كيف تحول معلم السكة في الزرقاء إلى مكب نفايات؟

كيف تحول معلم السكة في الزرقاء إلى مكب نفايات؟



تكتظ محافظة الزرقاء بما يقارب من مليون ونصف نسمة, تنشط فيها حركة المواطنين والزائرين والمارين وتعج بالمحال التجارية ومحلات الألبسة والباعة المتجولين والمقاهي, مما يؤدي إلى إنتاج نفايات تعمد البلدية إلى جمعها باستمرار.



لكن تكمن المشكلة في وجود بعض مناطق تتراكم فيها النفايات, وتتوزع المسؤولية فيها بين مجموعة من الجهات, ومن هذه المناطق, منطقة سكة حديد الحجاز الواقعة بين مخيم الزرقاء وسوق الزرقاء كما هو موضح في الصورة, فتتوزع المسؤولية في هذه البقعة بين المنطقة “أ” التابعة لبلدية الزرقاء, والمنطقة “ب” وهي حرم السكة الممتد على يمين ويسار السكة بعرض 12 عشرًا مترًا والتابعة لمؤسسة سكة حديد الحجاز, والمنطقة“ج” التابعة لوكالة الغوث- الأونروا.







المسؤولية المشتركة وتراكم النفايات.

"مين ما صحله برمي فيها, الناس, عمال النظافة, الباعين, يعني والله منظر بكشش الزباين حتى" يقول بائع الذرة القاطن على مدخل السكة, حيث تراكمت نفايات البائعين والمارة على جانبي السكة على مسافة تقارب ال300 متر ولمدة تزيد عن الشهر, فقد أبدى بائعوا الملابس المستعملة العاملين على بسطاتهم على جانبي خط السكة استياءهم مما يحدث من تراكم للنفايات وتبعات هذا التراكم. فيقول البائع عمر: ”الوضع سيء,و لو حد براقب ما بصير هذا المنظر, ولسا لما تشتي رح يصير الوضع أسوأ” أما البائع محمد فأجاب عند سؤاله عن متابعة موظفي السكة لما يحدث قائلًا:  “من فترة كانوا كل يوم يجوا, بس كانوا يتفقدوا بس القضبان اذا امورها تمام ويتركوا الباقي, قلنالهم مية مرة حطوا حاويات", أما الرجل الستيني أبو ناصر وهو  أحد مرتادي المقهى الذي يقع  في وسط سوق الملابس المستعملة على جانب السكة فقال: “كل الناس عارفة انه في زبالة, والكل عامل حاله مش شايف”.



“منطقة تشوه بصري, لا ينصح بالبقاء فيها”.

يطلق على النفايات التي تحتوي مكونات عضوية عالية “نفايات بلدية منزلية” كما يقول المستشار البيئي والمختص في إدارة النفايات الصلبة عمار أبو دريس, حيث تعمل هذه النفايات على تشكيل بعض السوائل بعد تراكمها لأكثر من شهرين وهي ما تعرف ب”عصارة النفايات” التي تحوي أحمالًا عضوية تؤثر على التربة والمياه الجوفية ولا ينصح بالبقاء بالقرب منها واستنشاقها لفترة طويلة.



كما يرى أبو دريس أن سكان المنطقة متراكمة النفايات هم أكثر توترًا من غيرهم لمرورهم بشكل يومي خلال هذه المكاره الصحية وتأثيرها كعامل تشويه بصري عليهم. لكن الضرر لا يتوقف هنا, فمع دخولنا فصل الشتاء فستتحول السكة من معلم سياحي إلى منبع للقوارض والحشرات التي تنقل الأمراض للمواطنين, والتي أيضًا قد تحوي في تكوينها مواد قد تكون خطرة وسامة لهم.



 

تراشق للمسؤولية, والصوت الأعلى هو القانون.

وفق قانون البلديات لعام 2015 فتنص المادة الخامسة أ/28 على أنه “تناط بالمجلس ضمن حدود منطقة البلدية الوظائف والسلطات والصلاحيات التالية: “المساهمة في رعاية المرافق السياحية والتراثية الواقعة ضمن منطقة البلدية وكيفية إدارتها واستغلالها واستثمارها”.



وهذا ما علق عليه رئيس مجلس بلدية الزرقاء حسن الجبور بأن دور البلدية هو المساهمة مع باقي الجهات التي تتوزع بينها المسؤولية على تنظيف المكان, أي “أن المسؤولية موزعة بين مؤسسة سكة حديد الحجاز وبين بلدية الزرقاء وبين لجنة تحسين المخيم”.





ومن اللافت هنا أن المنطقة “ج”  التابعة لمخيم الزرقاء, نظيفة وتتوزع  فيها حاويات تخصصها لجنة تحسن المخيم للمنطقة, وتفرغها الآلات المخصصة لجمع النفايات كل يوم, حيث يقول طارق بائع الملابس المستعملة هناك: "انا مش حاسس بتأثير النفايات علينا, ولا أرى لا أسمع لا أتكلم, خلي الجهة الثانية تشكي".



أما المنطقة “أ” التابعة لبلدية الزرقاء, فأقرب حاوية للمكان تبعد نصف كيلو مترًا تقريبًا, وهذا ما يدفع الناس في الكثير من المرات لرمي النفايات على جانب السكة كما يروي فيصل: “وبدك الصراحة؟ اه سبق وكبيت زبالة هناك لأنه ما في حاويات موفرة هون, وأقرب حاوية على بعد نص كيلو منا".  



في حديث مع رئيس مجلس بلدية الزرقاء الذي عمد إلى تنظيف المنطقة فورًا عند معرفته بالوضع القائم, قال إن هذا المنظر عبارة عن مكرهة صحية, وأن على السكان في الجانب التابع للمخيم الامتناع عن رمي النفايات على جانب السكة.



لكن رئيس لجنة تحسين المخيم محمد البوريني يؤكد على أن نظافة السكة وحرمها من صلب عمل كادر السكة, وأن عليهم الاتفاق مع البلدية للخروج بنهج تشاركي لإزالة القاذورات عن هذا الخط الدولي التي تهمله إدارته.



ومن جانب مؤسسة سكة حديد الحجاز قال ناظر محطة الزرقاء عدنان الزواهرة أن السكة تقوم باستمرار بتوجيه كتب رسمية مكتوبة أو شفهية للبلدية لتنظيف حرم السكة, كما تقوم السكة بدفع مسقفات لذات الغرض.









مساحة تدمج المواطن وتحتوي أفكاره.

“يكمن الحل في تفعيل القوانين والتشريعات والأنظمة مع إيجاد برامج توعية بيئة تشرك الناس في صناعة القرار وتغلق الفجوة بين المواطنين والقطاع الحكومي” يقول المستشار البيئي أبو دريس الذي يرى أن من الأهمية بمكان أيضًا إعادة تفعيل لجان الأحياء في الاردن, وتوظيف رغبة المواطنين من كل الفئات في العمل العام.



وكان قد أبدى رئيس البلدية جاهزيته لحل هذه المشكلة من جذورها بوضع خطة مناسبة مع الجهات التي تتشارك المسؤولية مع البلدية من خلال عقد اجتماع تنظيمي, مع تأكيده على دور المواطن في الحفاظ على نظافة المكان الذي يتحرك فيه.

أضف تعليقك