الشاعر المغترب ناصر و"فرصة ثانية"
يحتوي كتاب (فرصة ثانية) للشاعر الأردني المقيم في لندن امجد ناصر والصادر حديثا عن وزارة الثقافة ضمن سلسلة مشروع التفرغ الإبداعي على الوان من النصوص السردية التي تستدعي فضاءات الامكنة والذاكرة .
على دفتي التناغم بين الواقع والمخيلة الخصبة يعاين ناصر في اشكال من المحاكاة لمفردات من البراءة والاراضي البكر يحيطها باشارات ودلالات بليغة ومتسلحا باصالة الكلمة والمعرفة من المخزون الثقافي التلقائي وبانفتاح على افاق حداثوية مفعمة بالاحاسيس والجماليات.
اهدى صاحب (مديح لمقهى اخر) ديوانه الجديد الذي يشتمل على 142 صفحة من القطع المتوسط إلى والدته التي لم تقتنع يوما ان الكتابة يمكن أن تكون عملا , وفي اكثر من موقف يعثر القارىء على هذه الام وهي تطل باسمها وحكاياتها وأسلوبها العفوي في العيش في العديد من صفحات الديوان .
تقرأ الناقدة خالدة سعيد في استهلال للديوان بمنهجية رصينة باعتباره مزيجا من السحر المتنوع الاغراض الذي يجمع بين الرؤى الشعرية والقيم الحكائية المتوارثة في حفر متين لعوالم وحضارات وثقافات باسلوبية سردية لا تنفصل عن الشعر ومناخاته التي تنهض على الحلم والحنين الى حميمية طفولية.
رأت سعيد في (فرصة ثانية) كأنه تسجيل لسيرة ذاتية للمكان تتداخل فيها وتتخللها خطوط من سيرة المتلقي بحيث تتواصل بين فترات زمنية تمتد الى اكثر من حقبة تاريخية لا تغيب عن ذاكرة الشاعر وهي تعبر مراحل الطفولة والصبا والعلاقات طيلة رحلة مضنية جراء تحولات الحياة الحادة .
الكتاب في النتيجة اشتغال على السرد المركب بين الشعر والنثر , فيه شيء من السيرة وفيه انعطافة على المكان ويغوص في الواقع قابضا على احلامه المستمدة من بيئته وذاكرته دون ان يغامر بالافصاح عن جنسه الادبي نثرا كان ام شعرا.