تحدي رعاية الأطفال يحد من المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية

"بعد أنجاب طفلي الثاني قررت تقديم استقالتي، لم أستطع تحمل تكاليف الحضانة لطفلين" بهذه الكلمات بدأت دعاء البالغة من العمر 32 عام حديثها؛ عملت دعاء في إدارة السجلات الطبية لإحدى المستشفيات الخاصة لتسع سنوات، ولكن غياب حقها وحق العديد من النساء العاملات بتوفير حضانة لأطفالهم كان سبباً كافياً لترك العمل.

 

تنـص المـادة 72 مـن قانـون العمـل الأردني علـى مـا يلـي: "يلتزم صاحـب العمـل الـذي يستخدم عددا من العاملين 

فــي مــكان واحــد ولديهــم علــى الأقل 15 ً طفــلاً تزيــد أعمارهم علــى خمــس ســنوات بتهيئة مكان مناسب ليكون

فـي عهدة مربية مؤهلـة أو أكثـر لرعايتهـم، كمـا يجـوز لإصحاب العمـل الاشتراك فـي تهيئـة هـذا المـكان فـي منطقـة

جغرافيـة واحدة" وقـد تـم إصـدار تعليمـات توضـح بدائـل عـن دور الحضانـة فـي حـال عـدم قـدرة أصحـاب العمـل علـى

توفيـر حضانة فــي موقــع العمــل ذاتــه، حيــث تمنــح هــذه البدائل مرونــة أكبــر لأصحاب العمــل مــن حال السماح

لهـم بالتعاقـد مـع حضانـة واحـدة أو أكثـر فـي مناطـق جغرافية متعددة، مما يمنح العمـال الحـق فـي اختيـار الحضانة

المناسـبة لأطفالهم مـن بينهـا، كمـا يحـق للعامـل التعاقـد مـع حضانـة مـن اختيـاره وعندهـا يجـب علـى صاحـب العمـل

المسـاهمة فـي تغطيـة جـزء مـن التكاليـف الماليـة، وتعتمـد هـذه المسـاهمة الشـريحة التـي ينتمـي إليها العامـل تبعـاً لراتب الأساسي الذي يتقاضاه، يمنح العمال الذين يتقاضون مرتباً اقل من 300 دينار أردني مبلغ قدره 50 دينار كدعـم لتوفيـر الرعايـة المناسـبة لأطفالهم، ويتوجـب منـح هـذا الدعـم لـكل مـن العمـال الذكـور والإناث علـى حـد سواء.

 

مشاركة اقتصادية ضئيلة للمرأة

لا زالت مشاركة المرأة في القطاع الاقتصادي ضعيفة وتحديداً في سوق العمل ،حيث تضاعفت بعد جائحة كورونا، ويعتبر عدم تطبيق مؤسسات العمل للمادة 72 من قانون العمل الأردني واحدة من أسباب ضعف مشاركتها، وتؤكد أرقام دائرة الإحصاءات العامة  ضعف مشاركتها، تشير الأرقام إلى معدل البطالة بين الإناث وصل في الربع الأول من العام الحالي إلى 31.5 بالمائة، لترتفع بمقدار 3.0 نقطة مئوية في شريحة الإناث مقارنة بالربع الأول من عام 2021

وكان تقرير حالة البلاد لعام 2021 أظهر أن تراجع مشاركة المرأة الاقتصادية بفارق 3.3 نقطة مئوية عن أعلى نسبة مشاركة لها سجلت عام 2017 بنسبة بلغت 17.3 بالمئة، فيما بلغت نسبة المشاركة الاقتصادية المنقّحة للأردنيات 13.7 بالمئة ، وتوضح أن عدد المتعطلين من الأردنيين والأردنيات عن العمل بلغ ما يقارب 436 ألفا، منهم نحو 114 ألف أردنية بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة .

 

في حديث مع سهر العالول عضو في مؤسسة صداقة، أكدت أن توفير الحاضنات يساهم في دخول المرأة لسوق العمل وتخفيف عبء الرعاية عليها وعلى الاسرة بشكل كامل.

وبما يتعلق بدور الدولة قالت العالول" على الدولة ان تتحمل مسؤولية هذا الأمر أن أرادت عجلة التنمية الاقتصادية أن تستمر"، واضافت ان ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل  يؤثر على مستوى الإنتاج الاقتصادي في الأردن.

وأشارت العالول إلى أهمية الرقابة من قبل الدولة على المؤسسات لتفعيل المادة ٧٢ من قانون العمل بشكل أكبر وتحقيق البدائل التي اقرتها في القانون بما يتعلق بتوفير الحاضنات، لأن من أهم المعيقات التي تواجه هذه المادة هو عدم وجود دعم مباشر من قبل الدولة لهذا القطاع وأصحاب العمل والأسر العاملة.

 

ديما عربيات منسقة برامج التمكين الاقتصادي في اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة في حديثها لـ عمان نت على ضعف مشاركة المرأة الاقتصادية رغم ارتفاع نسبة التحاقها في التعليم، وقالت "نسبة البطالة بين الإناث مرتفعة بين الذكور بسبب عدم توفير بيئة عمل مناسبة ومنها عدم توفير حضانات في المنشأة التي تعمل بها"، وأضافت عربيات، أن أرباب العمل لا يلتزمون بتعديلات التي حدثت على قانون العمل لأنها تؤدي لتكاليف إضافية لا يستطيع تحملها 

 

إشكالية المادة 72 من قانون العمل الأردني

الدكتور القانوني محمد الموسى يرى أن النص القانوني للمادة 72 في قانون العمل هو نص إشكالي، لأن توفير الظروف المناسبة للعمل والاستمرار به هي مسؤولية الدولة وليس صاحب العمل، وهذا يشمل موضوع توفير رعاية الأطفال للنساء العاملات.

"إيجاد مثل هذا النص يعتبر بمثابة تهرب الدولة من مسؤوليتها القانونية بموجب منظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان ومنظومة العمل الدولي" يقول الموسى، ويكمل حديثه بأنه يجب على الدولة أن توفر الحضانات كما توفر التعليم، فهذا النص يحمل تكاليف مالية إضافية لأصحاب العمل وبالتالي من الطبيعي التهرب منه أو عدم تطبيقه، وخاصةً انها وضعت شروط تتيح لصاحب العمل بعدم تطبيق القانون من خلال تحديد عدد العمال وعدد الأطفال.

 

وقــد كشــفت دراســة حديثــة بعنــوان "خدمــات رعايــة الاطفال فــي الأردن: تقييــم العــرض والطلــب" نفذهــا برنامــج

تمكيـن المـرأة فـي المشـرق، وهـي إحـدى مبـادرات مجموعـة البنـك الدولـي التـي تعمـل مـع مختلـف الحكومـات فـي

المنطقـة بمـا فـي ذلـك الأردن، أن الأسر ذات الدخـل المنخفض لديها نفاذ محـدود إلـى خدمـات رعايـة الأطفال الأمر الذي يؤثر سلباً على قـدرة المـرأة علـى الانضمام إلـى القـوى العاملـة والاستمرار فيها وبالتالي يحد من مساهمتها في دخل الأسرة.

ووفقاً لتقريـر هيئـة الأمم المتحـدة للمـرأة حـول المـرأة الأردنية العاملـة واللاجئين السـوريين لعـام 2016، فـإن ّ ضعــف خدمــات رعاية الأطفال يشكل أحــد أهــم التحديــات التــي تواجـه المــرأة ويحــد مــن قدرتهــا علــى المشــاركة فــي الاقتصاد والانضمام إلـى سـوق العمـل.

 

أضف تعليقك