"حجاب من نوع آخر"للعالول
قالت الكاتبة والروائية ناديا هاشم العالول إن "حجاب العقل" هو المسؤول عن سلسلة مستمرة لحالات سوء الفهم لكافة الأشياء المحيطة.
وأوضحت في المحاضرة التي ألقتها أول من أمس في المكتبة الوطنية ضمن أمسيات نشاط "كتاب الأسبوع"، وتحدثت فيها عن روايتها "حجاب من نوع آخر"، أنَّ "حجابَ العقل" أداة رمزية لا تُرى بالعين المجردة، لكن يمكنُ لمسها من خلال سلوكيات وأقوال وأفعال الأفراد والجماعات والشعوب، تجاه الآخرين المختلفين عنهم في الجنس واللون واللغة.
وأضافت العالول في المحاضرة التي أدارَها مدير الدائرة الثقافية في جريدة الرأي الزميل حسين نشوان، أنَّ الرواية تطالبُ بأنْ يتمَّ تقييمُ الآخرين من خلال مضمونهم قولا وسلوكا وفعلا، وليس من خلال ما يرتدونه.
وقدَّمت أمام جمهور من المثقفين والنقاد والمهتمين ملخصا عن الرواية التي تدور أحداثها على مدى 36 عاما في مناطق مختلفة من العالم، بداية من نابلس في الضفة الغربية، ثمَّ بريطانيا والأردن والسعودية والصين والهند وفرنسا.
وقالت إنَّ الرواية تتضمَّنُ أحداثا مختلفة لبطلتها "سائدة" التي تعيشُ مأساة أمّتها العربية بعد هزيمة 1967، إضافة إلى الأحداث العربية المتواصلة من سياسية وعسكرية واجتماعية وثقافية.
وأكدت المحاضرة أنه ليست كل امرأة محجبة منغلقة عقليا، معتبرة أنَّ حجابَ العقل لا علاقة له بغطاء الرأس. وتابعت "كم من محجبات مستنيرات وكم من غير محجبات سافرات لا علاقة لهن بالاستنارة والعكس صحيح".
ورأت الكاتبة أنَّ حجابَ الرأس الذي تضعه المرأة على رأسها لا يقودها للانغلاق أو الانفتاح العقلي، لرأيها أن الانفتاح العقلي الإيجابي المتوازن هو الذي يغربل الغث من السمين وهو المطلوب من النساء والرجال معا.
ويعتمدُ التوازن الإيجابي، وفق العالول، على درجة النضوج العقلي الناجم عن تشغيل العقل الدائم، ودرجة الاطلاع، وغزارة المعرفة والثقافة.
وأشارت المؤلفة إلى أن حجاب العقل لا يخص المرأة وحدها كذلك هنالك رجال "محجبون عقليا" سواء ممن يدّعون الحداثة أو من أصحاب القديم، مشيرة إلى أن ما نشكو منه كأمة من دول العالم الثالث هو عدم "إعمال العقل"، والابتعاد عن التفكير الموضوعي والنقدي.
وبيَّنت العالول أنَّ الآخر في الرواية يمثلُ الشعوبَ الأخرى والدول المتطورة والتي بدأت تبرز بشدة في الصراع الحضاري والثقافي، مبيِّنة أنَّ "سائدة" عرفت هذا الصراع من خلال تجاربها العديدة، المتقلبة بين حجب جوهرية وأخرى مظهرية.
والبطلة، وفقَ الكاتبة، مرَّت بأزمات عاطفية نتيجة الحبِّ المدفون بأعماقها، ونغّصَ عليها حياتها، مبيِّنة أنَّ البطلة تعاملت مع عواطفها بحزم بغية إخماد حبها والذي طالما تدّخل بطريقة غير مباشرة مانعا إياها من رؤية الآخرين من المحبين والمعجبين.
العالول أوضحت أنها تناولت في الرواية جانبا آخرَ من حجاب العقل الموجود لدى الشعوب المتطوِّرة، حيث يرتدونه أثناء تعاملهم مع الثقافات الأخرى، لأنهم يعتقدون وفق وجهة نظرهم بأنهم الأفضل وغيرهم لا يستحق أنْ يؤخذَ بعين الاعتبار.
وأشارت العالول إلى ظهور الازدواجية في تعامل الدول المتطورة مع الدول النامية، حيث يتم تغليب المصلحة على الحق والعدالة.
وتختم الكاتبة بأن بطلة الرواية تخرج بمحصلة نهائية تؤكد لها أن المشكلة الفعلية الطاغية تكمن في عدم "إعمال العقل" وأيضا بسبب التركيز على المظهر دون الجوهر وعلى الشكل دون المضمون، فتضيع الحقيقة بين سراديب المظاهر.
وأشارت الروائية إلى أنها أطلقت عنوان "حجاب من نوع آخر" من أجل أن تتناول الحجب النفسية "غير المرئية" التي تمنع الإنسان فردا أو جماعة من رؤية الحقيقة.