نشر موقع "ذا كونفرسيشن" الأمريكي، تقريرا تحدث فيه عن ظاهرة أطول خسوف كلي للقمر في القرن الحادي والعشرين، التي يشهدها العالم اليوم الجمعة.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الظاهرة الفلكية التي تعرف باسم "القمر الدامي" خلقت حولها العديد من الخرافات والأساطير في مختلف الثقافات والحضارات القديمة.
وأدى اقتران هذا الحدث بالظلمة وتغير لون القمر إلى تشكل قراءات متعددة ومتناقضة في بعض الأحيان لهذه الظاهرة الفلكية.
وتتاح اليوم الفرصة لملايين الأشخاص حول العالم لمشاهدة أطول خسوف للقمر، في القرن الحالي. ومن المتوقع أن تحرم غرينلاند ودول أمريكا الشمالية من مشاهدة هذه الظاهرة النادرة.
وذكر الموقع أنه أثناء هذا الحدث الفلكي، ينتقل القمر إلى ظل الأرض الذي يحجب عنه ضوء الشمس، فيؤدي ذلك إلى خلق عتمة مؤقتة.
ويقترن مصطلح "القمر الدامي" بنفاذ بعض أشعة الشمس إلى القمر التي تتشتت في الغلاف الجوي للأرض فتكتسب توهجا أحمر داكنا. ويعود هذا اللون الداكن أساسا لعوامل التلوث الجوي، التي تؤثر على كمية الضوء التي تمر عبر الغلاف الجوي للأرض.
وأوضح الموقع أن مصطلح "القمر الدامي" غير علمي ويفتقر للدقة، إلا أن هذه الظاهرة الفلكية اكتسبت هذا الاسم من لون القمر الذي يميل إلى الأحمر القرمزي. وإلى جانب التفسير العلمي لهذا الحدث الفلكي، كان لهذه الظاهرة عدة تأويلات مثيرة للاهتمام في الذاكرة الثقافية لبعض الشعوب.
وأشار الموقع إلى أن خسوف القمر ألهم الشعوب من مختلف الثقافات لتأليف العديد من الأساطير والخرافات المدهشة، إذ يعتقد البعض أنه يحمل في طياته دلالات معينة. وليس من الشائع أن يشهد العالم مثل هذا الحدث الفلكي، خاصة أن أي تغيير يطرأ على النسق العادي للشمس أو للقمر يكون له تأثير مباشر على حياة الإنسان.
نوايا شريرة
وأورد الموقع أن بعض الحضارات القديمة ربطت ظهور "القمر الدامي" في السماء بوجود نوايا شريرة على الأرض. وبحسب سكان إمبراطورية "الإنكا" القدماء في أمريكا الجنوبية، يحيل لون القمر الأحمر الداكن إلى وجود فهد يهاجم القمر في محاولة منه لالتهامه.
وكانوا يعتقدون أن هذا الفهد قد يهاجم الأرض أيضا، فكانوا يصرخون ويهزون رماحهم ويجعلون كلابهم تنبح وتعوي، أملا في أن تبعد الجلبة التي يحدثها هذا الفهد.
وأضاف الموقع أن حضارة بلاد الرافدين القديمة اعتبرت خسوف القمر اعتداء مباشرا على الملك. ونظرا لقدرة هذا الشعب على التنبؤ بالخسوف بدقة معقولة، كانوا يقومون بتنصيب ملك بديل بينما يختبئ الملك الحقيقي إلى حين انتهاء مدة الخسوف.
الشيطان "راهو"
وبين الموقع أن بعض الحكايات الشعبية الهندوسية فسرت خسوف القمر على أن الشيطان "راهو" قد ابتلع القمر. وحسب هذه الرواية، عندما يشرب "راهو" إكسير الخلود، تقوم الإلهتان التوأم "الشمس والقمر" على الفور بقطع رأسه، لكن بعد فوات الأوان، حيث يكون الشيطان قد شرب الإكسير، لذلك لا يزال رأسه خالدا.
وفي سعيه للانتقام، يطارد رأس "راهو" الشمس والقمر. وعندما ينجح راهو في ابتلاع القمر، يحدث الخسوف.
نذير شؤم
وأفاد الموقع بأن خسوف القمر نذير شؤم بالنسبة للكثير من الناس في الهند، حيث يتم تغطية الطعام والماء مع تأدية طقوس التطهير. وتمنع النساء، خاصة الحوامل، من تناول الطعام أو القيام بالأعمال المنزلية بهدف حماية أجنتهن.
وذكر الموقع أنه ليست جميع الأساطير المرتبطة بالخسوف ذات طابع تشاؤمي وسلبي. فعلى سبيل المثال، كانت قبائل الهوسا ولويزيانا في كاليفورنيا تعتقد أن القمر في حالة الخسوف مريض أو جريح ويحتاج إلى العلاج. وكانوا يحاولون علاجه إما عن طريق زوجات القمر أو قيام رجال القبائل بترديد أغاني الشفاء للقمر المظلم.
ويعتقد شعب باتاماليبا في توغو وبنين في أفريقيا أن خسوف القمر ناتج عن صراع بين الشمس والقمر، وفي هذه الحالة يتوجب على السكان تشجيعهم على حله وتهدئة العداءات القديمة. ولا تزال هذه الأسطورة قائمة حتى يومنا هذا.
غضب الإله
وكشف الموقع أن المسيحية ربطت خسوف القمر بغضب الله عند صلب المسيح. ولعل ذلك ما يفسر إحياء عيد الفصح في أول يوم أحد، بعد أول بدر كامل في فصل الربيع، ما يضمن لهم أن الخسوف لا يمكن أن يحدث في هذا اليوم، ولو حدث العكس فهذا يمثل بالنسبة لهم علامة محتملة على يوم القيامة.
وأشار الموقع إلى أن مصطلح "القمر الدامي" أصبح متداولا خلال سنة 2013 من قبل الوزير المسيحي، جون هاغي، الذي روج لما أسماه "نبوءة القمر الدامي" في كتاب تحت عنوان "أربعة أقمار دامية"، التي ربط فيها الظاهرة بوقوع أحداث سيئة في سنوات معينة.
وتم رفض هذه الادعاءات من قبل مايك مور، الأمين العام لشهادة المسيحيين في إسرائيل، سنة 2014، ولكنها مازالت متداولة على وسائل الإعلام.