حوار مع إلياس فركوح- رئيس مجلس إدارة شبكة الإعلام المجتمعي

حوار مع إلياس فركوح- رئيس مجلس إدارة شبكة الإعلام المجتمعي
الرابط المختصر

نص الحوار:

سؤال: مشروع تكوين الذي أطلقه  موقع عمان نت يقوم على نشر مقالات لمجموعات من الكتاب والباحثين، وهذه المقالات والبحوث هي ذات طابع تنويري كما تقدمون هذا المشروع، ما هي رسالة "تكوين" في ظل انتشار حركات التطرف والمتطرفين في أنحاء مختلفة من الوطن العربي؟

جواب: حالة التطرف بكل إتجاهاتها وخاصة في إتجاهها الديني هي ناتجة عن فراغ معرفي وخواء على مستوى كيف يمكن أن ندير حواراً بين فئات المجتمع المختلفة في وجهات نظرها، أو المتباينة في رؤاها لنفسها وللأخرين وللعالم، وبالتالي الذي ولد هذا التطرف هو تراكم من الإخفاقات في كيف ندير حواراً حقيقياً ومجدياً وإيجابياً بين فئات المجتمع وفي داخل المجتمع.

بالتالي هذا يعني انغلاق الأفق وانسداده، وهذا الإنسداد يجب أن يفتح، بمعنى هذه الدائرة يجب أن تغلق ويجب أن تخترق عبر مقالات أو عبر كتابات تلفت النظر إلى أن العالم لا يقع بين الأسود والأبيض.

بالعكس، العالم متعدد ومتنوع في ألوانه وفي طبقاته وبالتالي في ثقافاته ورؤاه. ووجهة النظر طالما أن الحقيقة لا يحتكرها أحد، كما أن الحقيقة ليست واحدة بوجه واحد، علينا أن ننظر إلى المسألة الواحدة من زوايا متعددة، وعلينا أن نقبل الزاوبة الأخرى كطرف موجود ولا نحاربه، بل نحارب التطرف لأن التطرف ليس وجهة نظر، أما وجهة النظر حول التطرف.

سؤال: أستاذ إلياس الآن نلاحظ نموا للخطاب التكفير في العديد من البلدان العربية، هذا الخطاب استطاع أن يجند عشرات الآلاف من الشباب في مناطق مختلفة من العالم، الخطاب التنويري الذي تطرحه هل هو قادر على مواجهة خطاب التكفير في المقايل؟

جواب: سأكون واهما إن قلت أن مجموعة المقالات التي تنشر في باب تكوين هي قادرة على التصدي لهذه الموجة العارمة من التطرف والقادرة على تجنيد آلاف مؤلفة من الشباب إن كان ضمن الخريطة العربية أو العرب المسلمين في خارج الوطن العربي، وللأسف من جنسيات أخرى ليست مسلمة وإنما تستهويها المغامرة وتستهويها عمليات الإثارة، وبالتالي أنا أعتبر أن تنوير هي عبارة عن شمعة صغيرة أضيئت من أجل أن تضاء مجموعة من الشموع، وأكون مخطئا إذا قلت أن تكوين قادرة على أن تتصدى لهذه الموجة المن التطرف، بل هي محاولة من أجل فتح الحوار بين كتاب تكوين برآهم التي نراها تنويرية وآخرين يعارضونها، أو يوافقونها، ولكن على أساس أن الحوار يتسع ولا يكون داخل غرف مغلقة، بمعنى نريد أن نفتح حوارا على المجتمع مع المجتمع، فهل هذا سيؤدي إلى نتائج؟ أنا أعتقد أن ذلك سيؤدي إلى نتائج، ولكن لن تكون نتائج عظيمة وحاسمة، ولكنها ستكون ضربات ولو بسيطة في صخر يحتاج إلى كثير من التكوينات وإلى كثير من الأعمال الفكرية ومن الكتابات ومن الحوارات داخل المجتمع عبر مؤسسات المجتمع المدني.

سؤال: أستاذ إلياس هناك العديد من المقالات المنشورة تتسم بمستوى مرتفع من الجرأة والانتقاد للعديد من الخطوط الحمراء والمسكوت عنها اجتماعيا وثقافيا، ما الذي يميز تكوين في هذا السياق؟

جواب: هذه النقطة التي أشرت إليها، هي بمعنى أن تملك الجرأة في أن تطرح ما لم يطرح، أو تطرح وجهة نظرك ببعد ثقافي معرفي بعيدا عن الطابع الصحفي السريع الذي غالبا يكون مرهونا لاشتراطات وحسابات للأسف ليست إلى جانب الحقيقة كما هي إلى جانب التخفيف من الحقيقة، أو حتى أحيانا حرف الحقيقة عن مواقعها، فتكوين تتميز ليس فقط بجرأتها في تخطي الخطوط الحمراء، وإنما كيف يكتب المقال على نحو عاقل ومتعقل ومتزن وليس صارخا زاعقا، أي أن الأساس نحن لا نريد أن نصرخ في وجه المجتمع، بل نريد أن نطرح ورقة أسئلة على المجتمع لكي نتحاور معه. أنا أعرف أن هذا الضرب من الكتابة يحتاج إلى وقت طويل للإتيان بنتائج إيجابية ولكن علينا أن نراهن على ما هو عميق وليس على ما هو سطحي وزائل.

سؤال: إن حال هذا المشروع حال الكثير من المشاريع الجريئة، وبطبيعة الحال قد تصطدم بمعوقات، فإذا كان هذا الكلام ينطبق على حالتكم، فما هي أبرز المعوقات التي تواجه مشروع تكوين في الأردن؟

جواب: هو في الحقيقة تكوين كمشروع متكامل على الورق هو يتجاوز كتابة المقال، وحتى الآن "تكوين" هو مجموعة المقالات التي تنشر على مدار الأسبوع، لكن مشروع تكوين على الورق له ثلاثة أبعاد، البعد الأول هو تكوين المقال، ثانيا تكوين المائدة المستديرة التي من خلالها نستطيع أن نطرح على طاولة النقاش مجموعة القضايا أو الإشكالات التي بحاجة فعلا إلى حصر غير معتاد وغير مألوف لكي نصل إلى جوانب من أسباب تلك المشكلات، وأن نمسك بيدينا بها وأن نطرحها للحوار، وعلينا أن نحاور وفي نهاية المطاف إن جوهر تكوين هو فتح الباب للحوار، إن كان عبر المقالة أو عبر الطاولة المستديرة، أو عبر التحقيق الصحفي الثقافي المرئي المصور، ومحاولة أن تفكيك هذه المشكلة في هذه التقرير الصحفي مع الناس وعلى مرأى منهم أيضا، وبالتالي فجوهر "تكوين" هو فتح الحوار مع المجتمع وعلى المجتمع بكافة الطرق.

سؤال: المقالات التي يطرحها المشروع أو عدد منها يركز انتقاده على ما يمكن تسميته المؤسسة الدينية والرسمية، إلى جانب انتقاده لقوى الشد العكسي في المجتمع، ما تعليقك على ذلك؟

جواب: قوى الشد العكسي هي القوى المحافظة في النظام وفي المجتمع أيضا، فأنا شخصيا لا أريد أن ألقي مسؤولية الشد العكسي فقط على النظام ورجالات النظام وخاصة المحاربين القدامى منهم، وأنا أيضا ألفت النظر على أن قوى الشد العكسي موجودة وبكثرة في المجتمع نفسه وفي الفئات الاجتماعية وفي المتديات الاجتماعية البعيدة عن السلطات وإن تلاقت معها في بعض المصالح، وهي أيضا ليست مأمورة من قبل السلطات بل هي موجودة في المجتمع لأن الذهنية في كثير من الفئات الاجتماعية هي فئات محافظة وعقلية محافظة، وبالتالي ستكون من قوى الشد العكسي في المجتمع تماما كما هي في السلطة، وبالتالي علينا أن نرى الصورة أو المشهد على نحو متكامل ومتوازن وألا نلقي بالمسؤولية على طرف دون طرف، الطرفان مسؤولان عن الشد العكسي، السلطات من جهة والفئات الاجتماعية من جهة أخرىن كما أنه يجب ألا ننسى أنه حتى القوى السياسية المعارضة الكلاسيكية التقليدية أيضا هي تكلست ولم تعد قادرة على طرح إيجابات واقراح إيجابات حقيقية حيوية على المشكلات التي نعاني منها.

أضف تعليقك