جرش.. الكثير من السيدات المنتجات والقليل من منافذ البيع

منذ سنوات تنتظر نساء في جرش توفير مساحة دائمة لعرض وتسويق منتجاتهن، لاستقطاب عدد أكبر من المشترين من أهل المحافظة والسائحين. وإلى اليوم تعتمد نحو 170 امرأة منتجة، على المناسبات العامة والمهرجانات السنوية، فقط، كنافذة بيع لمنتجاتهن الغذائية والفنية المتنوعة، التي يحاولن من خلالها توفير دخل ثابت ولائق لهن ولأسرهن.   

ي

سماح العياصرة، عضو في جمعية "الرائدات الريفيات"، تعمل في صناعة الاكسسوارات منذ عام 2019. تعتمد العياصرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها، لكنها تقول: "عندما يطلب الزبون قطعة اكسسوارات ويجد أن ثمن التوصيل أعلى من ثمن القطعة نفسها يلغي الطلب فورا. لو كان لدي مقر ثابت لعرض منتجاتي سأستطيع ساعتها أن اتعامل مع الزبائن بشكل مباشر، ويصبح هناك سهولة في البيع".

 وتضيف: "من خلال الجمعية طالبنا المسؤولين بمحافظة جرش، أكثر من مرة، بتوفير موقع ثابت لعرض منتجاتنا. بيوعدونا وما بنشوف نتائج".

 

إنعام التي تعمل في صناعة الصابون منذ عام 2017 حصلت على درجة الدبلوم في تخصص العلوم المالية، لكنها لم تعمل في تخصصها، واتجهت إلى صناعة الصابون بروائح عطرية وأعشاب وصفتها بأنها "صحية ومفيدة" بعد التحاقها بجمعية "الرائدات الريفيات".

في بداية عملها، أصبحت إنعام تشارك في البازارات والمهرجانات داخل وخارج جرش لتسويق منتجاتها، لكن هذه المشاركات كانت مكلفة لأن "الجمعية لم تكن دائما قادرة على تحمل تكلفة المواصلات". وفيما بعد أنشأت صفحة على فيسبوك في محاولة لترويج منتجاتها، وهو أمر ليس سهلا كما تقول: "الصفحة ليس لديها متابعون كثر، وحتى أروج لها لا بد من تمويل، ووضعي المادي لا يسمح لي بذلك. يجب أن يكون لنا بشكل عام، داعمين. مع كل زيارة لمسؤول إلى الجمعية نطالب بتوفير مقر دائم لنسوق منتجاتنا، لكن ما بنشوف إلا مهرجانات مؤقته ومش دائما مجدية ماديا".



 

منتجات مكدسة

تعلق رئيسة جمعية "الرائدات الريفيات"، التي تضم في عضويتها 35 سيدة، دلال قردين على ضعف تسويق منتجات النساء، بأن المشاركة في المهرجانات والبازارات "تثقل كاهل النساء بمصاريف تنقل كبيرة، فضلا عن أنهن يضطررن إلى حمل كميات محدودة من منتجاتهن، بسبب صعوبة نقلها كلها، ما يحرمهن من فرصة بيع أفضل". وازداد الأمر سوءا مع الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، فاعتمدت النساء في هذه الفترة على تسويق منتجاتهن بين الأقارب والمعارف فقط، تقول قردين. 

تؤيدها رئيسة جمعية "سيدات جرش" هبة زريقات، في أن عدم وجود منصة تسويق ثابتة وعدم توفر مقر دائم، ينعكس سلبا على دافعية النساء لإنتاج قطع جديدة. وتضيف: "لدينا تكدس في بعض المنتوجات الحرفية داخل الجمعية، ما يجعل السيدات يتوقفن عن إنتاج المزيد من هذه القطع".  

واقع يحتم ضرورة تعاون جميع الأطراف المسؤولة في محافظة جرش للتسريع بإيجاد حل لهذه المشكلة"، تطالب زريقات. وتشير إلى أن"السيدات المنتجات ما زلن ينتظرن تنفيذ مقترح توفير مقر ثابت لهن في السوق الشامي العتيق في الوسط التجاري للمدينة". 

 

المقر الثابت يتيح للسيدات عرض جميع منتجاتهن في مكان واحد، وبالتالي سيسهل على أبناء المحافظة أو الوافدين والسياح، التعرف على هذه المنتجات المتميزة والمتنوعة، بحسب رئيسة الاتحاد النسائي في جرش جليلة الصمادي. وبنظرها، فإن غياب منفذ ثابت يقلص نسبة الربح الذي تحققه السيدات، وتضيف: "المقر الثابت يجب أن توفره جهة حكومية. نحن كجمعيات ليست لدينا مثل هذه الإمكانية". 

علاوة على ذلك، يتيح المقر الثابت للسيدات التعامل مع الزبائن بشكل مباشر، وبالتالي "يحصلن على تغذية راجعة سريعة تمكنهن من معرفة المنتج الأكثر رواجا وطلبا، والملاحظات التي تساعدهن على تحسين منتجاتهن"، ترى الصمادي .

ي

 

تباطؤ في الإنجاز

أرجعت مديرة وحدة تمكين المرأة في بلدية جرش الكبرى أماني الزبون، التباطؤ في تأهيل السوق الشامي العتيق الذي جرى اتفاق بخصوصه بين البلدية ووزارة السياحة العام الماضي، إلى تحويل المخصصات المرصودة للمشروع للتعامل مع تبعات أزمة كورونا، وما تبع ذلك من حلٍ للمجلس البلدي. البلدية تحاول إحياء المشروع من خلال محاولات الحصول على منح تدعم تنفيذه، تقول الزبون. 



 

السوق الشامي العتيق شيد قبل 150عاما بالقرب من المسجد الهاشمي في وسط مدينة جرش. ويضم عددا من المحال التجارية والبيوت القديمة، بعضها مهجور منذ عقود. 

 

بدوره، يعترف الناطق الإعلامي لبلدية جرش الكبرى هشام البناء، بأن السوق لم يحظ منذ سنوات بأية تحديثات سوى إنشاء جسور حديدية للإنارة، بالإضافة إلى منع مزاولة المهن المزعجة داخله كمهنة الحدادة. 

لكن البناء يقول إنه تم اختيار ثلاثة بيوت قديمة لتجهيزها وتحويلها إلى مقر دائم لعرض منتجات نحو 170 سيدة منتجة في جرش، مشيرا إلى أن "البلدية بانتظار المصادقة النهائية من وزارة الإدارة المحلية على إحالة عطاء تنفيذ العمل مع أحد المقاولين". ولفت إلى أن مشروع ترميم السوق الشامي العتيق يهدف لربط شطري المدينة الأثرية والحضرية، بهدف إدخال السائحين إلى وسط المحافظة. 

 

في المقابل، تحمل الناشطة الإجتماعية في محافظة جرش مها الحمصي رأيا مختلفا بخصوص توفير مقر ثابت لتسويق المنتجات، وتجد أن الحل الأفضل يكون بإنشاء منصة تسويق إلكترونية. وتبرر رأيها بأن "المقر الثابت داخل المحافظة قد يكون مكلفا، وربما لا يأتي بالنفع على السيدات المنتجات لأن غالبية عائلات جرش تعتمد على نفسها في صناعة منتجاتها وخاصة الغذائية منها. وعلى العكس ذلك فإن التسويق الإلكتروني يمكنهن من البيع خارج المحافظة". 

وبخصوص المعارض السنوية يمكن أن تكون مجدية أكثر لو تم الإهتمام بها وتنظيمها في الأوقات والأماكن الصحيحة، بحسب الحمصي.

 

في عام 2002، أطلقت وزارة التخطيط والتعاون الدولي مشروع "إرادة" لتأسيس وتطوير المشاريع الصغيرة والمنزلية يقدم خدماته من خلال 28 مركزا موزعة على مناطق المملكة. البرنامج يدرب أصحاب المشاريع لتمكينهم من إدارتها بشكل فعال، ويدعم تسويق المنتجات من خلال منصات ونوافذ تسويقية، ويقدم خدمات الدعم الفني والجودة مجاناً للمشاريع التي تم تأسيسها من قبل البرنامج.  

ي

 

"برنامج (إرادة) مشروع وطني لتأسيس وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يقدم خدماته عبر 28 مركزاً، موزعة على محافظات المملكة، تموله وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وتنفذه الجمعية العلمية الملكية"

 

أضف تعليقك