حق الجماعات الدينية في تشكيل الجمعيات
تعاني بعض الجماعات الدينية غير المعترف بها في الأردن من مشكلة عدم تمكنها من تسجيل جميعات دينية خاصة بها، تمارس من خلالها حقوقها المدنية والدينية في ممارسة شعائرها ومعتقداتها كما هو الحال في سائر الديانات الاخرى.
ويستثني قانون الجمعيات رقم 51 لعام 2008 من احكامه كلا من الهيئات واللجان المسجلة وفق أحكام قانون الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية والطوائف الدينية غير المسملة المسجلة وفق أحكام قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسملة النافذ المفعول.
ويحظر القانون تسجيل أية جمعية لها غايات غير مشورعة أو تتعارض مع النظام العام في المملكة.
الامر الذي يكشف ان مجمل الاحكام السابقة من قانون الجميعات بما يتضمن من شروط وقيود لا ينطبق على الجمعيات الاسلامية وجمعيات الطوائف غير المسملة المعترف بها بموجب قانون مجالس الطوائف الدينية غير المسلمة.
ولكنه ينطبق على الديانات والجماعات الدينية غير المعترف بها والأخطر أن بعض المعتقدات والديانات قد تعد مخالفة للنظام العام فيحظر تسجيل جميعات من قبل أتباعها.
وفي لقاء سابق مع أمين عام تسجيل الجمعيات في وزراة التنمية الاجتماعية ديما خليفات كانت قد أشارت الى انه من الممكن أن ترفض طلبات البهائيين باعتبار ذلك مخالفا للنظام العام.
وكانت دراسة الجماعات الدينية ضمن مشروع وطن ومعتقد قد أشارت الى أن البهائيين يعانون من مشكلة عدم حصولهم على تراخيص تمكنهم من انشاء جميعات خاصة لهم.
بدوره يستنكر الخبير الحقوقي طالب السقاف تضارب قانون الانتخاب مع نص الدستور الواضح فيما يتعلق بحق الفئات والجماعات والذي يشمل حقهم في الاعتراف بهم وانشاء جميعات.
ويقول السقاف "للأسف تطبيقات قانون الجمعيات لم تحترم هذا المبدأ الدستوري والذي يمثل صدى للاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الانسان التي تتحدث عن حق الفئات الدينية بشكل مستقل وحرية ممارسة شعائرهم الدينية وحقهم في التجمع".
ويوافقه الرأي رئيس مركز الجسر العربي لحقوق الانسان المحامي أمجد شموط الذي يؤكد أن حق الجماعات الدينية في اشناء جميعات هو حق دستوري ومن الحقوق الأصيلة والثابتة فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية وحق المواطن في الانضمام لجمعيات دون قيود سالبة.
ويشير الى أن الحق في انشاء جمعيات في الاتفاقيات الدولية جاء في سيق الحق في انشاء نقابات، لافتا الى أن مفهوم الجمعيات هو مفهوم رديف للمؤسسات العامة والتي لا تسعى الى تحقيق أرباح.
وينوه شموط الى البتاين الواضح في الخطابات في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الجانب والدستور الأردني مع ما هو مطبق على أرض الواقع.
ويفسر مفهوم النظام العام الى انه متعلق بالسلوكيات والآداب العامة في المجتمع مبينا الى أنه لا يجوز سلب حق الجماعات الدينية في اشناء جمعيات تحت ذريعة النظام العام.
ويقول شموط"نحن مع النظام العام في سياق القانون لكن أي قانون ذلك الذي ينتهك الحقوق ويحمي فئة ويستثني فئة اخرى"، مطالبا بالاعتراف بشرعية حقوق الناس في ممارسة أديانهم وخلفياتهم الثقافية وغيرها من المعتقدات.
ويضيف"لا يجوز ربط حقوق الناس بموضوع المعتقد الديني"، لافتا الى أن المجتمع الدولي يراقب هذه المعضلة التي تحدث في الأردن مع الاشارة الى أن الأردن وقع على اكثر من اتفاقية دولية تحمل هذا الحق مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية.
وشدد شموط على الحاجة لتدخل تشريعي لتعديل العديد من التشريعات الاردنية التي تقيد حقوقا هي من سمات الدولة المدنية ودولة المواطنة، خصوصا وان كثير من الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الأردن لم توطن في التشريعات المحلية.
ونوه شموط الى انه توجد مؤشرات تتحدث عن أن الأردن لا يعترف الا بالأديان السماوية الثلاثة فبالتالي وعلى سبيل المثال فهو لا يعترف بالبهائيين الامر الذي يحدث فجوة في موضوع حقوق المواطنة.
ويقول في ذات السياق "نحن نتحدث عن دولة مدنية يجب أن تبتعد عن سياسة الاقصاء والتهميش بسبب الانتماءات فالناس متساوون امام الدستور في الحقوق وعدم الاعتراف بهم بشكل قانوني لا يعني عدم قيامهم بشعائرهم الدينية بطريقة سرية وهذ يتعارض مع الفطرة الانسانية وكرامة الانسان".
ويقول في سياق حديثه عن عدم تطبيق الاردن للاتفاقيات الدولية التي يوقع عليها في كثير من الجوانب"الاردن معتاد على ان يوقع ولا يطبق"، لافتا الى أن حوالي 60 اتفاقية في مجال القانون الدولي وغيرها من القوانين وقع عليها الأردن وقليلا منها نراها ضمن التشريعات الوطنية.
الأمر الذي يعتبر تحدي امام منظومة حقوق الانسان الوطنية، مع الاشارة الى أنه في كثير من الأحيان يستصعب اللجوء الى القضاء للطعن في قوانين تتعارض مع ما وقع عليه الأرن وذلك لان كثير ما وقع عليه ليس موجودا في تشريعات القضاء الأردني الامر الذي يكشف عن وجود خلل تشريعي.
وعن قانون الانتخاب يبين شموط الى أنه قانون أثار سخط كبير لدى أوساط مؤسسات المجتمع المدني عند اقراره لأنه لا يلبي الحد الأدنى من الطموحات المنشودة.
ويستشهد بخرق ذلك القانون مع تلك الطموحات بانه الموافقة فيه ترتبط بالوزير والأصل ان يكون تسجيل الجميعات ليس مربوطا بالوزير الذي يجب أن تنحصر صلاحيات بالاشعار وليس الموافقة، مطالبا مجلس النواب القادم باعادة النظر في قانون الانتخاب والعمل على تعدله.
ويقول"من المهم ان يكون لدينا تشريع واحد بدلا من التعددية في التشريعات".
ويرى شموط الى ان انعكاس تفعيل الاتفاقيات الدولية على أرض الواقع يسهم في تقوية الأمن المجتمعي ونسيجه لافتا الى أن الفئات المهمشة في المجتمع تعزز من حالة العنف المجتمعي.
وتبقى الأبواب مغلقة في وجوه جماعات دينية طالما طمحت بمظلة تأويها وتمنحها مساحة حرة في ممارسة شعائرها التي تنتمي اليها.
[youtube]VKdeL0-H-kw[/youtube]