تضامن: برلمانات مؤثرة لا تهمش النساء مرشحات وناخبات
-وثائقيات حقوق الإنسان-
شهد عام 2012 تحقيق رقم قياسي في عدد البرلمانات على مستوى العالم ، فهنالك (190) دولة من أصل (193) لديها أحد أشكال البرلمانات العاملة ، على الرغم من إختلافها عن بعضها البعض من حيث السلطات والنفوذ والمهام الموكولة اليها ، إلا أنها تعتبر جهة تمثيلية للشعوب في ظل الأنظمة السياسية المتباينة للدول.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى التقرير البرلماني العالمي : " طبيعة التمثيل البرلماني المتغيرة " والصادر عام 2012 عن الإتحاد البرلماني الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كمرجع أساسي لهذا التقرير ، حيث أشار الى عدم ترادف كلمتي البرلمان والديمقراطية ، فلا يعد وجود برلمان مرادفاً للديمقراطية وإنما لا وجود للديمقراطية بدون برلمان.
ويركز التقرير على تحليل العلاقة المتغيرة ما بين المواطنين والبرلمانات وتطور هذه العلاقة وذلك بتحليل توقعات المواطنين وكيفية إستجابة البرلمانات لتلك التوقعات. وبالرغم من الإختلافات بين شعوب العالم من حيث طلباتهم وتوقعاتهم من البرلمانات التي تمثلهم ، إلا أنهم يشتركون في رغيتهم بوجود إعلام ونفوذ في العمل البرلماني ، وفي مساءلة الحكومة والمسؤولين والإستجابة لمطالبهم ، وفي الحصول على خدمات تلبي الإحتياجات الحياتية واليومية.
ومع أن البرلمانات تعبر عن الشعوب التي تمثلها وعن مصالحها وأنها تعتمد على دعم جمهور الناخبين ، إلا أنها ترد في ذيل المؤسسات الوطنية الأقل شعبية ولم يسبقها في ذلك إلا الأحزاب السياسية وفقاً لإستقصاء المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الإنتخابية ، وأشار أحد المحللين البرلمانيين المرموقين الى ذلك بقوله " لا شعبية للبرلمانات بشكل محير" . ودفع ذلك العديد من البرلمانات الى النظر بشكل إستراتيجي للعلاقة المتدهورة والثقة المفقودة ما بينها وبين الناخبين والناخبات. ففي الكويت ولبنان أبدى نصف السكان ثقة قليلة أو لا يبدون أي ثقة بالبرلمان ، ولم يكن المشهد البرلماني الأردني ببعيد عن هذه الصورة القاتمة والتي عبر عنها العديد من الناخبين والناخبات سواء بالإنتقاد أو الإحجام عن المشاركة في الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
وتشير "تضامن" الى التحليل الجغرافي الذي أجراه علي الصاوي ضمن التقرير الذي أعتبر البرلمانات العربية متميزة بآدائها الضعيف وخضوعها للسلطة التنفيذية المسيطرة أسوة بالكثير من برلمانات العالم ، وأن أي برلمان عربي لم ينجح في رفع الأمل بين الجمهور بصفته المصدر الأول للسلطة الحاكمة أو كعنصر أساسي في الساحة السياسية المحلية ، وغالباً ما تلتزم هذه البرلمانات الصمت بشأن أكثر القضايا أهمية كالبطالة الفساد. إلا أن الثورات العربية والإصلاحات الديمقراطية تحمل في طياتها آمالاً في وجود برلمانات عربية أكثر قرباً من شعوبها وتطلعاتها وإحتياجاتها وأكثر جرأة على محاسبة السلطة التنفيذية وملاحقة المسؤولين ، وأعلى تمثيلاً للنساء والإستجابة لضرورات تمكينهن سياسياً ، إقتصاديا ، إجتماعياً وثقافياً.
وتشدد "تضامن" على دور النساء الإيجابي في الثورات العربية والإصلاحات الديمقراطية الذي لا بد وأن ينعكس بصورة ملموسة وحقيقية في إطار تطوير آداء البرلمانات ، فلا يمكن إستبعاد النساء من أية إصلاحات برلمانية ولا يجوز التنكر لأدوارهن في تلك الإصلاحات ولا النيل من مكتسباتهن التي حصلن عليها خلال عقود من الزمن. وعليه فإن دعم النساء كمرشحات وناخبات ما هو إلا بوابة رئيسية وهامة من بوابات النهوض بالعمل البرلماني في المنطقة العربية.
وتؤكد "تضامن" على أن البرلمانات عملت على تحسين صورتها وتواصلها مع جمهور الناخبين بطرق عديدة ووسائل متنوعة غير أن تأثير ذلك لا زال محدوداً ، فعلى الرغم من توسيع دائرة جمع المعلومات وإستخدام إستراتيجيات إعادة بناء الثقة وإتباع أسلوب التواصل بإستخدام تكنولوجيا المعلومات وتحسن آدائها الرقابي والتشريعي ، إلا أن كل ذلك إصطدم بحقيقة عدم إمكانية البرلمانات من تحقيق وعودها الإنتخابية خاصة وأن أغلب تلك الوعود صعبة التحقيق لكنها الأكثر جذباً للأصوات الإنتخابية من وجهة نظرهم.
وتضيف "تضامن" الى تراجع لغة التواصل والتفاهم ما بين البرلمانات وجمهور الناخبين ، فلم يعد أي من الطرفين قادر على فهم تصرفات الآخر أو تبرير تلك التصرفات ، مما أدى الى تدخل وسطاء فيما بينهما وهو ما يعرف بالمراصد الإنتخابية لرصد آداء أعضاء البرلمان داخله وخارجه وتقييم هذا الآداء وإيصال النتائج الى جمهور الناخبين بلغة يفهمها ، وتشير أرقام التقرير الى وجود (191) مرصداً برلمانياً حول العالم ترصد أنشطة (80) برلماناً وطنياً. وإذا كان وجود هذه المراصد يؤرق البرلمانات إلا أنها ستكون في المقابل حافزاً لجسر الهوة ما بينها وبين جمهور ناخبيها.
وتعد الخدمة الإنتخابية التي تقدمها البرلمانات مقبولة مع إزدياد حجمها ومضمونها وتعقيداتها ، كدعم الأفراد بإيجاد فرص وظيفية أو برفع الظلم عن فرد بسبب مشكلة ما بدائرة حكومية أو بسبب البيروقراطية أو حصول منطقة محلية على خدمات حكومية. وجميع هذه الخدمات تعتبر من وجهة نظر جمهور الناخبين المقياس الأساسي لنجاح البرلماني / البرلمانية دون النظر الى دوره / دورها الرقابي أو التشريعي ، في حين يرى البرلماني / البرلمانية في هذه الخدمة أنها تؤثر في حياة الناس وأن ذلك سيؤدي بالضرورة الى زيادة في الأصوات الإنتخابية مستقبلاً.
وتشير "تضامن" الى ضرورة العمل على تطوير الخدمة الإنتخابية كونها جزء لا يتجزأ من العمل البرلماني ، وذلك من خلال تطوير إستراتيجيات تنقل التعامل معها من الإطار الخاص للإطار العام ، ومن الفردي الى الجماعي كإيجاد حلول لمجموعة من الأشخاص بدلاً من الحلول الفردية ، ومن المناطق الضيقة الى المناطق الأكبر ليكون توفير الخدمات الحكومية لنطاق أوسع وقاعدة جغرافية أكبر.
وعلى الرغم من كل ما تقدم وبمقارنة أعمالها خلال الخمسة عقود الماضية تعتبر البرلمانات الأن أكثر تمثيلاً وأفضل آداءاً ومهنية ، وتواصلاً مع جمهور الناخبين ، خاصة وأن لها أدوراً لا يمكن لأي مؤسسة أخرى أن تقوم بها كسن التشريعات ، وأن جمهور الناخبين يدرك أهمية وجودها في إطار علاقة قائمة على المرونة والتكيف وسرعة الإستجابة يمكن أن تنشأ عنها برلمانات قوية تستجيب للتطورات وتوظف إستراتيجياتها لتتوائم وتتناسب مع الطلبات مرتفعة السقف لجمهور الناخبين.
وتضيف "تضامن" الى أنه من الأهمية بمكان التعرف على البرلمانات حول العالم للحصول على صورة أوضح واشمل للعمل البرلماني ، فهنالك (110) برلمان بمجلس واحد و(75) برلمان بمجلسين ، في حين يصل عدد البرلمانات في فترات إنتقالية الى خمسة وهي في كل من إرتيريا ومدغشقر ونيبال والصومال وتونس ، وثلاث دول لا يوجد فيه برلمانات وهي بروني دار السلام وفيجي وغينيا.
ويصل عدد البرلمانيين / البرلمانيات حول العالم الى (46552) ، ويشكل مجلس الشعب الوطني الصيني أكبر برلمان في العالم بعدد أعضاء يصل الى (3000) ، أما كونجرس ولايات مكرونيزيا الموحدة أصغر برلمان وعدد أعضائه (14). كما وتشير أرقام الإتحاد البرلماني الدولي لعام 2011 الى أن الدول العشرة الأولى من حيث عدد الأعضاء تشتمل على دولة عربية واحدة هي كالتالي من الأعلى للأصغر : الصين والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا والهند ومصر واليابان وألمانيا وكوريا الشمالية وإثيوبيا.
أما المعدل العالمي لعدد البرلمانيين / البرلمانيات حسب البلد فهو (245) عضواً / عضوة ، وهنالك (130) دولة لديها أعضاء أقل من المعدل العالمي ، و(22) برلماناً عدد الأعضاء فيها يقل عن (50) عضواً / عضوة.
وحسب تقسيم المناطق ، فإن عدد البرلمانيين / البرلمانيات في أفريقيا (9462) بمعدل (206) ، وفي الأمريكيتان (5902) بمعدل (169) ، وفي الدول العربية (4867) بمعدل (270) ، وفي آسيا والمحيط الهادي (12338) بمعدل (325) ، وأخيراً في أوروبا (13983) بمعدل (264) ليكون المجموع الكلي (46552) وبمعدل (245).
وتشير "تضامن" الى أن عدد البرلمانيات حول العالم يصل الى (8716) برلمانية ، وبنسبة مئوية تصل الى (19.25) ، أما النسبة المئوية للمجالس التي تزيد النسبة المئوية للنساء فيها عن (30%) فتصل الى (17.05%). وتشكل النساء في مجلس النواب الرواندي أعلى نسبة للنساء في العالم (57.53%) يليه المجلس العام لأندورا (56.25%).
وبالنسبة الى عدد السكان لكل برلماني / برلمانية ، فإن المعدل العالمي يصل الى (146000) نسمة ، أما الدول العشر التي يمثل فيها البرلماني / البرلمانية أكبر عدد من السكان فهي من الأعلى للأقل الهند والولايات المتحدة الأمريكية وبنغلاديش والصين وأندونيسيا وباكستان ونيجيريا والبرازيل والفلبين وإيران. وتعد الهند الأكثر تطرفاً حيث يمثل كل برلماني / برلمانية مليون ونصف نسمة ، فيما يمثل كل برلماني / برلمانية في سان مارينو (517) شخصاً. أما في الدول العربية فإن كل برلماني / برلمانية يمثل (67280) نسمة.
وتعود أكبر ميزانية لبرلمان الى مجلس الشيوخ الأمريكي حيث تصل الى (5.120.000.000) دولار ، أما متوسط كلفة البرلمان لكل شخص في العالم فتصل الى (5.77) دولار مقارنة بالقوة الشرائية ، فيما تصل هذه التكلفة على الفرد في الدول العربية الى (4.45) دولار.
وتشير "تضامن" الى أن المعدل العالمي لموظفي البرلمان هو (862) موظفاً وموظفة ويصل معدل موظفي البرلمان لكل برلماني / برلمانية الى (3.76) ، فيما يشكل عدد موظفي الكونجرس الأمريكي أعلى عدد موظفين (15097) موظف وموظفة. أما في الدول العربية فيصل معدل عدد الموظفين / الموظفات لكل برلماني / برلمانية الى (2.59) والمعدل العربي لموظفي البرلمان هو (517) موظفاً / موظفة.
وبالنسبة لعدد لجان البرلمانات ، فإن المعدل العالمي للجان في كل مجلس (17.17) لجنة ، و(70.24%) من المجالس لديها أقل من (20) لجنة ، فيما يصل عدد اللجان في مجلس النواب النيجيري الى (84) لجنة. أما على المستوى العربي فمعدل اللجان يصل الى (10.80) لجنة.
وتشير "تضامن" ايضاً الى أن متوسط عمر البرلمانيين على المستوى العالمي (53) عاماً ، ومتوسط عمر البرلمانييات (50) عاماً ، وأكثر من (80%) من البرلمانيين / البرلمانيات تتراوح أعمارهم / اعمارهن ما بين (40-60) عاماً ، ويعد متوسط عمر البرلماني / البرلمانية في العالم العربي الأعلى بين مختلف المناطق الدولية حيث يصل الى (55.37) عاماً.
وتشير إحصائيات الإتحاد البرلماني الدولي المتعلقة بالمعدل العالمي للخلفيات المهنية لبرلمانيي / برلمانيات العالم الى أن (28%) مهن حرة و(19%) قطاع خاص و(18%) سياسة وقطاع عام و(12%) تعليم و(18%) فئات أخرى و(5%) فئات مجهولة. أما في الدول العربية فتعتبر فئة "السياسة والقطاع العام" مفرطة في التمثيل على حساب القطاع الخاص.