دراسة اثر الانتماء الديني على الحقوق المدنية والانسانية

الرابط المختصر

مواطنون يشكلون جزءاً من المجتمع، يتبعون أدياناً وفرقاً و عقائد تعد أقليات في المملكة.

دروز، بهائيون، شيعة، إنجيليون ولا دينيون بقي الحديث عنهم غائباً غياباً شبه تام…فلا إحصائيات رسمية ولا تقارير بحثية ترصد واقع مواطنين يشكلون ما تقدر نسبته بـ 3-4% من تعداد سكان المملكة ممن يواجهون معيقات قد يصل بعضها إلى حد الانتهاكات.

دراسات غائبة ... و قصور المهام

غياب الدراسات عن هذه الأقليات يرجعه البعض إلى عدم تحول مثل هذه الانتهاكات بحق هؤلاء المواطنين إلى ظاهرة واضحة، مدير مركز الجسر العربي للتنمية وحقوق الإنسان أمجد شموط يؤكد في حديثه لبرنامج "وطن و معتقد" على أن الانتهاكات لا تزال فردية ولا يمكن ملاحظتها على مستوى المجتمع  ولم تطفو على السطح.

و أضاف شموط أن المواطنين من أتباع هذه الديانات والعقائد لا يرغبون بالاصطدام مع السلطة، و هم متمسكون بقيم التعايش مع باقي أطياف المجتمع، مشيراً في الوقت ذاته إلى تخوف الحكومة أحياناً من إثارة جدليات مجتمعية بسبب وجود غالبية مسلمة.

و من الأمثلة على ذلك الشكاوى التي تقدم بها بهائيون و خاصة فيما يتعلق بدائرة الأحوال المدنية وتسجيل خانة الديانة، حيث أوضح شموط أن الدائرة "لا تريد أن تخلق إشكاليات على اعتبار أن هذه المجموعة الدينية (البهائيون) محدودة العدد و بالتالي تخشى أن يكون هنالك صدام بين الحكومة و المجتمع باعتبار أن دين الدولة هو الإسلام." و يضيف "أن المجتمع المدني انتقد أكثر من مرة أن وزارة الأوقاف تمكن بعض الجماعات الدينية في بعض المساجد أو دور العبادة".

فيما يرى مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي عبد الكريم شريدة أن بعض هذه الشكاوى تتعارض أصلاً مع نص الدستور الأردني. كما يؤكد على أن المجتمع الأردني يتأثر بالعادات و التقاليد أكثر مما يتأثر بالقوانين و حقوق الإنسان " فمن المهم المحافظة على تركيبة المجتمع لمنعه من الانحلال و درء المفاسد خير من جلب المصالح" على حد تعبيره لبرنامج "وطن و معتقد".

و أمام هذا الواقع من انعدام وجود شكاوى حقيقية للأسباب، لا تتقدم  المراكز الحقوقية بشرح أو رصد للانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء المواطنون بل تقتصر على إصدار البيانات التي تشير إلى المشاكل والمعيقات بحسب أمجد شموط.

أما المنظمة العربية لحقوق الإنسان فتقوم بمخاطبة المسؤولين فيما يتعلق بأية شكاوى وتقديم الاقتراحات إلى البرلمان عند الحاجة لتغيير بعض القوانين بحسب مدير المنظمة عبد الكريم شريدة الذي أكد على أن مؤسسات المجتمع المدني لم تنضج بعد بحيث يصبح لها دور فاعل في المجتمع و "لم تصل بعد لتكون أداة ضاغطة لتغيير القانون وتمثل المجتمع الأردني."

دراسة لتعزيز المواطنة

وفي ظل غياب هذا النوع من الدراسات محلياً، أطلقت شبكة الإعلام المجتمعي دراسة هي الأولى من نوعها تناولت أثر الانتماء الديني على ممارسة الحقوق المدنية والحريات الدينية.

وتهدف هذه الدراسة للكشف عن المشكلات التي يعاني منها هؤلاء المواطنون بسبب انتمائهم الديني للوصول إلى مواطنة كاملة في الأردن بين سائر مكوناته المجتمعية والسكانية بصرف النظر عن ديانتهم أو معتقدهم.

 و تسعى الدراسة بحسب الخبير الدولي الدكتور محمد الموسى الذي شارك في إعداد الدراسة، إلى سد الثغرات القانونية لتعزيز حماية حقوق الإنسان، والحث للتغيير في السياسات الرسمية والممارسات.

و يشير الدكتور الموسى إلى أن الدراسة كشفت عن بعض المشكلات التي يعاني منها المواطنون المنتمون للجماعات الدينية المشمولة بالدراسة و منها:

  • سوء الفهم المجتمعي
  • التدخلات الأمنية و استدعاء أشخاص إلى دائرة المخابرات العامة و الرقابة المفروضة على أتباع المذهب الشيعي
  • عدم الاعتراف ببعض الطوائف و الديانات مثل البهائية و عدد من الكنائس الإنجيلية
  • عوائق تعترض حقوقهم في الزواج و تكوين أسرة  و بالذات بالنسبة للديانة البهائية
  • عدم المساواة بين أتباع الديانات جميعها في الدعم المالي الحكومي
  • ندرة تناول المشكلات التي تقع على هذه الجماعات في وسائل الإعلام الرسمية و الخاصة و بالأخص أولئك المنتمين للبهائية و الإنجيلية.
  • المتعلقة بتغيير الديانة و ما ينتج عن ذلك من مشكلات تخص العلاقات الأسرية.

إلا أن الدراسة لم تخل من الإيجابيات، فقد اتضح من خلالها حرص المواطنين المنتمين إلى طوائف وجماعات دينية غير مسلمة على الوحدة الوطنية وندرة الانتهاكات المتعلقة بحقهم في العمل وإمكانية وصولهم للمؤسسات التعليمية الرسمية وعدم وجود سياسة عامة أو منهجية تتبنى الانتقاص من حقوقهم.

و تنطلق الدراسة من المفاهيم العالمية لحقوق الإنسان والحريات الدينية كما وردت في صكوك حقوق الإنسان الدولية، وينص عليه الدستور الأردني من عدم التمييز بين المواطنين على اختلاف جنسهم أو دينهم أو عرقهم،

وهو ما يؤكد على أهميته مدير مركز الجسر العربي أمجد شموط. "الأردن مصادق على عدد كبير من اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية و حتى الإعلانات العالمية منها الإعلان العام لحقوق الإنسان 1948 و اتقاقيات العهدين الدوليين و الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و العرقي و إعلان الأمم المتحدة عن حماية الأقليات".

و خلصت الدراسة بحسب الدكتور محمد الموسى، إلى توصيات توجهها إلى الحكومة الأردنية ووزارة التربية والتعليم والإعلام والقيادات الدينية للمساهمة في فهم أكبر لحقوق الأقليات الدينية.

و من بين هذه التوصيات سن التشريعات أو النصوص التشريعية اللازمة لتجريم التمييز بسائر صوره بما في ذلك التمييز  القائم على اساس التعصب الديني والمعتقد، و أن تشرع الحكومة بمراجعة سائر القوانين والأنظمة ذات الصلة بالحقوق المدنية من قانون الأحوال المدنية وقانون الجمعيات وقانون الأحوال الشخصية، و الوقوف على ما يعتريها من عراقيل تحول دون تمتع سائر الاشخاص بمن فيهم المنتمون لجماعات دينية بحقوقهم المدنية وممارستها بصورة متساوية واقتراح المشاريع اللازمة لتعديلها وفق الغاية المذكورة.

 كما أوصت الدراسة بأن تقوم الحكومة بتوجيه وزارة الداخلية ودائرة الاحوال المدنية والجوازات التابعة لها بالغاء العمل بوضع الديانة في البطاقة الشخصية كما هو الحال بالنسبة لجوازات السفر.