مفتاح الباب المخلوع لراشد عيسى
يرى الشاعر راشد عيسى أنّ روايته الجديدة "مفتاح الباب المخلوع"، تندرج تحت مسمى "رواية السيرة الذاتية auotofiction"، مبيّنا أنه كتبها بـ "روح الشاعر".
ويقول عيسى إنه لم يقصد من كتابة روايته الصادرة مؤخرا عن دار أزمنة للنشر والتوزيع، أنْ يكون روائيا. ويفسّر ذلك أنّ كينونته "شاعرية وليست ساردة رواية".
ويذهب في تصريحه إلى "الغد" أنّ الكثير من السير الذاتية "مكتوبة في صورة مذكرات شخصية تخلو من الجماليات الأدبية والخيال الإبداعي"، منوّها إلى أنه أراد نقل سيرة طفولته بأسلوب روائي جديد، ينحاز فيه إلى الأدب وفضاءات الشعر وفانتازيا الرؤيا.
الدافع وراء كتابة الرواية، جاء وفق عيسى من الإلحاح الشديد للبوح بالحكايات. ويتابع "قرّرت منذ تلك اللحظة فتح الباب المخلوع لتتدفق منه الذكريات، المحمّلة بالصور والمشاهد الشعرية من خلال لغة رشيقة".
وافتتح عيسى روايته الصادرة بدعم من وزارة الثقافة، بقوله:"منذ العام 1979، وصوت يشبه صوتي، يزورني عند النوم. يرجوني أنْ أستمع إليه. يزعم أنّ عنده حكايات ينبغي أنْ أسمعها. أصده وأدعي أنني مريض أو يغالبني النعاس. لم يغب ليلة واحدة منذ ذلك العام".
وفي العمل، وفق عيسى، يحضر النصّ الشعريّ بصورة كبيرة من خلال بنية سردية تسعى إلى مجاوزة المألوف من السرد المتعارف عليه، معتبرا أنه ليس محرّما على الشاعر كتابة نصّ مفتوح على فضاءات الفلسفة والشعر، وأساليب التعبير الحداثية الخلاقة.
وأشار عيسى إلى ما كتبه الأديب حميد سعيد في مقالة نشرت في جريدة الرأي الأردنية، "هذا العمل واقع بين الرواية والسيرة، وهو جنس مفتوح على الشعرية والسردية في آن معا".
وذكر أنه في ديوانه "حفيد الجنّ" حاول عرض نماذج من سيرته الذاتية، منوها إلى أن الشعر لم "يكن كافيا لإبراز تفاصيل مهمة في زمني الطفولي".
وأكد أنه أراد من خلال العمل توثيق وقائع وأحداث عاشها في طفولته غريبا في أسرة صغيرة تعاني الشتات الذي لحق بالمهجّرين من بلادهم فلسطين،
فـ "الأب كان غريب الأطوار وفارسا كريما وفنانا، لكنه ذو روح صعلوكية نافرة، والأم قاسية الطباع".
ويتابع "لذلك لجأ (جينو) أو أنا إلى أمومة الأشجار والأبقار، حيث تنامى لديّ إحساس شرس بأنّ الحياة كذبة والوجود كله فوضى"، منوّها أنّ شخصية "جينو" اتسمت بالسخرية المرّة من كل شيء، لدرجة شعوره وتخلصه من سلطة الزمان والمكان والآمال.
ويقول "سعيت في هذه السيرة إلى إعادة إنتاج مشهد الطفولة بغرائبية أدبيّة غاب فيها العقل الرقيب وحضر الشعور بالعبثية"، مشيرا إلى أنّ المغزى الخفي في العمل "الإيحاء إلى مكونات الحس الشاعري في ذاتي". وقال عيسى إنّ "الآلام هي التي جعلت مني شاعرا وأستاذا أكاديميا، كان ينبغي أن يكون بائع قنافذ أو بائع جنون".
وخلص إلى أنه اجتهد في كتابة سرديّة مغايرة للسائد، أفادتْ من اللغة الشعرية في صياغة البنية الروائية.
في كلمة كتبها على الغلاف الأخير لروايته "أمرّ ببئر فألقي عليها التحيّة. أسمع صوت الرعد فأحسب أن كبير الجّن ينادي عليّ. ينزل الثلج فأحسب أن في السماء بائع أزهار يرمي الياسمين الأبيض على البشر.
أحبّ النوم في المغاور والجحور وتجاويف الزيتون الهرم. آكل الجنادب والنمل الطيّار وأستمتع بصيد الأفاعي والعقارب. أسرق بيض العصافير وآكله. أقلد صوت الديك والحصان. أخلع الأعشاب وأشم جذورها. تتراءى بين عينيّ دائماً صورة أنني قطٌّّ ضخم يقف أمام كلبة صغيرة اسمها الدنيا".
ويذكر أنّ من مؤلفات عيسى:"في عينيك عنواني"- شعر مشترك - في العام 1982، "شهادات حب" في العام 1982، "امرأة فوق حدود المعقول" في العام 1988، "بكائية قمر الشتاء" في العام 1992، "وعليه أوقع" في العام 1997، "ما أقلّ حبيبتي" في العام 2002، وأصدر للفتيان ديوان شعري بعنوان "يا وطن" في العام 1991.
وصدر له في مجال النقد "معادلات القصة النسائية السعودية" في العام 1994، "خصوصية المرأة" في العام 1990، "حسني فريز روائياً" في العام 2001، "الأعمال الشعرية الكاملة لحسني فريز" (تحقيق مشترك) في العام 2002، "أسراب الحنين" (نقد، مشترك مع محمد المشايخ) في العام 1997، ومجموعة قصص للأطفال "الديك القومي" في العام 2000، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب