متخصصون يناقشون دور الزكاة في تخفيف الأعباء على دافعي الضرائب

متخصصون يناقشون دور الزكاة في تخفيف الأعباء على دافعي الضرائب
الرابط المختصر

استضاف منتدى الفكر العربي في لقائه،  الأحد أ.د. علي محيي الدين القره داغي أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في محاضرة حول "الزكاة ودورها في التنمية الشاملة، والزكاة والضريبة".

 

وبيّن فيها دور هذا الركن من أركان الإسلام في تحقيق التكافل الاجتماعي والقضاء على الفقر إذا توفرت الخطة الاستراتيجية لتحقيق ذلك وفق شروط قائمة على المأسسة، وعلى مكافحة الفساد بجميع أنواعه، وإصلاح النظام الاقتصادي والسياسي والمالي، وإنشاء رقابة مالية حاسمة، مع الاعتناء بزيادة الإنتاج، وتمليك الفقراء أدوات الإنتاج، والاستثمار، ودعم المشاريع التنموية. كما تناول الكيفية التي يمكن من خلالها أن تكون الضريبة زكاةً أو جزءاً من الزكاة، وبالتالي تخفيف الأعباء على دافعي الضرائب.

 

أدار اللقاء وشارك فيه وزير المالية الأسبق د. محمد أبوحمور أمين عام منتدى الفكر العربي، الذي أكد بأن موضوع الزكاة والتنمية هو أحد محاور عمل منتدى الفكر العربي منذ سنوات عديدة، تأسيساً على الرؤى التي بادر بها صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم حول ضرورات تحقيق التنمية الشاملة في البلاد العربية والإسلامية، من خلال توظيف أموال الزكاة في مشروعات استثمارية إنتاجية تعود بالنفع على المجتمعات والفقراء والتنمية فيها؛ مشيراً إلى أن سموه دعا منذ ثلاثة عقود إلى إنشاء "المؤسسة العالمية للزكاة والتكافل"، بحيث تجمع تحت مظلتها كل مؤسسات الزكاة في عالمنا للنهوض بمسؤولياتها وفق أحكام الشريعة.

 

 

وأضاف د. أبوحمور أن الزكاة هي تشريع عملي مالي يغطي كل حاجات الأمّة والأفراد في ما يعانونه من فقر وفاقة وبطالة، وتساهم في تعزيز الاستثمار، وزيادة الإنتاجية، والتغلب على مشاكل وأزمات حادّة قائمة حالياً فيما يتعلق بالماء والغذاء والتعليم والصحة والملاذ، ولا سيما في ضوء التداعيات والأزمات الإنسانية خلال السنوات الأخيرة التي بلغت فيها خسائر الدخل القومي العربي 1700 مليار دولار، وارتفعت أعداد اللاجئين والمهجرين في العالم العربي إلى 14 مليون لاجىء ومقتلع ومشرد. وقال: إن مدلولات هذه الأرقام وغيرها تؤكد ضرورة إعادة الاستثمار والتنمية إلى سلم الأولويات في مستقبل العالمين العربي والإسلامي، وتأكيد دور الشعوب كفاعل أساس في التنمية ، وبحيث يعمل الاقتصاد كأداة تخدم التنمية، وليس العكس.

 

 

 

 

ومن جهته أوضح د. علي القره داغي أن واقع حجم الأموال والمشتقات المالية والمعادن والمصانع والبترول والغاز والصناعات المدنية والحربية وغيرها في العالم الإسلامي وفي البورصات العالمية، يشير إلى حجم يبلغ مجموعه الكلي  1مليار تريليون و 350 تريليون دولار على المستوى العالمي. وباحتساب نسبة الزكاة 2.5% من هذا المجموع، يمكن أن يكون عائد الزكاة 3,375.000,000,000 أي 3 تريليونات و 370 مليار دولار. وتبلغ نسبة الفقر في العالم أقل من 10% وعدد الفقراء الذين يحصلون على أقل من 1,5 دولار في اليوم الواحد بحدود 702 مليون فقير، أي أن الزكاة تكفل إنهاء الفقر على وجه الأرض.

 

 

 

وقال د. القره داغي: إن الزكاة تقوم على المأسسة بحيث تكون مؤسسة لها شخصيتها، ولها مواردها الخاصة بها حرصاً من الشريعة على استمرار الزكاة وتوفير الموارد الكافية لها، وأن الدولة مسؤولة عنها بالإضافة على المسؤولية الفردية. وأضاف أن هذا العمل تتحقق مقاصده العظيمة وأهدافه المنشودة إذا قمنا بإنشاء مؤسسة متميزة للزكاة لها أهدافها الواضحة، وبرامجها، ومشاريعها التنموية وفق أحكام شريعتنا الغراء وباجتهادات تجديدية منضبطة حول الجمع، وحول الصرف؛ داعياً إلى وضع استراتيجية واضحة المعالم، مبينة فيها الأهداف القريبة والبعيدة والمتوسطة وفقاً للإمكانيات المتاحة، ثم تنزل تلك الأهداف في البرامج، والبرامج في المشروعات المدروسة.

 

 

 

وأشار د. القره داغي إلى أن للتنمية شروطاً كثيرة ، وتحديات كثيرة في عالمنا الإسلامي من أخطرها الجهل والأمية، والتخلف، والفساد بجميع أنواعه من فساد سياسي وإداري ومالي. كما أن تحقيق التنمية الشاملة من خلال الزكاة يحتاج خطة استراتيجية، وخطة مرحلية، تتحمل الدولة المسؤولية الكبرى في تحقيقها، مع مشاركة الأفراد والأسرة والمجتمع.

وبيَّن المحاضر أن توظيف مصارف الزكاة تخدم التنمية العاجلة بإغاثة الفقراء والمساكين من خلال توفير الغذاء والتعليم والدواء، والتنمية الدائمة من خلال دعم المحتاجين القادرين على العمل وتمليكهم أدوات الإنتاج وتدريبهم، وتشريكهم في الشركات بتمليكهم أسهمها، وإقامة مشروعات استثمارية خدمية دائمة لهم مثل المدارس والمستشفيات. وكذلك توفر الزكاة للمؤسسة القائمة عليها إمكانات تدريب كوادرها لجمع الزكاة وتنظيم شؤونها، وتدعم دور المؤسسات الإعلامية إزاء المسلمين الجدد لبيان حقيقة الإسلام ضد الإسلاموفوبيا، كما تدعم تحرير الشعوب المحتلة وتقدم العون لهم، وتساعد على تخليص المدينين غير القادرين على أداء ديونهم، وأداء الديّات في القضايا الاجتماعية، فضلاً عن تقوية الجيش والشرطة والأمن الوطني لصالح منظومة الدفاع، وإنشاء مراكز وملاجىء ودور للمهاجرين خارج بلدانهم. وكل ذلك يحقق مصارف الزكاة الشرعية المتمثلة في الفقراء والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلَّفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل.

 

 

 

وأكد د. القره داغي أن الزكاة يمكن أن تكون ضريبة أو جزءاً من الضريبة التي تصرف حتى في الدولة الشرعية العادلة على حاجيات الدولة بل ومحسناتها، فالدولة تصرفها ضمن بقية أموالها في شؤون الحرب والدفاع والخدمات العامة، وفي تطوير برامجها ونحوها، وهي ليست ملزمة بتحديد مصرفها بل تصرفها حسب خططها وإرادتها بما يحقق المصالح العامة الشاملة.