نحو إعلام وطن يخدم الدولة الأردنية



انشغل العديد من القادة السياسيين والإعلاميين مؤخراً، بالحديث عن عملية إعادة النظر بوضع الإعلام الرسمي بهدف توحيد الجهود ووقف حالات الاستنساخ وتوفير الموارد في مؤسساته المختلفة، مع الأمل بأن يتحسن الأداء، وأن يخرج الإعلام الرسمي بمضمون أكثر مهنية وشمولية ومصداقية.

قد لا تكون الفقرة الأخيرة ضمن أهداف عملية الدمج، ولكن كلي أمل أن يتحقق ذلك ضمن إعادة الهيكلة، هذا الهدف الذي يتمناه الجميع.

 تفيد مصادر مطلعة أنه سيتم، في نهاية المطاف، تشكيل مجلس إدارة واحد يضم كلا من التلفزيون والإذاعة الرسميين، وتلفزيون المملكة ووكالة الأنباء الأردنية.

لا شك أن الفكرة جيدة ومناسبة وطال انتظارها، وفي حال تطبيقها على أسس مهنية وفي غياب المحاباة، فقد تكون مدخلا مهما لتحقيق الأهداف الإدارية والمالية والمهنية. ويدور النقاش حول تركيز تلفزيون المملكة في التغطية المتواصلة للأخبار والبرامج الحوارية في حين يلعب التلفزيون الأردني دور التلفزيون الوطني الشامل والذي يوفر برامج متنوعة كما هو الحال بين فضائية العربية وتلفزيون MBC. الفكرة لدى البعض انه من الممكن التوفير المادي بان تختصر نشرات الأخبار في التلفزيون الرسمي على مواجز أو حتى من الممكن أن يتم الاستفادة من نشرات الأخبار والمواجز التي تبث عبر تلفزيون المملكة الإخباري.

إن هذا الدمج سيقلص مجالس الإدارات وعدد من المسؤولين والمحررين والصحفيين المتضخم في تلك المؤسسات. ، وفي المقابل نأمل ان يكون هناك اهتمام أكبر بالصحفيين وتطوير عملهم المهني وفي ترتيب البيت الداخلي، بحيث يقوم كل من يحصل على راتب يقوم فعلاً بالعمل المطابق لذلك الراتب.

التعديل الهيكلي للإعلام الرسمي يجب أن يرافقه توضيح الرؤى وطبيعة العمل. فهل نتحدث عن إعلام دولة عام يمثل الوطن  بتنوعه الاجتماعي والسياسي بمشاركة متوازية للسكان من حيث زيادة الاهتمام حقيقية بالشباب والمرأة؟؟ أم هو إعلام حكومي يمثل السلطة التنفيذية ويسمح للحكومة بالتدخل بالسياسة التحريرية والمضمون، وحتى أحيانا، كما يعرف المتابعيين بوضع قوائم سوداء وتدخلات في الصغيرة والكبيرة؟

في مجال المضمون الإعلامي، يجب أن يرتقي الاعلام العام لكي يعيد ثقة الجمهور فيه مما يعني ضرورة السرعة والدقة والتوازن وإيجاد حل لمشكلة انتظار الإشارة الرسمية قبل النشر، في وقت تتسارع المؤسسات الإعلامية بالنشر، ما أدى إلى الوضع القائم حاليا.

قد تكون هناك ضرورة لإدخال التطورات الجديدة في الإعلام والتي تشكلت بسبب الثورة المعلوماتية، وذلك يعني ضرورة إيجاد دور أكبر بكثير للتفاعل عبر وسائط التواصل الاجتماعي من حيث توسيع رقعة المتابعة ومن حيث التفاعل مع الجمهور لتلافي بعض الأخطاء، كما من الممكن الاستفادة المالية من المضمون المتوفر لثلاث مؤسسات إعلامية كبيرة من خلال البث عبر تلك المنصات.

النقاش حول الإعلام الرسمي، يجب ألا يتجاهل،  بطبيعة الحال، الإعلام شبه الرسمي مثل الصحف التي تملك مؤسسة الضمان الاجتماعي نسبة كبيرة من أسهمها (الرأي والدستور)، أو الإذاعات المملوكة من الجيش العربي والأمن العام وأمانة العاصمة. فمن الضروري إيجاد تناغم معين للاستفادة من ذلك الإعلام أو وقفه حيث يعمل بصورة اكبر من المفترض في مجال الترفيه وبذلك ينافس الإعلام التجاري. إن هذا الامر يشكل تشوها غير صحي للمنظومة الإعلامية العامة، حيث لا يعقل أن يكون لمؤسسات حكومية مثل الجيش والأمن والتي لها امتيازات وميزانيات تقلل من مصاريفها الإعلامية الحق ببث الإعلانات وبذلك تشكل منافسة غير سليمة مع إعلام تجاري يصارع للبقاء في بيئة غير عادلة تفتقد لاسس المنافسة الحرة.

إن القرار بإعادة هيكلة الإعلام الرسمي قرار سليم ولكنه بحاجة إلى دراسة واسعة وترتيب دقيق، يوفر على الدولة الأردنية مصاريف التضخم والتكرار، بشرط  أن يتم ذلك بالتوازي مع تحسين ملموس لجودة الإعلام بحيث يكون إعلام دولة وليس إعلام حكومة.

 

أضف تعليقك