ولاء المواطن يتطلب شراكة حقيقة من الدولة
من أهم دروس الاحداث المأسوية في الكرك هو ان الشعب الاردني داعم حقيقي لقوات الامن الوطنية ومعارض بشدة قوى التطرف العنيف.
إبتداء من اتصال احد المواطنين بالامن لنقل ما حدث في منزل في القطرانة ولغاية الهبة الجماهيرية دعما لقوات الامن في قلعة الكرك لا شك ان قوى التطرف محاصرة حيث يتم رفض توفير حاضنة شعبية لهم.
فعندما نفذت ذخيرة رجال الامن البسطاء الموجودين اصلاء للامن السياحي هب المواطنون بتزويدهم باسلحتهم الخاصة وذخيرتهم كما تطوعوا للمشاركة في المواجهه مع المسلحيين الذين عكروا حياتهم الامانة.
افواج المتطوعين والمتبرعين بالدم كانت صورة اخرى لمعانقة الشعب لدولتهم المركزية وقوات الامن الوطنية الساهرة للدفاع عنهم.
ولكن هذا الانتماء وهذا الحب للوطن يجب ان لا يتم نسيانه عند انتهاء المعارك. يجب احترامه وتطويره والعمل على تبادليه له من خلال اعمال تنمي الثقة والدعم الذي يعكس الشراكة بين المواطن والحكومة التي كثيرا ما نفتقدها.
الحكم الرشيد يتطلب من الحكومات ان تبداء بتنمية تلك التبادلية بصورة شفافة لتعميم الثقة. ولكن وللاسف كانت الحكومة في الساعات الاولي من الحدث بعيدة جدا عن الشفافية في تعاملها مع ما حدث وفي نقل صورة صادقة للمواطن.
ورغم ان الجميع يتفهم ضرورات التكتم على بعض امور التحقيق وسير الاعمال الامنية الا انه من الصعب ان يتقبل شعب مثقف كالشعب الاردني اقوال مسؤول يمدح كافة الخطوات الامنية التي جرت في الايام الماضية.
لقد وفرت الشهادات الحيه والبث عبر منصات التواصل الاجتماعي عناصر الحدث الرئيسية بما في ذلك ما يوضح الاخطاء والتقصير الامني. فتلك المعلومات عير القابلة للضحط لا يمكن محيهم بأقوال وزير الداخلية الخالية من شجاعة الاعتراف بالخطاء والتقصير.
فالسياسة التي تعتمد تجهيل المواطن وعدم المصارحة معه من خلال التدفق السلس للمعلومات بحاجة الى تغيير جذري.
ورغم ان عدم تجديد عقد مدير التلفزيون الاردني جاء بسبب وصوله الى سن التقاعد إلا ان ذلك القرار تم قبوله براحه لدى مواطنين يرغبون ان تذهب مساهمتهم الشهرية لميزانية التلفزيون لخلق اداة تواصل تحترم عقل وذكاء المواطن ولا تحاول اخفاء الحقيقة عنه او توجيهه الى موقف غير صحيح لمصالح فردية او حكومية ضيقة. فهل يعقل مثلا ان نشرة الاخبار الرئيسية ليلة الاحد الساعة الثامنة خلت من اخبار ما حدث بعد ظهر ذلك اليوم في الكرك في حين ان الخبر كان يملاء الفضائيات العربية والدولية ومنصات التواصل الاجتماعي اضافة الى المواقع الاليكترونية والاذاعات المحلية؟ فهذا الامر غير مقبول ولا يعكس الشراكة بين الدولة والمواطن.
وبالاضافة الى التقصير الامني والاعلامي فإن أحدث الكرك كشفت مشاكل عديدة كانت مخفية عن الانظار. فوضع الخدمات الصحية في مدينة الكرك ظهرت بصورة سيئة للغاية حيث لم يتوفر- مثلا- اكياس معقمة للدم مما اضطر المستشفيات لاستخدام اكياس بلاستيكية غير معقمة. فهل يعقل ان تغيب عن مستشفياتنا ومراكزنا الصحية ابسط المتطلبات الصحية؟
لقد أظهر الشعب في الاردن مستوى عالي من الوعي والولاء ومن الضروري ان يتم مبادلته بالمثل من الدولة الاردنية. وعلى الدولة مكافئة من قام بعمله بمهنية عالية ومعاقبة المقصرين دون السماح بتدخل اي امر اخر او اي واسطات عشائرية او غيرها.
يقدم العاملين في الدولة خدمة للمواطن وتصفها بعض الدول تلك الوظائف بان العاملين فيها خدم مدنيين حيث يعتبر عملهم في خدمة المواطن اكبر عمل مهني وحرفي ممكن. ولكن الفشل في تقديم تلك الخدمات كان ذلك على المستوى الامني او الحكومي او في اعلى مستويات الدولية خطاء يجب محاسبته دون اي إستثناء. فالتقييم المهني المحاييد والصادق ضروري لضمان استمرار وازدهار العمل العام وبناء على التقييم المحاييد يجب ان يتم اخذ العبر اجراء التغييرات في الشخوص والسياسات لمنع من تكرار تلك الاخطاء.
أحداث الكرك محزنه وعلينا النظر اليها من منظار مجتمع وعاملين لم يكونوا متوقعينها ولم يتم تدريبهم لكيفية التعامل معها.
ورغم انه من المقبول تحمل بعض الاخطاء بسبب عامل المفاجئة الا ان استمرار الاخطاء والتي كان من الممكن تجنبها يجعل من الضرورة عدم التهرب من المحاسبة الصادقة والعادلة والمنصفة.
الشعب يريد محاسبة المقصرين ومن الضروري ان يتم مكافئة ولاء الشعب بتوفير تبادلية صادقة تعكس الرغب الحقيقة للدولة الاردنية للتعامل مع المواطن بشفافية وبما هو في المصلحة العليا للدولة دون الالتفات للمصالح الشخصية او الخاصة.











































