نائل حشوة ابن القدس العصامي يحقق نجاحات في قطاع السياحة “بعرق جبينه”

الرابط المختصر

” بدأت لوحدي وعملت بجهد رغم التحديات”، هذا ما بدأ رجل الأعمال نائل حشوة حديثه لـ ملح الأرض حول بداية عمله وما وصل له اليوم.

تربى نائل حشوة في بيت متواضع في القدس بعد أن فقد والديه بيتهم  بسبب أحداث النكبة. ولد نائل عام 1948 في الوقت الذي كان والديه قد غادروا منزلهم خارج منطقة باب الخليل بسبب المعارك بين الثوار والصهاينة إلى مدينة البيرة شمال القدس.

لا شك أن نائل حشوة رجل عصامي بمعنى الكلمة ولكن روح العمل والمثابرة تربى عليها في البيت حيث كان يرى قوة الإصرار وعدم تقبل المعيقات عند والده. والد نائل، جميل عيسى حشوة، كفيف منذ الطفولة، ولكنه كان من رواد تمكين من كان لديهم الإعاقة البصرية في فلسطين وأبعد من ذلك. بالتعاون مع صبحي الدجاني، رفيق والده، عمل جميل حشوة على إقامة مؤسسات تعنى بالمكفوفين وكانا من رواد التغلب على إعاقتهم من خلال تعريب لغة البرايل للمكفوفين.

حصل نائل حشوة على الثانوية العامة عام 1966 في مدرسة المطران في القدس مسقط رأسه، وانتهى من دراسة تخصص إدارة الفنادق في 1969، لكنه في ذلك الوقت لم يستطع العودة للقدس المحتلة، ليجد حينها أول فرصة عمل له في ليبيا دامت سنة ونصف، لغاية أن جاءه الخبر المفرح من أهله، أنهم استطاعوا الحصول على إذن لم شمل العائلة وبذلك يستطيع العودة إلى القدس. ولكن لم الشمل الشخصي لم يكفي لتوفير الإقامة الدائمة لأولاده رامز (الآن 27 والحاصل على الماجستير من بريطانيا في الشؤون المالية) ونادر (الآن 25) الذي يعمل طبيب في مستشفى جامعة شيكاغو الأمريكية. 

كان حلمه أن يعمل بتخصصه في إدارة الفنادق، وما لبث أن استطاع أن يقتنص فرصة العمل الثانية له في فندق القدس انتركونتننتال، في ذلك الوقت كان فندق القدس إنتركونتيننتال وفندق الأردن انتركونتننتال فونيسيا انتركونتننتال في بيروت أول ثلاث فنادق تفتتحها وتديرها سلسلة فنادق انتركونتننتال في الشرق الأوسط في أوائل الستينيات. ولم يكن هناك فنادق عالمية في الشرق الأوسط سوى فندق هيلتون القاهرة، فنادق الانتركونتننتال المذكورة أعلاه.

كشاب صغير لم تسع حشوة فرحته لعمله في أحد أهم الفنادق العالمية بالقدس، لتكتمل بالعمل الجاد والدؤوب، إلى أن استطاع أن يتدرج في العمل من موظف في قسم الإدارة المالية في فندق الانتركونتيننتال إلى المدير المالي للفندق عام 1976. يقول لـ ملح الأرض ” كنت مبسوط جداً بالعمل بهذا الفندق في ذاك الوقت فقد كان مدرسة للعاملين فيه، وتحديدا الذين عملوا في قسم الإدارة المالية”.

طموح حشوة لم يتوقف إلى هذا الحد، فواصل العمل بكد وتعب حتى عرضت عليه مجموعة فنادق انتركونتننتال أن ينتقل أوائل 1979 كمدير مالي لفندق سايبان انتركونتيننتال. جزيرة سايبان، إحدى جزر الماريانا، جنوب اليابان. سرعان ما أكمل عمله في الجزيرة، تختاره مجموعة فنادق انتركونتننتال مرة أخرى مديرا ماليا لفندقها الأول والأفخم في إمارة أبو ظبي مسؤولا ماليا أيضاً عن فندق العين انتركونتننتال ومشرفاً على افتتاحهما.

يقول نائل حشوة لـ ملح الأرض ” كنت أرغب أن أقيم في القدس ولكن لم استطع توفير الإقامة  لأولادي لأنهم ولدوا في الخارج وبسبب سياسة التطهير العرقي الإسرائيلي لم يكن من السهولة لهم العودة معنا للعيش في القدس. يتذكر نائل بمرارة كيف رفضت السفارة الإسرائيلية السماح لأبنائه بتأشيرة دخول لزيارة جدهم وهو على فراش الموت. “كانت السلطات الإسرائيلية تسمح لهم بالزيارة لغاية أن وصلوا سن 15 وبعد ذلك رفضوا السماح لهم بالزيارة. وقد احتج ابني حول المنع من خلال مقال  تم نشره في الصحافة الأمريكية وحصل على تعاطف من العديد من أصدقائه في أمريكا.”

بعد خبرة عمل دامت أحد عشر عاما في فندق انتركونتننتال وآخرها ثلاث سنوات في إمارة أبو ظبي، حصل حشوة في عام 1983 على فرصة عمل في شركة أبوظبي الوطنية للفنادق ويقول لـ ملح الأرض “عرضوا عليَ وظيفة كبير المدققين. بعد ثلاث سنوات، ترفّعت لأصبح المدير المالي والإداري للشركة، التي تملك وتدير ثماني فنادق تدار من قبل أهم شركات إدارة الفنادق العالمية.”

أسست حكومة أبوظبي شركة أبو ظبي للفنادق، ثم باعت أسهمها بأسعار تشجيعية ضمن سياسة الحكومة في توزيع الثروة على مواطني أبوظبي وكانت الشركة تملك وتشرف على ثمانية فنادق تدار من أكبر شركات إدارة الفنادق العالمية منها فندق انتركونتيننتال، واثنين هيلتون، شيراتون أبو ظبي، ميريديان أبوظبي، رامادا أبو ظبي ورمادا الظفرة. وكانت من مسؤوليات نائل حشوة متابعة إدارة هذه الفنادق. يعلق على تلك الأيام نائل بالقول “أكسبتني خبرة إضافية بالاطلاع ومراقبة أداء أكبر شركات إدارة الفنادق العالمية.”

 في عام 1992 استقال رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي الوطنية للفنادق ناصر النويس، ومسؤول كبير آخر بها، بحكم خبرتهما الطويلة في إدارة الفنادق، قاما سويا بتأسيس شركة إدارة فنادق عربية، ومن هنا تم تأسيس شركة روتانا لإدارة الفنادق، في عام 1993، من قبل ناصر النويس، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي الوطنية للفنادق حتى 1992 وسليم الزير الخبير الرائد في إدارة الفنادق في الشرق الأوسط. كان الزير متخرج من معهد لوزان، معهد إدارة الفنادق الأول في أوروبا، والذي أدار فنادق هيلتون في إمارة أبو ظبي في السبعينات وأوائل الثمانينات وقد انضم إلى شركة روتانا نائل حشوة بعد عامين من التأسيس شريكا ولي رأس الإدارة المالية للشركة.

فندق سنترو في منطقة دير غبار – عمان

يفتخر حشوة بخيار اسم روتانا قائلا: “روتانا كلمة عربية، تعني نوع من أنواع التمور الموجودة في المدينة المنورة، مشيرا إلى أن الاسم أتى بعد عمل مسابقة الأسماء، وتم اختياره لأنه اسم عربي وكونه سهل اللفظ عند العرب والأجانب”.

عند انضمام حشوة لشركة روتانا عام 1995 لم تكن روتانا تدير إلا ثلاث فنادق، أما الآن فهي تدير 70 فندقا موزعة في مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا وإفريقيا. كما وأن هناك مشاريع فنادق في طور التصميم والإنشاء تتجاوز الـ 40 فندقاً.

تدير شركة روتانا بعمان ثلاث فنادق، منها أرجان روتانا، أرجان علامة تجارية لروتانا تعطى للشقق الفندقية، وروتانا البرج، بالإضافة إلى فندق سنترو في منطقة دير غبار.

سنترو هي علامة تجارية فنادق روتانا ذوات الأربع نجوم، تمتاز بتصميمها الاقتصادي الجميل وأسعارها المعقولة.

استمر حشوة الرئيس المالي في شركة روتانا حتى عام 2012، وحينها قرر أن يستريح من العمل الوظيفي، لكنه بقي شريكا فيها، وعضو مجلس إدارة، بالإضافة لدوره كعضو في اللجنة التنفيذية

” أنا قلت بدي أرتاح شوي، من ناحية الإدارة المالية، فقررت أن نستقر بعمان، بنينا بيت فيها، لكن إقامتي لا تزال سارية في أبو ظبي ولدي عمل هناك”، مشيرا إلى أنه عندما قدم إلى عمان في 2012 كان لديه العديد من المسؤوليات، كعضو مجلس إدارة في عدة شركات في البحرين، أبو ظبي، عمان.

في طريقه كل يوم من وإلى المنزل، كان يرى حشوة أرضا قريبة من منزله، على طريق المطار، فكان يرى في هذه الأرض مشروعا استثماريا جديدا له في عمان، وما لبث إلا أن اشترى الأرض وبنى عليها فندق سنترو الجديد. يمتلك وعائلته 80% من أسهم الشركة المالكة للفندق.

يرى حشوة في مشروعه في الفندق الجديد، الذي افتتح قبل خمسة أشهر فقط، أنه مشروع مميز. يقول إنه لدى العاصمة عمان نحو 20 فندق خمس نجوم وهي “لا تحتاج أكثر من ذلك و لكنها بحاجة إلى فنادق أربع وثلاث نجوم “.  

شركة روتانا كانت نقطة فارقة لمؤسسيسها ومنهم نائل حشوة وقد جاءت تتويجا لخبرته الطويلة في الشركات العالمية، حيث أصبحت روتانا العربية تنافس الشركات العالمية “صار اسمنا كثير مهم في الشرق الأوسط في عالم الفنادق، وأنا أفتخر كوني أول مسؤول مالي للشركة أشرفت على وضع الأنظمة والسياسات المحاسبية والمالية لفنادقها” قال حشوة لـ ملح الأرض .

لم يحصل حشوة على أي أمر على طبق من ذهب، بل واجهته العديد من التحديات أثناء عمله. فعلى سبيل المثال واجه إجراءات بيروقراطية في الحصول على إذن الإشغال لمشروع فندق سنترو روتانا في العاصمة الأردنية عمان. فقال لـ ملح الأرض “كانت المحددات البيرقراطية كابوساً وقد تقدمنا  للجهات المختصة لتسهيل الأمور للمستثمرين وقد تم حل المشاكل التي واجهتنا.”

قام بتصميم فندق سنترو روتانا في مجال الديكور الداخلي فنادق سنترو وهي شركة إسكندنافية، أما التصميم التفصيلي فتقوم به شركة محلية التي تتابع مع الأمانة والدفاع المدني للحصول على التراخيص اللازمة كما وتقوم بأعمال الإشراف.

يؤكد حشوة أن الأردن بلد استثماري وسياحي، ومن يريد الاستثمار في السياحة وتحديدا قطاع الفنادق يجب أن يستشير أهل الخبرة، ليستفيد من خبراتهم ومعرفة ما هو المطلوب، مشيرا أن شركة روتانا تساعد المستثمرين الجدد في أول ثلاث سنوات من بدء المشروع   بعد إجراء دراسة الجدوى من جهة مستقلة، من خلال عمل الفكرة الرئيسية للمشروع.

ينصح  حشوة أي مستثمر باختيار مهندس معماري ومهندس الديكور الداخلي من أصحاب الخبرة في عالم الفنادق. ويفيد أن شركة  روتانا تقدم الفكرة الرئيسية للمعماري، وتفاصيل ومساحات المرافق المختلفة في الفندق المنوي إنشاؤه.

يشير حشوة لـ ملح الأرض إلى أن روتانا حاليا أوقفت قبول مشاريع إقامة الفنادق بعمان، يقول “لدينا نحو 20% من سوق عمان الفندقي ولسنا بحاجة لأكثر من ذلك، في نفس الوقت نسعى لإدارة فنادق في البحر الميت، والعقبة والبتراء”.

أما ما يخطط له حاليا، هو البدء بتسليم مهام العمل لأولاده وبالذات رامز ليشغلوا المشاريع القائمة حاليا، أو مستقبلا إذ أن مساهماته في المشاريع الفندقية امتدت لتصل إلى مونتريال وبراتيسلافا في سلوفاكيا.

 ولكن رغم كل ما وصل إليه يبقى نائل متمسكا في مسقط رأسه “تعنينا القدس الكثير. تربينا هناك وهي مسقط رأسي، لدي مشاعر خاصة كل مرة أضع رجلي أرض القدس وفلسطين.” 

رجل الاعمال نائل حشوة يتحدث لمراسلة ملح الأرض