خسائر تنموية جراء عدم إدماج النساء ذوات الإعاقات
وثائقيات حقوق الانسان أشارت وثيقة صادرة عن اللجنة الإقتصادية الإجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) خلال عام (2012) بعنوان "إدارة التغيير : قضايا الإعاقة في العملية التنموية" ، الى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يعتبروا من أهم الموارد البشرية غير المستثمرة في المجتمعات ، وأن خسائر بعض الدول الأسيوية والأفريقية تراوحت بين (3 – 5%) من الناتج القومي لها بسبب إقصاء هذه الفئة عن الحياة الإقتصادية وعدم تمكين النساء ذوات الإعاقة إقتصادياً. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن مليار شخص حول العالم ذكوراً وإناثاً يعانون من أحد أشكال الإعاقة ، وهو يشكل ما نسبته (15%) من مجمل سكان العالم ، كما ويعاني ما بين (110 – 190) مليون شخص من صعوبات جدية في الأداء ، وتشير منظمة الصحة العالمية الى تزايد في أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب شيخوخة السكان وإزدياد الأمراض المزمنة بالإضافة الى أسباب متعددة أخرى ، وهم كذلك يعانون من إحتياجات طبية غير ملباة بسبب ضعف وصولهم للخدمات الصحية. وتؤكد "تضامن" أن النساء ذوات الإعاقة يعانين معاناة مضاعفة بسبب العنف والتمييز ، فقد أشارات دراسة الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة عام 2006 وبناءاً على مسح أجري في أوروبا وشمال أمريكا وأستراليا ، الى أن أكثر من نصف النساء ذوات الإعاقة تعرضن للإيذاء الجسدي مقارنة بتعرض ثلث النساء العاديات لنفس الإيذاء. ويلتحق بالتعليم والتدريب ما نسبته 5% فقط من إجمالي الأطفال والمراهقين ذوي الإعاقة ، وتعاني النساء والفتيات ذوات الإعاقة من حواجز تحول دون مشاركتهن في الحياة الإجتماعية والتنمية. أما فرصهن في العمل فهي نصف فرص الرجال ذوي الإعاقة ، وحتى عند حصولهن على وظائف فإن رواتبهن وحوافزهن وحصولهن على فرص التدريب تكون أقل . وتشير الوثيقة الى أن إرتفاع كلفة الإقصاء على الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم وعلى أسرهم ومجتمعاتهم ، فيعانون خاصة النساء منهم من أوضاع صحية صعبة إضافة الى إرتفاع تكاليف الرعاية الطبية ، ويعانون من تعليم متدن وبطالة مرتفعة ومحدودية مشاركتهم في المجال السياسي والأنشطة الترفيهية. كما أنهم بحاجة الى عناية من أحد أفراد العائلة الذي قد يضطر لترك العمل بسبب ذلك. وإن عدم مشاركتهم في الحياة الإقتصادية يرفع من كلفة الرعاية التي تؤمنها الدولة ، مما يفاقم الأضرار والتي أصبحت مزمنة جراء آثار الحرمان والإقصاء والإعاقة. وتؤكد الوثيقة على مجموعة من الإجراءات الهادفة الى إخراجهم خاصة النساء من هذه الحلقة المفرغة لترسيخ مفهوم العدالة الإجتماعية ، فحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي نفسها حقوق أفراد المجتمع كافة ، ويجب العمل على تغيير المواقف السلبية تجاههم ، وإتباع سياسات تعليمية وتدريبية وتشغيلية ناجعة ، وتطبيق القوانين والإتفاقيات بشكل حازم ، فكل ذلك سيعمل على إنتشال هذه الفئة من براثن الفقر ، ومن التمييز والإقتصاء والتهميش. وتضيف "تضامن" بأن الوثيقة شددت على موضوع الإعاقة ما بين الرجال والنساء ، وإعتبرات أن النساء يعانين أكثر من الحرمان في الحصول على سكن لائق والخدمات الصحية والتعليم والتدريب المهني والأجهزة المساعدة ، ويعتمدن أكثر منهم على مؤسسات الرعاية ، ويتعرضن للتمييز في مجال العمل ، وأنهن أكثر عناصر المجتمع تعرضاً للتهميش والضرر ، حيث يعشن أسيرات التقاليد والأعراف الإجتماعية ، وتضيق أمامهن فرص الزواج وتكوين الأسر ، والإستفادة من خدمات التأهيل ، والمشاركة في المجالات الإقتصادية والإجتماعية. إن إحتمالات الإصابة بالإعاقة مرتفع في المنطقة العربية لأسباب عديدة منها الأنماط الحياتية غير الصحية ، وعدم الإستقرار السياسي ، والنزاعات المسلحة. وعلى الرغم من تعهد وإلتزام الدول العربية في إطار العقد العربي لذوي الإحتياجات الخاصة (2004 – 2013) ، إلا أن موضوع الإعاقة لم يتحول بعد الى قضية من قضايا حقوق الإنسان ، وتختلف تعريفاتها فيما بين الدول ، ولا زال جمع البيانات وتحديد الإجراءات على مستوى السياسات العامة يخضع لمبادئ طبية معتمدة في إعادة التأهيل وتأمين الرعاية. ومع تصديق الأردن على إتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ 31/3/2008 وتوقيعه عليها بتاريخ 30/3/2007 الى جانب (13) دولة عربية أخرى حتى آيار / مايو (2012) ، بذل الأردن جهوداً حثيثة لدعم ذوي الإعاقة والتعامل معهم كأصحاب حقوق وليس على أساس أنهم أفراد تقدم لهم الخدمات المتعلقة بالرعاية الصحية على سبيل الصدقة أو الإحسان ، ووضعت الإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة ، ودمج ذوي الإعاقة الجسدية في المجتمع. وتدعو "تضامن" كافة الجهات المعنية حكومية وغير حكومية ، خاصة مؤسسات المجتمع المدني والهيئات النسائية منها الى إيلاء النساء ذوات الإعاقة الإهتمام والرعاية اللازمتين من أجل إدماجهن في المجتمعات وتأمين مشاركتهن في الحياة الإقتصادية ، وإنهاء كافة أشكال التمييز والعنف والتهميش والإقصاء ضدهن ، والتعامل بحزم على تطبيق التشريعات والإتفاقيات التي تحمي حقوقهن الكاملة كباقي أفراد المجتمع ، وتذليل كافة العقبات اللوجستية التي تحول دون تمتعهن بحقوقهن ، والتعاون والبناء على إنجازات المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين.