حينما نتبنى النسوية ونغفل عن حقوق الإنسان.. السيرة الملهمة لـ “ليلى نفاع“

ليلى نفاع لـ ملح الارض: التعديلات الدستورية الأخيرة “شكلية” ولا تخدم مصلحة النساء مطلقا، وإضافة كلمة الأردنيات “لعبة”
الرابط المختصر

المساواة أم العدالة؟ هاتان كلمتان تثيران جدلا دائما على مواقع التواصل الاجتماعي، عند خروج النسويات في كل مرة للمطالبة بحقوقهن. فالنسويات يردن المساواة بين الرجل والمرأة في مناحي الحياة كافة.

 في الجهة الأخرى يتحفظ المجتمع الأردني على مطالب النسويات. فمن وجهة نظره، فإن العدالة هي الأنسب للتركيبة الاجتماعية في الأردن.

 فما هي الحقوق التي يردنها؟ وبماذا تطالب النسويات، وما الفرق بين النسوية الراديكالية، والتحررية؟ هذه مجموعة من الأسئلة طرحناها على ليلى نفاع مديرة جمعية النساء العربيات، للتعرف بأهداف الجمعية، والتعرف بليلى الناشطة النسوية، وطفولتها وحياتها.

ليلى نفاع وحياتها الشخصية

 ليلى نفاع سيدة أردنية، من مواليد عمان، 1944. وقد أنهت دراسة الأدب الإنجليزي من الجامعة الأردنية عام 1968. وفُتحت الأبواب لها  للعمل بعد تخرجها من الجامعة، في وكالة الغوث ( الأنروا) كمعلمة لتدريب معلمين ومعلمات، ” للآن وين ما بروح في الأردن، أجد طلابي وطالباتي”.

أما عن جو أسرتها الذي نشأت به، فكان له دور في دعمها لوصولها لما هي عليه اليوم كرئيسة تنفيذية لجمعية النساء العربيات: “شوفي أبوي كان متنور وكان يبعت البنات والشباب على المدارس بهدف التعليم، وما عنده قضية أخرى إلا إنه يعلم البنات، وبتعرفي هذه المنحة وهذا التنوير موجود عند كل الأمهات والأباء في الأردن، هذا النمط من التفكير هو إللي ساعدنا احنا الأردنيين على تجاوز المحن والصعوبات”.

كيف تحب أن تعرف بنفسها، تقول نفاع “بحب أعرف عن حالي كناشطة اجتماعية وسياسية، كوني عضوًا في حزب، وناشطة اجتماعية لأني متخصصة في قضايا حقوق النساء. وهذا بسعدني، لأني أنا بساهم في رفع كفاءة العاملين والمتطوعين في رفع حقوق النساء.”

تطوعت نفاع في جمعية النساء العربيات منذ صغرها، ثم بدأت العمل في الجمعية بعد التقاعد، لافتة النظر إلى أن التطوع جاء لمناصرة كل الحقوق الواجب على النساء الحصول عليها. وبحسبها، فإنه توجد قضية ظلم عند أحد.

تأسست جمعية النساء العربيات عام 1970 من قبل مجموعة من النسويات وفي مقدمتهم إميلي نفاع التي التزمت بالخط التقدمي تجاه قضايا النساء منذ خمسينيات القرن الماضي بهدف تحسين وضع النساء العملي وتحقيق التغيير نحو العدالة الاجتماعية الشاملة. 

ليلى نفاع

النسوية والليبرالية

أما عن الظلم الحالي ضد النساء تلفت النظر إلى نفاع أن القانون يميز ضدهن موضحة، أن تغييره يحتاج إلى نساء مبادرات، وجهد مشترك بينهن، ولتعاون بين الجمعيات النسائية لرفع الظلم.

تشير نفاع في حديثها عن المساواة بين الرجال والنساء إلى أن الفتيات متقدمات في مجال التعليم، لكن في الوقت نفسه، يحتجن إلى دعم وتقدير ظروفهن، وتحديدًا في العمل، مؤكدة أن القطاع الخاص لا يريد مساعدة النساء إطلاقا، فيقلل من توظيف النساء لتجنب إعطائهن إجازة أمومة، إضافة لتشغيلهن بأقل من الحد الأدنى للأجور، لافتة النظر إلى أن الشباب يتساهلون لأن عدد إجازاتهم أقل، ويمكنهم تحمّل ساعات عمل إضافية لمساندة أسرهم”.

وسألناها عن الفرق بين مصطلحي النسوية الراديكالية، والنسوية التحررية وارتباطها بالليبرالية، لتجيب “إن مصطلح النسوية لم يظهر إلا في بداية التسعينات. أما عن الفكر النسوي الراديكالي، فهي تقول: “كان يعني مواجهة  الرجال، لأنهم في طريقنا، ولغياب النساء في الحكم في ذلك الوقت.

وتشير نفاع إلى أنه بعد الثورة الفرنسية، بدأت نظرة مواتية لحقوق النساء، ليصبح البيان الصادر بعدها هو المرجعية للحركات النسوية. وتقول “اليوم ليس عدونا الرجل، لكن عدونا النظام القائم على المحافظين والرجعيين الذين يريدون أن يعيدونا إلى الخلف”.

وتنفي نفاع ارتباط النسوية بالليبرالية الحديثة، حيث تقول إنها تعطي للنساء حرية لكن ليس داخل السوق، أو العمل مثل المساواة في الأجور، موضحة أن الليبرالية ترى ما يُربح الشركة فقط من دون أي اعتبار لما يربحه الوطن.

وهي توضحُ أن النسوية تتبنى الفكر الليبرالي القديم بفكره المتحرر المتزن، مؤكدة أن دور الفكر النسوي هنا يتمثل في مساعدة الأفراد على التطور التدريجي، ليكون وجود المرأة على قدم المساواة بشكل أساسي في الحقوق، ثم في باقي مناحي الحياة.

رغم أهمية هذه المفاهيم المرتبطة بالنسوية وأهمية الحقوق الفردية، إلا أن نفاع ترى من الأهمية بمكان أن تطالب الأجيال القادمة بالحقوق الجماعية. وتقول، “بدنا تكون المطالبات بالحقوق الجماعية، لأنه أسهل عليك أن تكوني في مجتمع في حرية للجميع، من أن تنتزعي حرية شخصية غير مبينة على أُسس. ومن المهم أيضًا ضرورة تركيز الفتيات من الأجيال القادمة على الحرية الشخصية المرتكزة في الفرد.”

التعديلات الدستورية الأخيرة

وفي ما يتعلق بالتعديلات الدستورية الأخيرة بإضافة كلمة “الأردنيات” إلى جانب كلمة “الأردنيين” في الدستور، تبين نفاع أن هذه التعديلات كانت شكلية ولا تخدم مصلحة النساء مطلقا، موضحة أن هذه التعديلات كانت “لعبة” منه، حسب وجهة نظرها، للابتعاد عن تنفيذ مطالب الجمعيات النسوية بتعديل المادة السادسة من الدستور من خلال عدم التمييز على أساس الجنس.

وتقول إنه بعد تقديم مطالبهم للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية “لو أن صياغة المادة السادسة جاءت حسب مطالبنا، لكانت النساء قادرة على إعطاء الجنسية لأولادهن، لأنه ممنوع التمييز حسب الجنس. لكنهم كيف لعبوا على المطالب. وأنا أستخدم كلمة “لعبوا” لأني استكثرت ما عملوا فينا. فقد وضعوا الأردنيين والأردنيات، حتى عندما أذهب إلى قاضٍ في المحكمة، سيحدثني وفق القانون. وليس ما عندي شيء لأعطيك إياه. أما بالنسبة العنوان، فاذهبي إلى من كتبه.”

تشير المادة السادسة من الدستور رقم (1) ” الأردنيون أمام القانون سواء، ولا تمييز بينهم فـي الحقوق والواجبات وإن اختلفوا فـي العرق أو اللغة أو الدين.”

وتحدثنا أكثر عن التمييز في مطالب الجمعيات النسوية بزيادة نسبة الكوتا النسائية إلى 50% مع نهاية 2030، لتقول، “ليست المناصفة مع الرجال في مجلس النواب تمييزا، وإنما تصليح لموقف تاريخي، مناقض ومضطهد لحقوقهن على مدى عقود”.

وسيبقى السؤال عالقًا: هل سينتهي الجدل المجتمعي حول المساواة والعدالة، عند تحقيق مطالب النساء؟ أم ستحقق لهن المساواة العدالة التكافؤ والإنصاف في جميع مناحي الحياة؟

ليلى نفاع مع مراسلة ملح الأرض سلام فريحات

*ملح الأرض