هيومان رايتس: على الحكومة وضع حد للمحاكمات على التعبير السلمي

الرابط المختصر

بدأ الباحث الأول في منظمة “هيومان رايتس ووتش” كريستوف ويلكي، حديثه في المؤتمر الصحفي عن استقلالية تقارير المنظمة قبل الخوض في تفاصيل تقريرهم السنوي عن الأردن “ليس لنا ارتباط بأي حكومة في العالم، نحن جمعية خيرية مستقلة”.

 

التقرير ليس شاملا وإنما خلاصة لكل التطورات التي حصلت في الأردن ومن بينها جزء عن حرية التعبير وحق التجمهر، لكنها تبقى تسجل ملاحظات كما يقول ويلكي “أعتقد أنه من التطورات الايجابية في سنة 2010 للإصلاح عندما تصدر الحكومة قانون عقوبات معدل لكنها لم تعدل قانون المواد التي تنتهك حقوق الإنسان الدولية فيها، مثل حرية التعبير”.

 

بما يخص التعذيب في أماكن التوقيف والسجون، أكد ويلكي أن عدد الشكاوى في مراكز الإصلاح والتأهيل “أنخفض” وهذا مرده “وعي المرتبات في مراكز الإصلاح من خلال تدريب الكوادر على دورات حقوق الإنسان”، لكن الحكومة حتى اللحظة لم تتخذ خطوات فعلية لمنع التعذيب وسوء المعاملة مستقبلا في إحالة قضايا متعلقة بسوء العاملة من محكمة الشرطة إلى المحاكم المدنية، وتقوية الاشراف المدني والقضائي على السجون فلا يزال الاشراف تحت رعاية الأمن العام.

 

وأضاف ويلكي أن محكمة الشرطة “لا تلاحق القضايا التي يسجل فيها تعذيب، لكنه يسجل تطورا إيجابيا وهو “لأول مرة قبلت محكمة مدنية قضية فيها طلب حق التعويض عن تعذيب وهذه سابقة في القضاء الأردني”.

 

وفي سؤال لراديو البلد حول ردود فعل المسؤولين الأردنيين، أجاب ويلكي أنه تم النقاش مع وزير الخارجية ناصر جودة قبل أيام، ودافع الأخير عن حرية التعبير في الأردن، ووصفها بالمحمية بالكامل.

 

ووفق التقرير يسجل انتقاصا للجمعيات العامة، من خلال تفويض المحافظ، بموجب قانون التجمعات العامة لعام 2008، رفض منح الإذن- دون تقديم مبرر- لعقد أي اجتماع في الشؤون العامة، بما في ذلك المظاهرات. مستعرضا ويلكي حالات لأشخاص تعرضوا إما للاعتقال أو الاحتجاز لفترة مؤقتة.

 

في 25 يوليو/تموز، اعتقلت الشرطة لفترة وجيزة أمينة طارق بموجب قانون التجمعات العامة، بسبب إجرائها احتجاجاً سلمياً في الشارع دون ترخيص، يرمي إلى الترويج للطعام النباتي (أو الامتناع عن أكل اللحوم) عبر تغطية نفسها بأوراق الخس. تحظر المادة 164 من قانون العقوبات التجمعات غير القانونية من سبعة أشخاص أو أكثر بقصد ارتكاب جريمة أو الإخلال بالنظام العام. استخدمت محكمة أمن الدولة هذه المادة في 27 يوليو/تموز للحكم على محمد السنيد، رئيس لجنة عمال المياومة في الدوائر الحكومية، بالسجن ثلاثة أشهر للتظاهر سلمياً ضد فصل عمال المياومة من وزارة الزراعة، ومجادلة الوزير في حفل في 10 مايو/أيار في مادبا.

 

في 16 ديسمبر/كانون الأول 2010، تنتهي فترة السماح لمنظمات المجتمع المدني من أي نوع لأن تمتثل لقانون 2009 التقييدي، الخاص بالجمعيات الخيرية، والذي يطلب من المنظمات المسجلة كشركات غير ربحية بموجب قانون الشركات الأقل تقييداً، التسجيل كجمعيات خيرية بموجب القانون الجديد، الذي يمنح الحكومة السلطة التقديرية لرفض الطلبات المقدمة من المنظمات غير الحكومية الجديدة، ورفض طلباتهم للحصول على التمويل الأجنبي، وصلاحيات واسعة لإغلاق المنظمات غير الحكومية القائمة.

 

ويبلغ حجم التقرير 648 صفحة الذي يعتبر عرضا سنويا لممارسات حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، يُلخص قضايا حقوق الإنسان الأهم في أكثر من 90 دولة وإقليم، ويعكس العمل البحثي الموسع الذي قام به العاملون في هيومن رايتس ووتش خلال عام 2010.

 

“حل الملك عبد الله البرلمان في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، في منتصف فترة انعقاد البرلمان لأربع سنوات، في انتكاسة للحقوق السياسية في 2010. حكمت الحكومة عبر مرسوم خلال معظم 2010، في انتظار إجراء انتخابات جديدة مزمع إجراءها في 9 نوفمبر/تشرين الثاني” وفق تقرير المنظمة.

 

وفي فرصة ضائعة للإصلاح، أصدرت الحكومة في 18 مايو/أيار 2010، قانون الانتخابات الجديد الذي حافظ على تمثيل برلماني أعلى للمناطق الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة – حيث تقيم أساساً القبائل الموالية للحكومة – على حساب المراكز السكانية في المناطق الحضرية، حيث يقيم معظم الأردنيين من أصل فلسطيني.

 

وقال أكثر من 100 قاضي في احتجاج أن قانوناً جديداً صدر في 16 يونيو/حزيران منح صلاحيات أوسع لوزارة العدل وقلص استقلال القضاء.

 

لأول مرة، قبلت محكمة أردنية دعوى مدنية من قبل شخص يدعى أنه ضحية تعذيب مطالباً بتعويض، لكن حتى كتابة هذه السطور لم يكن قد تم الفصل في الدعوى بعد. يحتفظ الأردن بعقوبة الإعدام، لكنه قرر وقف استخدامها منذ العام 2006.

 

واصلت دائرة المخابرات العامة الأردنية التدخل في القرارات في معظم جوانب الحياة العامة الأردنية، بما في ذلك الحريات الأكاديمية، والتعيينات الحكومية، وإصدار تصاريح الإقامة لغير الأردنيين، وشهادة “حسن السيرة والسلوك” المطلوبة للأردنيين الذين يرغبون بالعمل في الخارج. ضايقت دائرة المخابرات العامة المواطنين، بما في ذلك أحد كبار مستشاري الحكومة السابقين، بسبب انتقاداتهم لسياسات الحكومة، عبر استدعاءهم للاستجواب وتهديدهم بضرر غير محدد.

 

في 25 أبريل/نيسان، أعادت دائرة المخابرات العامة إلقاء القبض على المواطن الأردني سمير البرق، واحتجزته حتى ترحيله سريعاً إلى الضفة الغربية المحتلة في 11 يوليو/تموز، حيث اعتقلته المخابرات الإسرائيلية على الفور. في 18 يوليو/تموز، وجهت محكمة عسكرية إسرائيلية للبرق تهماً بالعضوية والتدرب مع منظمة معادية، والتخطيط لهجمات إرهابية. كانت دائرة المخابرات العامة قد اعتقلت البرق بين عامي 2006 و 2008 دون تهم.

 

التجريد من الجنسية

 

في انتهاك للقانونين الأردني والدولي، واصلت الحكومة الأردنية السحب التعسفي للجنسية الأردنية من الأردنيين من أصل فلسطيني؛ مما يجعلهم بدون جنسية، ويحرمهم من الحق في التعليم، والرعاية الصحية، والتملك، والإقامة في الأردن. أبناء المجردين من الجنسية يفقدون جنسيتهم تلقائياً بدورهم، حتى لو كانوا بالغين. وقالت وزارة الداخلية إنها سحبت الجنسية من 2700 أردني بين عامي 2004 و2008، لكنها لم تناقش الأرقام لعام 2009 أو 2010.

 

التعذيب والاحتجاز التعسفي والاحتجاز الإداري

 

وفقاً للمركز الوطني لحقوق الإنسان، استمر التعذيب الذي يتكرر على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، ولا سيما في مراكز الشرطة، حيث زادت الشكاوى حول سوء المعاملة عام 2009 ومرة أخرى عام 2010.

 

يتمتع مرتكبو التعذيب بحصانة شبه مطلقة، لأن الشرطة هي التي تدير نظام المساءلة في أماكن الاحتجاز. تبدأ عملية الإنصاف بآلية شكاوى غير فعالة، وتتابع مع تحقيقات وملاحقات قضائية غير فعالة، وتنتهي في محكمة الشرطة، حيث اثنان من ثلاثة قضاة في المحكمة ضباط شرطة تعينهم الشرطة (تغير القانون في 2010 وأضيف قاضٍ واحد من المحاكم العادية، حيث القضاة أكثر استقلالاً). تميل محاكم الشرطة إلى فرض أحكام مخففة، في حال أصدرت أي حكم.

 

يستطيع المحافظون اعتقال الأشخاص إدارياً بموجب قانون منع الجرائم. يشترط القانون أن يملك المحافظ دليلاً على سلوك إجرامي، لكن في الممارسة، فإن الحال ليس كذلك دائماً. كثيراً ما يستخدم الاعتقال الإداري للتحايل على ضرورة تقديم الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم، عادة السرقة أو السلوك غير المنضبط، إلى المدعي العام في غضون 24 ساعة من توقيفهم. كما يستخدم لنقض قرارات القضاة الذين أفرجوا عن المشتبه بهم بكفالة. في يناير/كانون الثاني 2010، أفاد المركز الوطني لحقوق الإنسان عن 16 ألف حالة احتجاز إداري في عام 2009، ازدياداً من 14 ألف حالة عام 2008، مضيفة ما يصل إلى سجين لكل خمس سجناء على مدار العام.

 

حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات

 

انتقاد الملك والتشهير بالمسؤولين والمؤسسات الحكومية، والتعليقات التي تعتبر مسيئة للإسلام أو تقلل من هيبة الدولة أو تضر بالعلاقات الدولية، تنطوي على عقوبات قاسية بموجب قانون العقوبات. رفعت مراجعة لقانون العقوبات في 1 يونيو/حزيران العقوبات على بعض جرائم الكلام. وسّع قانون جرائم أنظمة المعلومات الصادر في 29 أغسطس/آب هذه الأحكام لتمتد إلى التعبير على الإنترنت. تطالب المادة 5 من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2007 المطبوعات بالالتزام بـ “القيم الإسلامية”.

 

في 28 يوليو/تموز، اعتقل المدعي العام العسكري في محكمة أمن الدولة الطالب الجامعي حاتم الشولي ووجه له تهماً بإهانة الملك عبد الله و “إثارة النعرات الطائفية”، على أساس قصيدة ينفي الشولي أنه كتبها. أفرج عن الشولي وأسقطت التهم عنه في 8 سبتمبر/أيلول. في يوليو/تموز، حكمت محكمة أمن الدولة على عماد العش بالسجن لمدة سنتين لإهانة الملك في رسائل إلكترونية أرسلها إلى موقع جهادي على شبكة الإنترنت.

 

حقوق النساء والفتيات

 

يلغي مشروع قانون أحوال شخصية جديد تم تقديمه في أبريل/نيسان، قانون لعام 2001 يخول المرأة الحق في الطلاق من زوجها دون الحاجة إلى إظهار خطأ (الخلع). كما أنه يواصل السماح للزواج من فتيات في سن الـ 15، إذا وافقت على ذلك لجنة من القضاة الإسلاميين. ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، تزوجت 14 ألف فتاة تحت سن الـ 18 في الأردن في العامين السابقين ليوليو/تموز 2010.

 

في 3 مايو/أيار 2010، أصدرت الحكومة مرسوماً بتعديلات على قانون العقوبات لضمان أن مرتكب ما يسمى بـ “جرائم الشرف” ينال العقوبة الكاملة في القانون لقتل القريبات اللاتي يشتبه في إقامتهن علاقات غير مشروعة. المادة 345 مكرر الجديدة تمنع الأخذ بالظروف المخففة لارتكاب جرائم في “حالة من الغضب” (المادة 98) إن كانت الضحية تحت الـ 15 أو أنثى. وفقاً لرنا الحسيني من صحيفة جوردن تايمز، سجلت 12 “جريمة شرف” في الأردن في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

 

شددت تعديلات قانون العقوبات أيضاً العقوبات المفروضة على الاغتصاب من السجن 10 سنوات إلى 15 سنة، وبموجب نص جديد، السجن 20 عاماً مع الأشغال الشاقة إن كانت الضحية بين 15 و 18 سنة. وتم تحديد العقوبات الجديدة للاعتداءات الجسدية التي أفضت إلى وفاة قاصر أو أنثى بالسجن 12 عاماً على الأقل.

 

حقوق العمال

 

تستطيع النقابات الأردنية الإضراب بموافقة الحكومة؛ ولا يسمح لغير الأردنيين بالإضراب، على الرغم من السماح لهم بالانضمام إلى النقابات منذ عام 2008.

 

قوانين جديدة لعاملات المنازل المهاجرات صدرت في أغسطس/آب 2009 بعد إدخال العمالة المنزلية في قانون العمل في يوليو/تموز 2008، تقيد الحقوق الأساسية، مثل حرية التنقل. فشلت لجنة وزارة العمل المكلفة حل النزاعات العمالية في تحصيل الرواتب غير المدفوعة لعاملات المنازل، أو تقديم حماية كافية للعاملات من العمل لساعات طويلة، أو البقاء محاصرات لدى الأسر المسيئة.

 

حقق المحققون في 34 قضية بموجب قانون مكافحة الإتجار بالبشر الأردني الصادر في مارس/آذار 2009، لم يتم توجيه تهم في جميع القضايا. لم تفصل المحاكم بعد في القضايا الخمسة التي رفعها المدعي العام في عمان منذ يوليو/تموز.

 

الأطراف الدولية الرئيسية

 

وقّعت الولايات المتحدة اتفاقية لخمس سنوات تبدأ في العام 2010، لتمد الأردن بـ 360 مليون دولار سنوياً كمساعدات اقتصادية، و300 مليون دولار كتمويل عسكري أجنبي. يمثل هذا زيادة على الطلبات السنوية السابقة للإدارة الأمريكية للحصول على مساعدات للأردن، لكن في الماضي كانت تلك المساعدات في كثير من الأحيان مساعدات محددة، الأمر الذي يرفع المساعدات الفعلية الأمريكية لأكثر من مليار دولار عام 2008 (مقارنة مع 265 أو 369 مليون يورو للاتحاد الأوروبي من العام 2007 حتى عام 2010).

 

أكد الاتحاد الأوروبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 التزامه رفع مستوى العلاقات مع الأردن، ووقع في مايو/أيار 2010 حزمة مساعدات بقيمة 223 مليون يورو (310 مليون دولار أمريكي) على مدى ثلاث سنوات 2011-2013. أحد المجالات الأربعة ذات الأولوية هي الديمقراطية وحقوق الإنسان والإعلام والعدالة. هذه الزيادة بنسبة 12% في مساعدات الاتحاد الأوروبي تأتي على الرغم من عدم إحراز أي تقدم، وعدد من الانتكاسات خلال عام 2010، في هذه المجالات.

*لوثائقيات حقوق الإنسان