"فن بناء المكان": ماذا لو خلقنا مجتمعات حول أماكنا؟

 

 

 من حي اللويبدة العريق في عمان، بدأ الريادي والناشط الاجتماعي ماهر قدورة ومؤسس مؤسسة "الجود" بإعادة تفعيل أماكن صغيرة وإعادة الحياة إليها لتكون مصدر للعمل والإلهام، ومركزا يخدم المجتمع ويجمع المحبين حوله. 

ويؤكد قدورة أن "فن بناء المكان" هي فكرة شاملة ونهجًا عمليًا لتطوير وتحسين أي حي؛ بدءا من الشارع والمسرح والأدراج ودور السينما والحدائق والمساحات العامة وأي مكان عام فيها، مبينا أنها "تلهم الناس لإعادة تصور الأماكن العامة وبث الروح فيها بشكل جماعي باعتبارها قلب كل مجتمع".

ويضيف أنها "أمرا مرتبط ارتباطا وثيقا بهوية الحي الثقافية والاجتماعية وحتى المادية؛ التي بدورها تدعم تطوره بشكل مستمر ويضمن اتصال الناس بالأماكن التي يتشاركون في إعادة تأهيلها، وبالتالي تعظيم القيمة المشتركة لجميع الأطراف".  

 

وترتكز فكرة " فن بناء المكان"، بحسب قدورة، على منهجية تستند إلى 3 ركائز هي:

  1. رفع وتحسين البنية التحتية، وهذا وحده لا يكفي.
  2. وجود "نادي أصدقاء للمكان" الذي يحتضن أعضاءه المكان وفكرة تفعيله، وينشرون المعلومات والمحتوى حوله.
  3.  خلق تجربة جديدة في المكان وتنفيذها، ووجود خطة لإدارته وتحقيق الاستدامة المالية له.

 

وقد اعتمد قدورة هذه المنهجية في أكثر من مكان خاصة في جبل اللويبدة، ومنها مسرح مدرسة الأميرة عالية ، حيث عملت مبادرة "حكمت الثقافة" في مؤسسة الجود وبالتعاون مع وزارة التربية، على إعادة تأهيل المسرح بشكل كامل ليصبح مسرحا تفاعليا متعدد الاستخدامات: مسرح، سينما، قاعدة تدريب وتم تجديد الأثاث والإضاءة والصوتيات فيه، كما تم إقامة العديد من الفعاليات والدورات التدريبية واستحداث أندية طلابية، ليصبح مكانا يرتاده الطلبة والمعلمين والأهالي ومجتمع اللويبدة.

 

أيضا عملت مبادرة "حكمت الثقافة"، وبالتعاون مع وزارة الثقافة، على إعادة تأهيل "مسرح أسامة المشيني" في اللويبدة أيضا، حيث تم تحديث البنية التحتية من كهرباء وديكور والساحات الخارجية والسور، كما تم العمل على إنشاء مجتمع حول المسرح من فنانين ومثقفين ومحبي اللويبدة والذين قاموا بدورهم في نشر المعلومات حول إعادة تأهيل مسرح أسامة المشيني.

 

من ناحية أخرى تم بناء نموذج عمل خاص بالمسرح لضمان استدامته. فمع أنه مسرح حكومي، فقد تم الاتفاق مع وزارة الثقافة على إمكانية بيع تذاكر الفعاليات خارج نطاق المسرح، بالإضافة إلى وجود مبلغ رمزي من قبل منظمي الفعاليات يرصد لصندوق المسرح لدعم استمراريته.

 

إن المنهجية التي اتبعها قدورة في "فن بناء المكان" وتحويلها إلى أماكن فاعلة في المجتمع، تنبثق عن "نظرية الفلافل" المتبعة في مؤسسة الجود، والتي يمكن تطبيقها بسهولة على أي مساحة في أي حي: من بيت قديم، درج، شارع، سطح بيت، مسرح، حديقة صغيرة، مكان عام غير مستغل.... أي مساحة عامة ممكن أن تحول لتصبح مكانا ملهما للآخرين.  

و"نظرية الفلافل" هي منهج متبع في مبادرات مؤسسة الجود وبرامجه، وهي مبنية على  مبدأ "إنجاز الكثير بالقليل"، أي تصميم وتنفيذ حلول مجتمعية مبتكرة من خلال استخدام مكونات بسيطة، بتكلفة معقولة، سريعة التحضير وسهلة التنفيذ يمكن تكرارها وقياس أثرها، وبالتالي تحقيق نتائج وأثر كبيرين.

 

يسعى قدورة إلى نشر منهجية "فن بناء المكان" في جميع أنحاء الأردن، ولأن يكون هنالك سفراء لهذه المنهجية في إربد والسلط وعجلون والكرك ومادبا ووادي موسى وجميع مناطق الأردن.

ويرى أن الأمر ليس "اختراع ذرة"، لكنه يحتاج إلى "رؤية ومنهجية عمل، وخطة وعمل مستمرة" لتصبح استخدامات الأماكن الصغيرة أكثر ويتم توظيفها بشكل أكبر  في الأحياء، ولتكون مصدر حياة وتفاعل وفن وإلهام.

أضف تعليقك