مشروع الصوف: إحياء التراث وتحويل الموارد الطبيعية إلى فرص

الرابط المختصر

في خطوة بارزة نحو تعزيز الاقتصاد المحلي والحفاظ على التراث الثقافي، أُطلق مشروع الصوف بتمويل من السفارة الكندية. يهدف المشروع إلى الاستثمار في صوف الأغنام وتحويله إلى نسيج، ويجمع بين الفتيات والسيدات في المجتمع، حيث يعمل 32 منهن بدوام جزئي، مما يسهم في نقل المعرفة والخبرات من الجيل القديم إلى الجيل الجديد.

أهمية المشروع

يمثل مشروع الصوف فرصة فريدة لإحياء صناعة الصوف التقليدية، التي كانت جزءًا أساسيًا من التراث العربي. تسهم المشاركة النسائية في المشروع في ترسيخ قيم العمل الجماعي والتعاون، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويخلق بيئة عمل إيجابية. كما يساهم المشروع في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المحلية، مما يضمن عدم هدر الصوف ويعزز من قيمته الاقتصادية.

تجارب المشاركات

شفاء الجازي (30 عاماً) تعتبر شفاء الجازي أن تجربتها مع مشروع الصوف كانت فريدة ومثيرة. تقول: "تعلمت العديد من المهارات، مثل مراحل الغسيل والنفش والعزل، والتي لم أكن أعرفها من قبل." تضيف: "هذا المشروع، بالتعاون مع جمعية الجوهرة، يعد تجربة رائعة، حيث يمكننا الاستفادة من أصواف الأغنام وتعزيز قيمتها عبر الاهتمام بجمعها وتصديرها." تعبر شفاء عن فخرها بمساهمتها في تعزيز الاقتصاد المحلي والحفاظ على التراث الثقافي.

عُلا الجازي (28 عاماً) تعتبر عُلا الجازي أن المشروع يخلق فرص استثمارية غير تقليدية. تقول: "يساعدنا هذا المشروع على إحياء التراث العربي من خلال العمل على مشاريع تقليدية." تؤكد عُلا على أهمية الالتزام في العمل، حيث تسهم هذه الجهود في تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة وتوفير فرص عمل للنساء. تشدد على أهمية المعرفة والثقافة، حيث يتيح المشروع للأفراد اكتساب خبرات جديدة حول أهمية الصوف وعدم هدره، مما يعزز من مردودهم المالي.

أما شهوه الجازي، فتصف تجربتها بأنها ملهمة وغنية بالمعلومات. "لقد استفدت كثيراً من تعلم كيفية غسل الصوف ونشره، وأيضاً كيفية الغزل والتلوين." تعتبر أن عملية صنع الحقائب والتصاميم المختلفة كانت ممتعة للغاية، حيث تعلمت كيفية الوزن والتوزيع بشكل دقيق. وتضيف: "استيقظت مبكراً للذهاب إلى الجمعية مع زميلاتي، واستفدت مادياً من هذا المشروع، مما ساعدني في تلبية احتياجات أسرتي اليومية."

نقل المعرفة والتراث

من خلال هذه التجارب، يظهر المشروع كأداة فعالة لنقل المعرفة من الأجيال السابقة إلى الجديدة. تعمل النساء المشاركات على تعلم المهارات التقليدية المستخدمة في الماضي، مما يساعد على الحفاظ على هذه الفنون الحرفية. تساهم هذه العملية في تعزيز الهوية الثقافية وضمان استمرار هذا التراث للأجيال القادمة.

تطوير المنتجات

لا يقتصر المشروع على جمع الصوف وتغليفه، بل يشمل أيضاً تصميم وإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات. تعمل المشاركات على تطوير منتجات مثل البسط، والحُفَّة، والمخدات، مع استخدام تقنيات الصبغ للحصول على ألوان زاهية وجذابة. يتيح هذا التنوع في المنتجات فرصاً جديدة للتسويق والترويج، حيث يتم عرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع.

الفوائد الاقتصادية والاجتماعية

يمتاز مشروع الصوف بعدة فوائد، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي. فهو يساعد في خلق فرص عمل جديدة، خاصة للنساء، مما يعزز من استقلاليتهن المالية. كما يسهم في بناء مجتمع متماسك من خلال العمل الجماعي والتعاون. يعزز المشروع ثقافة العمل اليدوي، مما يسهم في الحفاظ على الفنون التقليدية وزيادة الوعي حول أهمية الصوف كمنتج طبيعي.

التحديات والمستقبل

رغم النجاحات التي حققها المشروع، يواجه تحديات تتعلق بالتسويق والوصول إلى أسواق جديدة. تحتاج المشاركات إلى دعم مستمر من الجهات المعنية لضمان استمرارية المشروع وتوسيع نطاقه. تتمثل الرؤية المستقبلية للمشروع في تحسين جودة المنتجات وزيادة الوعي حول أهمية الصوف كمنتج يمكن الاستفادة منه بشكل أفضل.

تحدثت السيدة جميلة الجازي، رئيسة جمعية الجوهرة الخيرية، قائلة: "تأسست جمعية الجوهرة في عام 2009 بهدف تعزيز التنمية في منطقة الجربا. على مدار السنوات، نفذنا مجموعة من المشاريع الهامة مثل برامج تعليمية ومشاريع لدعم النساء الحرفيات." وأكدت أن الجمعية تؤمن بأن التعليم والثقافة هما الأساس لبناء مجتمع قوي، وتعمل على تمكين الأفراد اقتصادياً وتقديم الدعم للأسر المحتاجة.
يعد مشروع الصوف تجسيداً حقيقياً للتراث الثقافي العربي، حيث يجمع بين العمل اليدوي والابتكار. من خلال تعزيز القيم التقليدية وتقديم فرص جديدة للنساء، يسهم المشروع في بناء مجتمع قوي ومستدام. تجارب شفاء، عُلا، وشهوه تمثل نماذج ملهمة للتغيير الإيجابي، حيث يستمرن في إحياء هذه الصناعة العريقة وتحويل الصوف إلى منتجات قيمة تُعرض بفخر.

يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة شبكة الإعلام المجتمعي/راديو البلد وبرنامج النساء في الأخبار ضمن  مبادرة الأثر الاجتماعي SIRI.