دور الشباب والمجتمع المدني في تعزيز الصحة العامة: مسؤولية مجتمعية وتحديات
يعد تعزيز الصحة العامة وتطوير خدمات الرعاية الصحية مسؤولية تتطلب تضافر جهود المجتمع بأسره، وتعمل وزارة الصحة الأردنية على تحقيق هذه الأهداف بالتعاون مع مختلف الجهات، مثل القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني. وتبرز أهمية هذا التعاون بشكل خاص عند تسليط الضوء على فئة الشباب، كونهم أكثر تأثرًا بالتحديات الصحية الحالية وأهم فئة يمكن الاستثمار في توعيتها وتعزيز دورها.
"لا للتدخين" نموذج للتعاون المجتمعي
تمثل جمعية "لا للتدخين" أحد النماذج الهامة للتعاون المجتمعي الهادف إلى الارتقاء بالصحة العامة، حيث تتعاون الجمعية مع وزارة الصحة لتقليل معدلات التدخين، مع التركيز على الشباب والمراهقين. وتوضح الدكتورة لاريسا الور، عضو مؤسس وأمين سر الجمعية، أن هدف الجمعية هو الحد من ظاهرة التدخين التي تؤدي إلى مشاكل صحية واقتصادية على المجتمع. وتقوم الجمعية بدور فاعل في مراقبة مخالفات التدخين وإبلاغ الجهات المعنية، كما تعمل على التواصل المباشر مع المجتمع من خلال المحاضرات والندوات في المدارس والجامعات، وهو ما يسهم في رفع مستوى الوعي الصحي لدى اليافعين والشباب بشكل أكبر.
الشباب والمبادرات التوعوية الصحية: منصة "متحسس لكن مش محروم"
تعد مبادرة "متحسس لكن مش محروم" نموذجاً آخر لدور المجتمع المدني في التوعية الصحية وهي أول منصة إلكترونية رائدة متخصصة باللغة العربية في مجال التوعية بأنواع الحساسية المختلفة وطرق الوقاية منها.
تؤكد مؤسسة المبادرة زهية الصالح أن المبادرة تستعين بالشباب كعنصر أساسي في نشر التوعية الصحية بين أفراد المجتمع، سواء للأطفال وأسرهم أو لفئة الشباب أنفسهم، مما يعزز من فهم المجتمع لأهمية التشخيص المبكر والتعامل الصحيح مع أمراض الحساسية مثل حساسية الطعام ومرض السيلياك. من خلال هذا الدور، يسهم الشباب في نشر المعرفة اللازمة التي تساعد العائلات على تشخيص الحالات الصحية لأبنائهم وتقديم الرعاية الملائمة لهم، بالإضافة إلى خلق جيل واعٍ وقادر على التوعية بالاحتياجات الصحية الخاصة، مما يترك أثراً إيجابياً على صحة المجتمع بشكل عام.
ومن التحديات التي تواجه الشباب المصابين بالحساسية الغذائية، خاصة أولئك الذين يقطنون في السكن الجامعي، عدم القدرة على الالتزام بنظام غذائي خاص نتيجة لضيق الوقت والتعب. ويبرز هنا دور الوعي الصحي لدى الشباب، فوجود زملاء على دراية بحالاتهم يسهم في تقديم الدعم والمساندة. وعليه، تُبرز المبادرة أهمية نشر الوعي الصحي بين فئات المجتمع المختلفة، وخاصة الشباب، ليس فقط لمساعدة المصابين ولكن أيضاً لبناء ثقافة صحية بين أفراد المجتمع كافة.
المجتمع المدني في مواجهة تحديات الصحة العامة
تؤكد الور على أن منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً حيوياً في تحسين الصحة العامة عبر تسليط الضوء على التحديات الصحية، وتقديم الحلول لصناع القرار. من أبرز المعيقات التي تواجه هذه المنظمات هي اختلاف الرؤى حول قضايا معينة، مثل التبغ؛ فبينما تركز الجمعية على تقليل الخسائر المادية والصحية للتدخين بين فئات المجتمع المختلفة وخاصة الشباب، يولي المسؤولون أحياناً اهتمامًا أكبر بالعائدات الاقتصادية. وهنا يأتي دور المجتمع المدني لتقريب وجهات النظر وإبراز التكلفة الحقيقية لهذه الظواهر على صحة الشباب واقتصاد المجتمع.
الشراكة بين وزارة الصحة والمجتمع المدني
تعكس الشراكة بين وزارة الصحة وجمعية "لا للتدخين" نموذجاً يحتذى به في بناء شراكات مجتمعية تهدف إلى تعزيز الصحة العامة. هذه الشراكة تؤكد أهمية دور المجتمع المدني في تقديم رؤية شاملة للصحة العامة، لا تقتصر على التدخلات العلاجية، بل تشمل الوقاية والتوعية، وخاصة بين الشباب الذين يمثلون القوة الأكبر لتغيير المجتمع.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة شبكة الإعلام المجتمعي/راديو البلد وبرنامج النساء في الأخبار ضمن مبادرة الأثر الاجتماعي SIRI.
إستمع الآن