أبو رمان في "الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"

أبو رمان في "الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"
الرابط المختصر

صدر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر في بيروت كتاب "الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي: المقاربات ، القوى ، الأولويات ، الاستراتيجيات" ، للزميل محمد أبو رمان ، ويمثل أطروحته للدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة.

 ويقدّم الكتاب خريطة واضحة للاتجاهات -المقاربات الفكرية الإسلامية الرئيسة في تحديد استراتيجيات الإصلاح السياسي وأولوياته والقوى المرشّحة لحمله ، من خلال تصنيفها إلى ثلاث مقاربات رئيسة ، ثقافية ، وسياسية (بشقيها الخارجي والداخلي - الدستورية) ، وحركية بشقيها ، تلك التي تعلن القبول بالديمقراطية والتي تتخذ طرقاً أخرى مثل العمل المسلّح أو العمل السياسي خارج اللعبة أو حتى تلك التي تشي رؤيتها بتسويغ الانقلابات العسكرية.

 ويسعى الكتاب لتجاوز حالة "الاختزال الإعلامي" والتعميمات التي تضع المقاربات الإسلامية جميعاً في بوتقة واحدة ، برغم ما بينها من اختلافات وخلافات ومسافات شاسعة ، تصل في أحيان كثيرة إلى التضارب والصدام. ذلك أنّ تلك المقاربات تقع بين مداخل وأوليات متباينة ومتنوعة ، تختلف في مقولاتها الرئيسة ، وفي تقدير المشكلات الأخطر والأكثر إلحاحاً في المواجهة ، وفق تباينها في قراءة الواقع وحيثياته ، وهو ما نتج عنه تصورات مختلفة ، أيضاً ، حول مراحل الإصلاح ودرجاته ووجهته ، وشروط القوى الإصلاحية وأدوات إنتاجها أو إعدادها.

 المقاربة الثقافية تمنح الأولية والأهمية للعوامل الثقافية في الإصلاح السياسي ، وتقوم على أنّ الاشتغال بهذه القضايا أنفع وأجدى من العمل السياسي. في حين تعددت وتنوعت فروع هذه المقاربة بين اهتمام جيل الرواد بصورة أساسية بالإصلاح الديني والتربية والتعليم ، وبين اهتمام آخرين بالسياق الحضاري للإصلاح السياسي.

 في المقابل ، منحت فروع أخرى من المقاربة الثقافية عملية إصلاح الفكر الإسلامي وأسلمة المعرفة جهداً ودوراً أكبر (تجربة المعهد العالمي للفكر الإسلامي) ، ودافعت دعاوى أخرى عن أهمية "التنوير الفكري" فيما تحدثت رؤى عن "الإصلاح الشبكي" وضرورة التعاون بين القوى الاجتماعية لتحقيق الإصلاح واستنهاض العامل الثقافي الإسلامي في مشروع التنمية.

 أمّا المقاربة السياسية ، فقد تفرعت إلى مقاربتين فرعيتين ، الأولى تمنح الأولية للإصلاح السياسي الداخلي - في شقه المؤسسي والدستوري (من داخل النظام نفسه). والثانية تدفع بأنّ الأولية تكمن بمواجهة الخطر الخارجي ، من استعمار واحتلال وتبعية.

 المقاربة الحركية ، هي المقاربة الثالثة الرئيسة التي ناقشتها الدراسة ، وتنقسم بدورها إلى مقاربتين رئيسيتين: الأولى تمثلها الأحزاب والحركات الإسلامية التي تعمل في سياق قانوني مشروع ، أو تتبنى العمل ضمن اللعبة السياسية ، وتبرز جماعة الإخوان المسلمين بصفتها ممثلا عابرا للأقطار العربية لهذه المقاربة.

 في مقابل هذه المقاربة ، ثمة مقاربة حركية ترفض القبول بالنظام الديمقراطي واللعبة السياسية بصيغتها القائمة في العديد من الدول العربية. وتبرز ، هنا ، المقاربة "السلفية" بفرعيها المقاربة التقليدية (التي تربط الإصلاح بالتصفية والتربية ، وتتحدث عن طاعة الحاكم وتعهد له بالعملية الإصلاحية) والمقاربة الجهادية (التي تعلن كفر الحكومات العربية وترى أنّ السلاح هو طريق التغيير).

 كما تبرز مقاربة حزب التحرير الإسلامي ودعوته إلى العمل السياسي الذي يعيد الخلافة الراشدة ، بالاستعانة بمفهوم "طلب النصرة" ، الذي يثير سؤال حضور "النزعة الانقلابية - العسكرية" في فكر الحزب وممارسته ، وأخيراً هناك مقاربة جماعة العدالة والإحسان ، التي ترفض المشاركة السياسية بالشروط الواقعية الحالية في المغرب العربي ، وتتحدث عن "حرب عصابات سياسية ورمزية" مع السلطات الحاكمة.

 وينعكس الاختلاف بين المقاربات الإسلامية في استراتيجيات وأولويات الإصلاح على الاختلاف حول القوى المرشّحة لحمل مشروع الإصلاح والتبشير به داخل المجتمعات العربية.

 وتشي تجربة الإسلاميين التقدميين ، وأفكارهم حول الإصلاح السياسي ، بأنّ القوة المحتملة لحمل مشروع الإصلاح وتمريره هي "المجموعة المثقفة المستنيرة" ، التي تقوم بنشر الفكر الإسلامي المستنير في المجتمع لمواجهة التيارات الفكرية والسياسية الأخرى ، على الصعيد الإسلامي والعلماني.

 على صعيد المقاربة الدستورية ، فإنّ "الإصلاحي" داخل الدولة ، فرداً أو نخبة ، هو القوة المرشحة للإصلاح والتغيير ، والسبيل إلى الإصلاح السياسي والعام ، من خلال إصلاح السلطة نفسها من الداخل ، بتعزيز المؤسسية ومحاربة الجمود والتكاسل والفساد داخل المؤسسات السياسية والإدارية نفسها.

 المقاربة التي تركز على العامل الخارجي تختلف عن المقاربات السابقة ، بصورة واضحة ، فالقوى المرشحة للإصلاح لديها ليست واضحة ، لاعتبار رئيس ، وهو أنّ الإصلاح السياسي نفسه ليس أولية عند هذه المقاربة ، عندئذْ فإنّ النظر يتجه إلى القوى المرشحة لمواجهة الخارج وتعزيز التعاون في الداخل.

أضف تعليقك