"عين على القدس" يفتح ملف الأنفاق التي تحاصر المسجد الأقصى
اكد الخبير في تراث القدس وتاريخها الاسلامي الدكتور ناجح بكيرات، "ان حرب الأنفاق لم تبق في داخل المدينة المقدسة ما يمكن التحدث عنه لشمولها كافة الأبواب وأسفل ومحيط البلدة القديمة، ولم يترك الاحتلال بابا الا وجرت فيه حفريات وأنفاق، حتى وصل الأمر الى وضع مركزية لهذه الأنفاق بمغارة كبيرة وواسعة تسمى مغارة سليمان".
وأشار بكيرات الى أن هذه الحرب تستهدف ثلاثة محاور، أولها: خلق تاريخ جديد وواقع جديد، وثانيها، ضرب وطمس كل الذاكرة التاريخية والممتلكات والتراكمات الحضارية العربية والاسلامية منها، وثالثها، محاولة تشكيل جديد للحركة في داخل المدينة.
وأوضح أن الطبيعة الطبوغرافية للبلدة القديمة هي منطقة صخرية وفيها الكثير من القنوات التي تفضي الى آبار، ولكن الموضوع ليس البحث عن تاريخ قديم وبقايا الهيكل، انما تتجاوز ذلك لمحاولة الوصول الى عمق المسجد الأقصى وتدمير كل ما هو اسلامي من خلال هدم الآبار الرومانية والمملوكية القديمة ما أدى لحصول تشققات خطيرة جدا نتيجة الحفريات المستمرة ليلا ونهارا وتسببت في هدم الكثير من المباني والمساجد والأحياء وتشريد الكثير من العائلات.
واكد أن الحفريات في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى عمل باطل حسب القوانين الدولية واتفاقية جنيف، مطالبا المجتمع الدولي واليونسكو بمحاسبة اسرائيل على هذه الجرائم البشعة.
من جانبه قال عالم الآثار المهندس روبين أبو شمسية، ان التسارع في عمليات الحفريات العام الماضي يثير الانتباه ويدعو للقلق والريبة بحيث باتت هذه الأنفاق تنتشر كالخلايا السرطانية وبوتيرة متسارعة، ما يجعل أساسات المسجد الأقصى المبارك وما حوله في خطر، مشيرا الى أن التحرك فوق الأرض وتحت الأرض بمحاذاة المسجد الأقصى يهدف الى خلق واقع يتنافى مع التاريخ العريق لهذه المدينة المقدسة .
وقال المحلل السياسي المقدسي الدكتور محمد جاد الله، انه منذ بدء الصراع قبل مئة عام واسرائيل تريد أن تغير معالم فلسطين التاريخية، واستطاعت أن تنشئ وتبني مدينة تحت باحات المسجد الأقصى، مشيرا الى أن هذه المدينة التي حفرتها وبنتها وأنشأتها اسرائيل تنطلق من الرواية التي يطرحونها على أنفسهم وعلى العالم بعد أن فشلوا في ايجادها فوق الأرض.
وقال مدير عام أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب، ان الإعمارات الهاشمية في المسجد الأقصى المبارك قديمة جدا، وهي قائمة منذ مئة عام بطلب من القيادات الفلسطينية في عامي 1923و1924، عندما ترأس مفتي القدس الحاج أمين الحسيني وفدا كبيرا من أبناء فلسطين والقدس، وتوجهوا الى الشريف الحسين بن علي طالبين المعونة والمساعدة المالية في اعمار المسجد الأقصى المبارك، ولبى الشريف الحسين النداء وتبرع بمبلغ مالي كبير، وأرسل الرسل لجمع التبرعات لهذه الغاية.
وأشار الى أن الشريف الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى عمل جاهدا للدفاع عن القضية الفلسطينية وقضية القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، وأوصى أن يدفن في مدينة القدس وفي جنبات المسجد الأقصى المبارك لحبه لهما، وأولى الهاشميون من بعده المقدسات جل اهتمامهم ورعايتهم.
وأشار الخطيب الى أن مشاريع الترميم التي تمت في المسجد الأقصى، مؤكدا ان الهاشميين هم الذي يحافظون على هذا الموقع الاسلامي، الذي لا يبخل عليه صاحب الوصاية والرعاية جلالة الملك عبد الله الثاني، ويقول دائما "اعملوا مشاريع وخذوا أموالا"، مشيرا الى أن الصندوق الهاشمي الذي تشكل عام 2007 بإرادة ملكية سامية، ويرأسه الأمير غازي بن محمد، داعم أساسي لإعمار المسجد الأقصى المبارك الذي تبرع له جلالة الملك عبد الله الثاني مبدئيا بخمسة ملايين دينار.
من جانبه قال عضو مجلس أمناء الصندوق الهاشمي ونائب رئيس لجنة الإعمار الهاشمي الوزير الأسبق المهندس رائف نجم، ان أهم إعمارين للمسجد الأقصى هما إعمار قبة الصخرة المشرفة في تسعينيات القرن الماضي في عهد المغفور له جلالة الملك الحسين حيث تم استبدال صفائحها النحاسية بصفائح من الذهب الخالص عيار 24 قراط بوزن 85 كغم وكلفت عشرة ملايين دينار، وبناء منبر صلاح الدين الأيوبي من جديد بصورة طبق الأصل في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني لأهمية دلالاته التاريخية والدينية .
وأضاف، ان الأردن وجد نفسه أمام تحد كبير، وأبلى بلاء حسنا في مراحل الاعمار الثلاثة، ورمم كامل مساحة المسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف البالغة 144 دونما، والتي هي تحت ادارة الأوقاف الاسلامية، ما جعل المسجد الأقصى الآن في أبهى صوره، محذرا من الحفريات الاسرائيلية أسفل باحات المسجد الأقصى التي ستكون لها آثار خطيرة مستقبلا.
وأشاد أكاديميون من جامعة العلوم الاسلامية لتقرير "القدس في عيون الأردنيين" بدور الهاشميين التاريخي والكبير في حماية المقدسات وإعمارها، حيث تعاملوا مع قضية القدس والمقدسات من خلال البعد الديني والتاريخي الذي استمدوه منذ البعثة النبوية وأصبحت قضية القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية واجبا دينيا على كاهلهم.
أشاروا الى ان الإعمار الهاشمي امتد ليشمل انشاء مؤسسات أكاديمية ومعاهد تعليمية في مدينة القدس، حيث أعطى الهاشميون جل اهتمامهم ورعايتهم للمدينة ومقدساتها لمنزلتها الرفيعة في نفوس المسلمين وغير المسلمين .