الطفل التميمي : الرصاصة برأسي والمقاومة بقلبي

الطفل التميمي : الرصاصة برأسي والمقاومة بقلبي
الرابط المختصر

قبل 3 سنوات انطلقت الشرارة التي غيّرت حياة الطفل الفلسطيني محمد فضل التميمي (15 عامًا) من بلدة النبي صالح شمال غرب رام الله، حين اعتقلته سلطات الاحتلال من بيته للمرة الأولى، ليصبح من وقتها أشد بأسًا وأكثر قوة وإصرارًا على مقاومة الاحتلال.

يقول الطفل التميمي عن حادثة اعتقاله، “ذات ليلة لم أكن أبلغ الثانية عشر من عمري بعد، كنت نائمًا بفراشي، وفجأة جاءت مدرعات مصحوبة بجيش الاحتلال وحاصرت منزلنا في النبي صالح واعتقلوني، قضيت 3 شهور في سجن عوفر وذقت خلالها مُرّ التعذيب والضرب”

 

وأوضح في روايته لقصته، أن سبب الاعتقال هو خروجه في مظاهرات ضد الأراضي المسلوبة وضد الاستيطان، كما حال أهالي قرية النبي صالح، جميعهم نساءً ورجالًا وفتية وفتيات يقاومون بشتى الوسائل وبأدواتٍ بسيطة، أولها أيديهم وحناجرهم وحجارتهم.

 

وأضاف، “كبرتُ سنة تلو الأخرى، بدأت برمي الحجارة والاشتباك مع جنود الاحتلال، تعرضت للموت في كل لحظة وكنّا عرضة للاعتقال في كل مرّة لولا جلد الأمهات التي كنّ يخلصننا من أيادي جنود الاحتلال، يرتقي الشهداء ويؤسر الأسرى، لكن النبي صالح كما هي، كانت المقاومة عقيدتها وعقدة قلبها”.

 

في السادس من ديسمبر الماضي، جاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للاحتلال، وما كان من أهالي بلدة النبي صالح إلا أن هبّوا كما كلّ قرية ومدينة في فلسطين وخارجها من دول العالم الذي اعتصموا واستنكروا ورفضوا هذا القرار، وبدون مقدمات بدأ أهالي القرية بضرب الحجارة والمولوتوف بينما يستمر الاحتلال في اعتقال المتظاهرين فيها، ولمدة أسبوع.

 

رصاصة مباغتة!

في الخامس عشر من كانون أول الماضي، كان اليوم الأصعب على التميمي، يقول “بينما كنت مع أصدقائي في كرّ وفر، نراقب جنود الاحتلال وكمائنهم التي تعتقل الشبان والمتظاهرين، رفعني أصحابي إلى سورٍ ارتفاعه 3 أمتار كي أرى إذا ما كان جنود الاحتلال قد نصبوا كمينًا خلفه أم لا، لكن الحدث وقع حينها “ما إن أخرجت رأسي حتى تباغتني رصاصة من سلاح أحد جنود الاحتلال أصابت الرأس مباشرة”.

 

وأوضح، في روايته لقصته “طلقة مطاطية دخلت من تحت عيني اليسار ووقفت في منتصف مخي، وقعت بقوّة على الأرض بعد إصابتي وبدأ نزيف الدم من رأسي بشكلٍ كبير جدًا، قد يعبء الخزانات!”.

 

وبحسب التميمي، “فان أهل القرية أسعفوه ثم توجهوا به إلى مركز صحي ببيت ريما، لكن الحالة الصعبة واستمرار النزيف دفعهم لتحويلي إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، وحينها أوقفنا جنود الاحتلال على الحاجز وعند رؤية حالتي والدم يغطي وجهي سمحوا لنا بالوصول إلى المستشفى بعد احتجازنا”.

 

“7 ساعات” استمرت العملية التي أجراها الأطباء وأخصائيو الدماغ والجراحة والأعصاب  على الفور من الساعة العاشرة ليلًا وحتى الخامسة فجرًا بعدما قام الأهالي بحملة للتبرع بالدم بعد النزيف الشديد الذي أصابني، واستطاعوا إخراج الطلقة المطاطية من أسفل الرأس بعد معاناة طويلة اقتصوا خلالها جزء من الجمجمة وعظم الرأس”، يقول محمد.

 

وعن مضاعفات العملية، يقول “أصابني التهاب رئوي لأني إستنشقت الكثير من الدم دون وعي، وقد أثر على الرئتين، مما دفعهم لإبقائي طيلة أسبوع كامل دون حركة وتحت تأثير الحقن الطبية والمسكنات لعدم تحمل الوجع، وسط جهلهم بما ستؤول إليه حالتي الصحية، لكنني استيقظت بعد أسبوعٍ لأرى أن قرار ترمب لم يزل باقيًا لكن ما يتغير هو عدد الشهداء والأسرى في ازدياد، من بينهم ابنة عمي عهد وأمها ناريمان”.

 

صاحب أجمل وجه عام 2017، كان هذا لقبي، وأنا حاليًا ممنوع من الخروج من المنزل لمدة 6 شهور، لأن رأسي لا يوجد به عظام، وممنوع من استكمال تعليمي المدرسي ولا الخروج للشارع فلا أتمكن من الذهاب للمواجهات ولا أستطيع ممارسة فعلي المقاوم، لكن الإصابة ستبقى شاهدة على جرائم الاحتلال دومًا، يؤكد التميمي.

 

الطفل التميمي المصاب، لم يزل قلبه قويًا برغم كلّ ما حدث وما زال يؤكد “الشعب الفلسطيني كلّه مقاوم، من استشهد ومن أسر ومن أصيب، ومن لم يفعل بعد، لكن اللاجئ مقاوم، وكل شخص يعرف نفسه بأنه فلسطيني مقاوم هو كذلك لأن الوجود والحياة مقاومة”. القدس الاخبارية

أضف تعليقك