تضامن: حماية عاملات المنازل من الاعتداء الجنسي بحاجة لقانون رادع
-وثائقيات حقوق الإنسان- تتعرض ألاف العاملات المنزليات حول العالم سواء اللواتي يعملن في بلدنهن أو خارجها لأشكال متعددة من العنف المعنوي والجسدي كالمعاملة السيئة والشتم والضرب والمضايقات والتحرشات الجنسية وقد تصل الى حد الإغتصاب والقتل ، كما يحرمن من أبسط حقوقهن الإنسانية بالعمل ساعات طويلة أو الحرمان من ساعات النوم أو الإجازات الأسبوعية أو تأخير الراتب أو الإحتجاز بعد إنتهاء عقد العمل أو العمل بأكثر من منزل ، إضافة الى إستغلالهن من قبل بعض مكاتب الإستقدام أو بعض الأشخاص من جنسياتهن الذين يعملون على إغوائهن مادياً للهروب من المنازل التي يعملن بها للعمل لحسابهن الخاص. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أنه وحسب تقديرات منظمة العمل الدولية تشكل النساء والفتيات ما نسبته (83%) أي ما يعادل (43.3) مليون عاملة منزلية من إجمالي العمال المنزليين (52.6 مليون). ويعتبر العمل المنزلي مصدراً مهماً للنساء والفتيات العاملات بأجر حيث يشكل ما نسبته (7.5%) من النساء والفتيات المستخدمات على المستوى العالمي. كما وتشير التقديرات الى وجود مئات آلاف العمال المنزليين في دول الشرق الأوسط المستقبلة للعمالة المنزلية فمثلاً يقدر عددهم في السعودية بمليون شخص يعملون تحت نظام الكفالة ، وفي الأردن فيقدر عددهم بحوالي 70 ألف حسب إحصائيات وزارة العمل الأردنية. وقد أصدرت منظمة العمل الدولية عام (2012) دليلاً حول "الحماية الفعالة للعمال المنزليين – دليل لوضع قوانين العمل" ، إعتبرت فيه أن الحماية من التحرش الجنسي وأشكال أخرى من المضايقات التمييزية تشكل جزءاً من الحماية القانونية التي يجب أن تتمتع بها العاملات المنزليات نظراً لقربهن الجسدي (المادي) من أفراد الأسرة التي يعملهن لديها ، ولعدم وجود ترتيبات معيشية ذات خصوصية تضمن لهن منامة مريحة ومستقلة وعزلتهن عن العالم الخارجي وعدم وجود زملاء أو زميلات لهن في مكان العمل ، إضافة الى جهلهن شبه الكامل بحقوقهن وبطرق الحماية المتوفرة. ففي ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ينص قانون حقوق العمال المنزليين لعام (2010) على إعتبار ممارسة تمييزية غير مشروعة من صاحب العمل قيامه بـ "الإنخراط في مقدمات جنسية غير مرغوب فيها وإلتماس خطوة جنسية أو غير ذلك من السلوك اللفظي أو الجسدي ذات الطابع الجنسي من "عامل / عاملة منزلي / منزلية" شرطاً ضمنياً أو صريحاً للتوظيف أو أن يتوقف التوظيف على قبول أو رفض ذلك أو إذا كان من شأن ذلك أن يخلق بيئة عمل عدائية أو مهينه أو ترهيبية". كما يعتبر كذلك " إخضاع العامل / العاملة المنزلي / المنزلية لمضايقة غير موغوب فيها على أساس الجنس والعرق والدين أو الأصل القومي حيثما يكون الغرض من هذه المضايقات أو أثرها هو التدخل غير المعقول في آداء العمل الفردي من خلال خلق بيئة عمل عدائية أو مهينة أو ترهيبية". وتضيف "تضامن" أن أشد الإنتهاكات وأكثرها جسامة وإيلاماً هي تلك التي تتعرض لها العاملات المنزليات والمتمثلة في الضرب أو القتل أو التحرشات الجنسية والإغتصاب ، فقد نصت المادة (5) من الإتفاقية رقم (189) "إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين" والتوصية رقم (201) المكلمة لها على أنه :"تتخذ كل دولة عضو تدابير تضمن أن يتمتع العمال المنزليين بحماية فعالة من جميع أشكال الإساءة والمضايقات والعنف". وعلى الرغم من أن قوانين العقوبات في العديد من الدول تعالج موضوع الإعتداءات الجنسية والعنف التي تنم عن سلوك إجرامي من قبل مرتكبيها ، إلا أن بعض الإعتداءات والمضايقات التي تتعرض لها العاملات المنزليات قد لا تكون نتيجة لسلوك إجرامي وإنما تمس كرامة العاملة المنزلية وتخلق بيئة عمل تتسم بالعدائية والترهيب كالشتم والتهديد مما قد يؤدي الى سكوت العاملة المنزلية أو تركها العمل أو هروبها منه. وتشير "تضامن" الى أنه يجب أن تتضمن الأحكام القانونية التي تحمي من الإعتداء والتحرش والعنف ، تحديد التصرفات والأفعال التي تشكل الإعتداء والتحرش والعنف ، ومنع السلوك المسيء أو المتحرش أو العنيف ، ووضع عقوبات رادعة ، وتحديد المسؤولية للوقاية والحماية ، والنص على تدابير وقائية ، وتحديد المسؤولية عن الرصد والإنفاذ. ففي النمسا مثلاً ، يمنع القانون الإتحادي المنظم للمساعدة المنزلية وعمال المنازل توظيف العمال / العاملات المنزليين / المنزليات ممن هم / هن دون (18) عاماً. وتنص المادة (72) من قانون العقوبات السنغفوري على جرائم محددة ضد سلامة العمال المنزليين مثل التسبب بالأذى الجسيم أو الحبس غير المشروع أو الإعتداء أو إستخدام القوة الجنائية أو الأفعال التي ترمي الى المساس بحياء العامل / العاملة. كما ويمنع أصحاب العمل الذين ثبت إدانتهم بإعتداءات نفسية أو بدنية أو إستغلال أو سوء معاملة أو جرائم أخرى ضد العمال / العاملات المنزليين / المنزليات من التوظيف مرة أخرى. أما في الأردن ، فتشتمل قائمة الإنتهاكات التي تتعرض لها العاملات المنزليات على حجز جواز السفر والعمل لساعات طويلة وعدم دفع الأجور أو تأخيرها وعدم حصولهن على إجازات أسبوعية ، كما أشارت السفيرة الفلبينية أوليفيا بالالا في مقابلة مع وكالة فرانس برس العام الماضي الى وجود حالات عديدة لإغتصاب عاملات منازل في الأردن وأن السفارة تستقبل حوالي (210) عاملات شهرياً يحملن شكاوى متعددة. أما القنصل السريلانكي فيشير الى أن حوالي (100) عاملة تهربن من مكان عملهن ويلجأن الى السفارة بشكل شهري. وتؤكد "تضامن" على أن وجود إدعاءات باطلة أو كيدية أو لغايات الهروب لعاملات منزليات يتهمن فيها أصاب العمل بالإعتداء عليهن أو إساءة معاملتهن ، لا يؤثر على حقيقة وضرورة حماية العاملات المنزليات من كافة أشكال التمييز وكل أنواع الإساءة والإعتداءات وحماية حقوقهن الإنسانية ، وملاحقة الجهات سواء أفراد أو مؤسسات (مكاتب إستقدام) ممن يستغلون أوضاعهن المادية لتشجيعهن على الهرب من منازل أصحاب العمل. وتطالب "تضامن" كافة الجهات الرسمية خاصة وزارة العمل وغير الرسمية كمؤسسات المجتمع المدني بالعمل على تعديل التشريعات خاصة العمالية لضمان الحماية القانونية للعاملات المنزليات من الإعتداءات والتحرشات الجنسية ومن ضمنها التي لا تتخدذ الطابع الجرمي بشكل خاص ومن كافة أشكال العنف والتمييز بشكل عام. كما وتطالب "تضامن" الحكومة الأردنية بالإسراع في التصديق على الإتفاقية رقم (189) "إتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين" والتوصية رقم (201) المكلمة لها حماية لجميع الأطراف المتمثلة بالجهات الحكومية ومكاتب الإستقدام وأصحاب العمل والعمال المنزليين وبشكل خاص العاملات المنزليات من النساء والفتيات ، خاصة وأن بدء سريان الإتفاقية بالنسبة للأردن سيكون بعد مرور عام كامل بعد التصديق عليها ، وأن الإتفاقية بحد ذاتها ستدخل حيز التنفيذ بشهر أيلول عام 2013.