ليندا أول صحافية متخصصة بقضايا الإرهاب
الصدفة قادتها للعمل في الصحافة قبل أربعة عشرة عاماً. وبعد هذه السنوات تعتبر ليندا معايعة الصحافية الوحيدة في الاردن المتخصصة بمتابعة قضايا الإرهاب والتنظيمات الإرهابية ، مع كل ما يتطلبه هذا العمل من دقة ومهارة لحساسيته وخطورته في احيان كثيرة . تلقت تهديدات بالقتل والتصفية من متطرفين، فكان ردها في ان تتعلم فنون التايكواندو وتتلقى تدريبات متخصصة في قتال الشوارع. تعرضت للسخرية من قبل رجال الامن الذي استهجنوا عملها في هذا المجال كونها فتاة .
تقول ليندا لـ"العرب اليوم ": "بعد ان أنهيت دراستي توجهت للبحث عن عمل أي عمل ولم افكر مطلقاً في العمل في المجال الإعلامي كوني حاصلة على بكالوريوس في الفنون التطبيقة والاخراج المسرحي، الا اني قرأت اعلانا في الصحف عن حاجة مؤسسة التلفزيون لمذيعين ومذيعات فتقدمت وفشلت في الحصول على الوظيفة. في ذلك الوقت كانت صحيفة يومية جديدة اسمها "الأسواق" تستعد للصدور فتقدمت للعمل بها، وعينت مندوبة صحافية في ملحق "ألوان" الذي كانت تصدره الصحيفة، وكنت أتابع عروض الأزياء والعروض المسرحية وغيرها".
في عام 1997 صدرت صحيفة " العرب اليوم " المستقلة، ولأن ليندا كانت تطمح لتحسين وضعها الوظيفي تقدمت للعمل فيها وأنيط بها متابعة قضايا المحاكم على إختلاف انواعها المدنية والعسكرية. تقول ليندا: "وافقت على العمل في هذا المجال رغم اني لم اكن قد دخلت محكمة في حياتي .. وفجأة وجدت نفسي مسؤولة عن كل ما له علاقة بالامن والإرهاب خصوصاً وأن الاردن في تلك الفترة كان قد بدأ يتعرض لتهديدات تنظيم القاعدة، إضافة لتوقيعه معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم يكن هذا الأمر يرضي الكثيرين مما زاد من المخاطر الامنية" .
تتذكر ليندا أول قضية تابعتها فتقول: " كان ذلك في شهر آذار / مارس من عام 2007 حيث وردتنا معلومات ان جندي اردني يدعى احمد الدقاسة قام بإطلاق رصاص على طالبات مدرسة إسرائيليات في منطقة الباقورة الحدودية مع إسرائيل ... لم يسمحوا وقتها للصحافيين بالتوجه لمنطقة الحادث ولكنهم سمحوا لنا بحضور جلسات محاكمة الجندي التي جرت في محكمة عسكرية، فكنت اتوجه يومياً للمحكمة حتى صدر حكمها بالسجن المؤبد على الجندي" .
أما بداية تعاملها الفعلي مع قضايا التنظيمات الارهابية فـ"كان عام 2000 عندما احبطت السلطات مخططاً لتنظيم القاعدة لتفجير فنادق في عمان ليلة الاحتفال بدخول الالفية الجديدة "، وتشرح ليندا بالقول: "كانت هذه القضية بداية لعشرات قضايا التنظيمات الارهابية التي كان يكشف عنها النقاب في الاردن ومعظم هذه القضايا كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة إضافة لتنظيمات سلفية جهادية تكفيرية محلية".
وتذكر ليندا كيف كانت تتابع وقائع جلسات محاكمة هذه المجموعات: "قبل دخول المتهمين الى قاعة المحكمة كان الحراس يطلبون مني العودة للجلوس في المقاعد الخلفية خشية من ان يقوم المتهمين المتشددين بإيذائي كوني فتاة، وذلك رغم الاجراءات الامنية المشددة التي كانت تتخذها السلطات".
تعتبر ليندا ان تفجيرات فنادق عمان الإرهابية التي وقعت في نوفمبر من عام 2005 كانت من أخطر القضايا التي تابعتها وتركت أثراً عميقاً في نفسها لم تنسه حتى اليوم ... وتتذكر ليندا ليلة التاسع من نوفمبر من ذلك العام فتقول : "كنت على موعد مع احدى صديقاتي في فندق حياة عمان الذي كان احد الفنادق التي استهدفتها التفجيرات، وعندما أصبحت على مقربة من الفندق سمعت صوت دوي انفجار قوي هزّ المكان وقبل أن أستوعب ما حصل سمعت صوت انفجار ثاني عندها ادركت ان ما يجري عمل إرهابي ... كنت الصحافية الوحيدة القريبة من منطقة الإنفجارين حيث وقع الإنفجار الاول في فندق راديسون ساس فيما وقع الإنفجار الثاني في فندق حياة الذي لا يبعد أكثر من 2 كلم عن الفندق الاول. وبعد ذلك بدقائق وقع الإنفجار الثالث في فندق ديز ان البعيد نسبياً عن موقع الفندقين الاولين".
وتشرح ليندا كيف تابعت ما حدث فتقول: " كنت اتنقل جرياً على الأقدام بين الفندقين لأحصل على المعلومات حيث أغلقت السلطات المنطقة التي تقع فيها الفنادق ومنعت الدخول اليها او الخروج منها، ونظراً لهذا الوضع اعتمدت علي كثير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية في تزويدهم بالمعلومات الاولية من الموقع... كنت أشاهد الجثث المترامية في كل مكان والنيران تتصاعد... كان المشهد مؤلماً" .
أكثر ما هزّ مشاعر ليندا في هذه الحادثة الزيارة التي نظّمتها السلطات للصحافيين إلى الفنادق التي تعرضت للهجوم، وفي هذا الشأن تقول ليندا: "بعد يومين من الهجوم زرنا الفنادق الثلاثة، كانت الدماء تغطي الجدران وكل شيء محطم تماماً ... كان المنظر رهيباً وخاصة في قاعة حفل الزفاف التي وقع فيها الإنفجار في فندق راديسون ساس".
زارت ليندا المشرحة حيث نقلت جثث الضحايا: "كانت المناظر مرعبة للغاية فهناك عشرات الجثث المشوهة، ورأيت كيف كان الناس يحاولون التعرف على جثث اقاربهم، احد الاشخاص تعرف على جثة ابنته من ثوبها ....وآخر تعرف على جثة زوجته من خاتم كانت ترتديه (...) لم استطيع حتى اليوم ان انسى تلك الحادثة الرهيبة".
يذكر أن ليندا كانت الصحافية الوحيدة التي تمكنت من إجراء مقابلة مع العراقية ساجدة الريشاوي التي شاركت في تنفيذ تفجيرات فنادق عمان: "أجريت مقابلة صحافية معها خلال وقائع محاكمتها، وفي نفس اليوم اعلن عن مقتل ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق والعقل المدبر لتنفيذ الهجمات على الفنادق وكان ذلك في عام 2006".
وفي حادثة أخرى، تقول ليندا: "وقعت مواجهات مسلحة في نيسان من عام 2004 بين رجال الامن ومجموعة إرهابية تطلق على نفسها إسم كتائب التوحيد وهي تابعة للقاعدة ، كان عدد من اعضاء المجموعة قد اختبأوا في منزل في منطقة الهاشمي في عمان، كنت في الموقع وإستمرت مواجهة مسلحة طوال اليوم حدث خلالها تبادل كثيف لإطلاق النار... كانت صليات الرصاص تمر بقربي، شعرت للحظات بالخوف إلا اني استجمعت نفسي وتابعت ما يجري، إلى ان انتهت المواجهة بمقتل المسلحين وكان عددهم خمسة".
تؤكد ليندا ان عملها يتضمن الكثير من المخاطر وتقول :" تلقيت تهديدات بالقتل من متطرفين ردا على التغطيات الصحافية التي كنت اقوم بها، كنت أبلغ السلطات بالتهديدات وعرضت علي السلطات حمايتي ولكني رفضت، وعوضاً عن الحماية تدربت على التايكوندوا كما تلقيت دورات متخصصة في قتال الشوارع" .
تحرص ليندا على إبقاء علاقاتها ايجابية مع المسؤولين الامنيين كونهم المصدر الرئيسي لمعلوماتها، وتقول: "في بداية عملي مع الجهات الامنية كان الضباط يسخرون مني ويطالبوني بالعمل في مجال آخر كوني فتاة ،ولكن تغيرت نظرتهم لي تماماً الآن وهم يحرصون على امدادي بالمعلومات حول مختلف القضايا الامنية" .
تحرص ليندا على تنمية وتطوير معلوماتها حول التنظيمات الارهابية وكيفية تفكير هذه التنظيمات وتعتبر ان مثل هذا الامر مهم جداً لها في عملها. وتتمنى ان ينتهي الارهاب في العالم وتقول: " قتل الابرياء عمل بشع ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال".