توفيق يوقع الطبعة الثانية لرواياته
وقع الروائي والقاص قاسم توفيق الطبعة الثانية من رواياته الثلاث:"حكاية "اسمها الحب"، "عمان ورد أخير"، "ماري روز تعبر مدينة الشمس"، الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع عمان، أول من أمس في مكتبة ريدرز كوزمو.
وقال توفيق في الحفل الذي شارك فيه الزميل الشاعر زياد العناني، وحضره مجموعة من المهتمين بالشأن الثقافي والأصدقاء، إن الذي يجمع بين رواياته الثلاث هو "الحب وحده"، مؤكدا أنه لا يعرف لغة غير لغة أبطاله وحكاياتهم التي صنعها من لحم الأفكار ودم الكلمات.
وأكد المؤلف أن الأعمال الثلاثة ولدت وتشكلت وخرجت من تحت عباءته لتصير ملكاً لمن يقرؤها، مشيرا إلى أنه لم يتبق له شيء من تلك الأعمال عندما تحولت من أفكاره إلى ورق المطبعة.
وأضاف توفيق "رغم رحيل الأفكار عني إلا أنها ستظل داخل روحي مثل قصة عشق جميلة، أو مثل علاقة عابرة في الحياة مرت سريعاً لكنها تركت في جسدي علامات لا تفارقه".
وتحدث الكاتب عن الرواية الأولى وهي "ماري روز" التي تتناول قصة امرأة جاءت من قرية أردنية في القرن التاسع عشر، ليُعيدَ استنساخها في القرن العشرين وتصبح امرأة عصرية تحاول كسر كل ترسبات ثقافة التخلف والخوف.
كما تريد تلك المرأة، وفق توفيق، التأكيد أنه لا بد من أن يمتلك الإنسان الجرأة، وأن يجنح للثورة حتى يكون هو، وإلا فسيظل كالآخرين بكل ما علموه إياه وصنعوه فيه وزرعوه في وجدانه.
وأكد المؤلف أن كتابة الرواية كانت "قراراً انتحارياً"، فكيف لحب أن يكون بين اثنين من عالمين مختلفين، وطائفتين مختلفتين، حالة تشبه روميو وجوليت لشكسبير، منوها إلى أن قصص الحب الدامية لا تكون إلا بفعل الآخرين وليس بفعل العاشقين. ولفت إلى أن حكايات الحب لا "تؤدي إلى الموت أو الدم، لأن الحب يصنع الفرح والحياة وهذا ما حصل مع أبطال رواية ماري روز".
ووصف توفيق الكتابة بأنها تشبه "المدينة التي ندخلها للمرة الأولى، حيث تبهرنا لأنه لا ترى فيها غير ما تحب ان ترى"، فالمدنية مع الوعي تصير حالة أخرى عكس ما هي عليه، لأن وعيك المتطور بالطبيعة يرى الأشياء بصورة مختلفة كل مرة.
ورأى الكاتب أن القيمة تكون في أن تحافظ المدينة على الإبهار والإدهاش، مشيرا إلى أنَّ ما حصل مع ماري روز التي تناقلها طلاب الجامعات بحرارة وحميمية قبل ربع قرن، وها هم يتناقلونها الآن بذات الحميمية.
أما الرواية الثانية وهي "عمان ورد أخير"، فهي، بحسب توفيق، الجزء الثاني لروايته التي تحكي عن عمان ستينيات القرن العشرين، والتي مُنعت من النشر في العام 1986 "أرض أكثر جمالا".
وأوضح أن الرواية تتحدث عن مرحلة في غاية الحساسية ويصعب التحدث عنها وهي عمان 1970، مؤكدا أنه أراد في هذا العمل أن يكسر "التابوه المحرم" من خلال نص يحتوي على فهم يترك القارئ في موقع المتحيز لإنسانيته، ولقوميته، ولمحليته، في وعي لمواجهة عدو واحد هو "إسرائيل".
وبين توفيق أن حياة وحوار شخوص هذه الرواية تترك القارئ عاجزاً عن الفصل، عاجزاً عن إعطاء هوية لأبطال الرواية، منوها إلى أن كل مرحلة تصنع إفرازاتها الخاصة بها لكن من دون أن تنفي هذه الإفرازات المبدأ الأساسي الإنساني.
ونوه توفيق إلى أن الرواية الثالثة "حكاية اسمها الحب" تحمل العشق والأزمة القابعة فيه، على عكس بطلة رواية "ماري روز" التي أبطالها هم من عمان بتفاصيلها الجارحة في سبعينيات القرن الماضي، وأزمة الطائفية التي كانت تشمل العالم العربي من أجل طمس المعاني الإنسانية، ولكن أبطال "حكاية اسمها الحب" يبحثون عن مخرج، فحياتهم هي خيارهم وليس خيار المجتمع.
ولفت المؤلف إلى أنه رغم الفارق في العمر بين البطل والبطلة الذي يصل إلى عشرين عاما، إلا أنهما يؤكدا أن العمر لا يقاس بالسنوات، فعايدة بطلة الرواية تؤمن بأن العمر ليس سوى إحساس يصنعه الإنسان ويضع نفسه فيه كيفما يحب، وأنه ليس سوى الوهم الذي يتعلق به الناس حتى يأخذهم في آخر الأمر إلى الموت.
من جانبه تساءل الزميل الشاعر زياد العناني لماذا أغفلت المدونة النقدية الأردنية جبلا روائيا يدعي قاسم توفيق، ولماذا لم تستغور في باطنه الممتلئ بالحياة وطقوسها؟
وقال العناني إن روايات توفيق الثلاث، تنطوي على نزعات إنسانية قلما نجد لها مثيلا في الروايات الأردنية، مشيرا إلى أن توفيق يتتبع في هذه الأعمال ذهنية العقل الجمعي وأطلت عليها بعين الصقر الأميركي من عل، وكونت خطابها الناقد لاغترابنا المسلم- المسيحي- الفلسطيني- الأردني بلغة متسامحة ومتصالحة مع نفسها.
وبين أنها تبتعد عن إثارة الأخطاء الوطنية التي تمسكت بها بعض الروايات، بحجة أنها ذات خط مواز للتاريخ، وبناء عليه كونت لغة انفصالية جهوية وربما تكون عنصرية وإقليمية يخجل منها بياض الورق، ويسود في جنباتها وجه السرد وهو يقاد إلى حتمية الصراعات، والانقسامات لكي يتعايش معها.
وأكد أن توفيق ينأى بتجربته عن اللعب في منطقة الوظيفة التاريخية للرواية لمصلحة الوظيفة الإنسانية، عبر مكمنها وحراكها فجاءت لتكون بمثابة الحجر الكريم وقدمت اقتراحا جماليا يعد إضافة لفتوحات السرد العربي من دون أن يكون فيها صوت الإنسان صوتا هامشيا، كما هو الحال في بعض الروايات التي امتثلت لصوت السياسي السالب لحريتها والموجه لجهودها المغتربة عن ذاتها.
ورأى العناني أن ما يميز كتابات توفيق هو "الانفتاح على الآخر، كما تجد شخصية الراوي العليم وهي تعالج المشاهد المتشظية بشخصيات من لحم ودم ودموع تفرض حضورها بطريقة إنسانية تشبه شخصية الكاتب المتخفية عن الأضواء والخاضعة لرؤيته العميق والمؤمنة ببطولة الإنسان أو البطولة التي تستبدل الرجال المندفعين بقوة الدم برجال آخرين تلمع الدموع في عيونهم حين يجري تشويه الوجه الأخلاقي الأعمق للحياة".