، عزمي محافظة،  خطة دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي لإنشاء وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية  الاحد، مبينا بأنه يتم مناقشتها في المرحلة الحالية في مجلس الوزراء، ومن المتوقع العمل عليها خلال الأعوام المقبلة.

 

وبين الوزير أن اللجان المشكلة للعمل على الدمج أنهت أعمالها، بحيث يكون للوزارة الجديدة أمين عام، و3 مجالس، للتربية والتعليم، وللتعليم العالي، وللتعليم التقني.

 

الخبير الإداري الدكتور هيثم النجداوي يعتبر في تصريحات له بأن عملية الدمج موجودة في العديد من الدول، بهدف تنظيم العملية الادارية، والتقليل من الوزارات مما يسهل تقديم الخدمات للمواطنين بشكل واسع وسريع.

 

كما يرى النجداوي أن عملية دج الوزارات والهيئات يساهم في تطوير مهارة العمل وأداء الموظفين، ويساهم بتحقيق الأهداف والاستراتيجيات بشكل أفضل.

 

معيقات تحد من نجاح عملية دمج الوزارتين

 

خبراء يرون أن عملية الدمج لن تساهم بتطوير العملية التعليمة، وإنما سيزيد الأمور تعقيدا، لما تواجهه هاتين المؤسستين من إشكاليات في العملية التعليمية والمالية والإدارية.

 

الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات يرى ان عملية الدمج او بقاء هاتين الوزارتين على حالهما لن يؤثر على تطوير وجودة التعليم سواء سلبا او ايجابا، طالما أن القائمين على العملية التعليمية من الأساس غير متمرسين ويبحثون عن الحلول الإدارية بعيدا عن تطوير هذا القطاع.

 

ويؤكد عبيدات أن دمج هاتين الوزارتين لتوفير النفقات لن يحسن من أدائهما وسيواجهان العديد من التحديات، نظرا لاختلاف ما تتبعه هاتين المؤسستين من فلسفة ونهج مختلف في المنظومة التعليمية.

 

 

Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · خبير تربوي يوضح انعكاسات دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي على جودة التعليم

 

ومن أبرز الاختلافات التي قد تعيق عملية الدمج وفق ما أجمع عليه خبراء تربويين، الفرق الزمني في تأسيس هاتين الوزارتين، حيث استحدثت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منذ ما يقارب الـ 40 عاما، أما وزارة التربية والتعليم تم استحداثها قبل نحو مئة عام، الأمر الذي  قد يعيق عملية الدمج نظرا للفارق في الانجازات وتنفيذ الأهداف.

 

كما أن هدف وزارة التعليم العالي هو بناء شخصية الخريج  ليكون قادرا على العيش، أما وزارة التربية والتعليم يركز على  إعداد هوية المواطن واكسابه الثقافات المختلفة والتراث الاجتماعي والعادات والتقاليد، مما يصعب جمع هذه الأهداف في مؤسسة واحدة.

 

وزارة التربية والتعليم تعمل تحت رقابة مجتمعية دقيقة، الأمر الذي لا يمكنها من الخروج عن النطاق الاجتماعي والقيم الاجتماعية المعروفة ، بينما وزارة التعليم العالي لديها نوع التحرر دون رقابة.

 

ويضيف الخبير التربوي الدكتور علي الحشكي بأنه من المعيقات التي قد تساهم بعدم نجاح عملية الدمج  وسينتج مؤسسة ضعيفة هو ما أظهرته العديد من الدراسات التي تشير الى ضعف التعليم لدى طلبة المدارس والخريجين وجودة التعليم العالي، في ظل مديونية وعجز في الجامعات.

 

منتدى الاستراتيجيات الأردني قد أصدر تقرير ضمن سلسلة المعرفة مؤخرا حمل عنوان اليوم العالمي للتعليم: واقع الحال في الأردن، مشيرا من خلالها  إلى وجود انخفاض في نسبة الطلاب (إلى إجمالي ‏الطلبة) الملتحقين في المدارس الخاصة من 26.3% في عام 2015/2016 إلى 20.4% في عام 2020/2021.

 

‏كما بين المنتدى أن تداعيات تفشي وباء كورونا كان لها الأثر الأكبر على تراجع أنظمة التعليم محليا وعالميا نتيجة ‏الإغلاقات للتعامل مع الجائحة، موضحا أن أداء الطلبة في الأردن كان ضعيفا في مادة الرياضيات ‏بالمقارنة ما بين الدول الاخرى، اما مادة اللغة الانجليزية فقد تم تصنيفه ضمن فئة ‏البلدان ذات الكفاءة المنخفضة جدا في إتقان اللغة.

 

أما على صعيد التعليم العالي، تشكل المديونية المرتفعة أكبر تحديات الجامعات، حيث وصلت ووفق آخر إحصائيات مديونية 8 جامعات رسمية 173 مليون دينار، 7 جامعات منها مدينة للبنوك بنحو 66 مليونا، وتدفع كل جامعة نحو مليونين فوائد لهذه البنوك، فيما تبلغ مديونية الجامعات على مؤسسات الدولة بمبلغ يصل إلى نحو 107 ملايين دينار.

 

نيابيا، أكد رئيس لجنة التعليم النيابية النائب طالب الصرايرة  ان الوسط الأكاديمي أبلغ اللجنة رفضه لقرار دمج وزارة التعليم العالي مع وزارة التربية والتعليم  اثناء لقاء اجرته اللجنة مع  القيادات الاكاديمية، منوها الى ان مجلس التعليم العالي لا يستطيع مراقبة التعليم بالجامعات وليس جهة ذات اختصاص .

 

وبدأت فكرة دمج الوزارتين حين تولى الدكتور وليد المعاني وزير للتربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز،  حيث قدم مشروع دمج مستلهم من النموذج الفنلندي، تضمن وجود مجلسين أحدهما للتعليم العالي وآخر للتربية، وأربعة أمناء عامين، الأول إداري ومالي، والثاني للتربية، والثالث للتعليم العالي، والرابع للتعليم التقني.

 

وتضمن المشروع، حسب المعاني، أن يكون الاكتفاء بمبنى واحد للوزارتين في ظل تباعد المباني وصعوبة الوصول إليها وتعددها.

 

إلا أنه نصح المعاني في ذات الوقت مع تقديمه للمشروع، بعدم اللجوء لدمج الوزارتين، لأن الوزير في الأردن لا يستطيع أن يدير وزارتين لانشغاله بجلسات مجلس الوزراء ولجانه العديدة، و جلسات مجلسي النواب والأعيان، وفي ظل رئاسته لإدارة صندوق البحث العلمي وعضويته في العديد من اللجان والمجالس لا سيما وأن القوانين الأردنية تركز كل الصلاحيات والمهام بيد الوزير، ومنها الأعمال الروتينية اليومية.

 

 

أضف تعليقك