المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة في الديانية المسيحية.. مطلب أم حق؟
عادت الاصوات المطالبة بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة في الديانية المسيحية من منطلق أن بعض من المواطنات المسيحيات في الاردن تعانين من حرمانهن من المساواة في الميراث ويعزين ذلك للكثير من الأسباب منها: عدم اتفاق الكنائس على قانون موحد لتقسيم الإرث، ورفض بعضها لفكرة المساواة في الإرث ، العقلية الذكورية المحافظة، ووقوف الحكومة على الحياد، الأمر الذي يشعرهن بالظلم في كثير من الأحيان.
الأرشمندريت الأب الدكتور بسام شحاتيت صاحب كتاب “المسيحيون والمواطنة في البلاد العربية بين الحقوق والواجبات, الأردن انموذجا” والذي يتناول في كتابه الأحوال الشخصية إلى جانب حقوق المسيحيين وواجباتهم المدنية والكنسية يؤكد لـ ملح الأرض على وجود أثر إجتماعي ونفسي سلبي لعدم المساواه في توزيع الإرث: “السبب في ذلك شعور المرأه بالظلم لأنة يتم حرمانها من الميراث بالمخاجلة وهي غير موافقة على ذلك ولكن اليوم أصبحت المراة أكثر وعيًا في عدم تنازلها عن حقها في الميراث” .
الأرشمندريت الأب الدكتور بسام شحاتيت
استعرض شحاتيت لـ ملح الأرض ما ورد في كتابه حول تقسيم الإرث: “جاء في الكتاب مسودة قانون الإرث المسيحي وهو موضوع قديم إلا أننا لم نكن نتحدث به أمام الصحافة وبعد انتشار الفكرة وازدياد الوعي نتحدث به اليوم، كنت عضوًا في لجنة تم تشكيلها منذ ثماني سنوات وكان يتم عقد اجتماعات دورية دامت خمسة سنوات قمنا من خلالها بإصدار مسودة تم رفعها لرؤساء الكنائس وقمت بنشرها لاحقًا في كتابي”.
ويضيف شحاتيت: “عُرضت هذه المسودة على مجلس رؤساء الكنائس وتم تسليمها لجميع المطارنة وتم التوقيع عليها بالموافقة من قبل سيادة المطران جوزيف جبارة، مطران الروم الملكيين الكاثوليك وقام مجلس رؤساء الكنائس بتشكيل لجنة للتعديل على هذه المسودة وننتظر أن تعطي بعض الكنائس ملاحظاتها النهائية بالمسودة ليتم اعتمادها رفعها إلى مجلس النواب ورئاسة الوزراء للمصادقة عليها”.
ومضى قائلًا: “يوجد إعتراضات على قانون الإرث الحالي، والدليل ان جميع الكنائس اشتركت بوضع المسودة وكذلك الرعية حيث تطالب معظم العائلات المسيحية التي لديها إناث بالمساواة مع الرجل بالإرث وأن لا يكون هناك شريك من خارج العائلة لها في حال عدم وجود الذكر، لانه في قانون الشريعة الإسلامية يتم توزيع جزء من التركه على الأعمام والأخوال في العائلات التي ليس فيها ذكر، وفي بعض الأحيان لا يتم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في توزيع الإرث حيث يتم إعطاء المرأة مبلغ بسيط لإرضائها للتنازل عن حصتها وذلك حسب العادات والتقاليد، اما الآن فلا يتم عمل حصر إرث مباشرةً بعد الوفاه لأنة يتم في بعض الأحيان التنازل عن التركة بسبب الصدمة” .
واستطرد حديثه لـ ملح الأرض : “أصبح هناك وعي في هذا الموضوع وتقوم بعض السيدات بكتابة ورقة تبدي بها عدم رغبتها بالتنازل عن حصتها بالتركه وتفضل اخذ حصتها من خلال المحاكم، ونحن بدورنا قمنا بعمل ندوة قبل أربعة سنوات لتوعية الرعية وقدمنا توصيات بأن يتم عمل توعية على مسودة المشروع ليصبح هناك قبول عند العائلات المسيحية لهذا القانون”.
اقرأ أيضا: مسيحيون يطالبون بقانون ميراث خاص بديانتهم وفصلهم عن الشريعة الإسلامية
هل لاقت المسودة القبول أم الرفض ولماذا؟
يقول شحاتيت لـ ملح الأرض إن هناك معارضين لهذه المسودة من الشريحة المسيحية لعدم رغبتهم بتوزيع المال لعشيرة أخرى، ولن يتم نشر عمل اللجنة في وسائل الإعلام قبل توعية الناس لهذه المسودة لكي لا يتم تعطيل هذا القانون المقترح مع العلم أنه تم تعطيلة من أحد النواب المسيحيين السابقين. ومن جانب آخر يلفت شحاتيت إلى وجود أرضية إيجابية من قبل المسوؤليين وخاصة بعد إصدار المسودة من قبل اللجنة والتي يمكن التعديل عليها أيضاً بعد تفعيلها.
هل يوجد قانون خاص يحكم توزيع الارث لدى الطوائف المسيحية؟
يجيب شحاتيت: “تطبق حالياً أحكام الشريعة الإسلامية في ما يخص حصر الإرث وذلك حسب قوانين الأحوال الشخصية الأردنية حيث أن جميع المحاكم الكنسية مجبرة على إعتماد هذا القانون ولكن قد تتفق بعض العائلات فيما بينها بحيث يتم توزيع الإرث بالتساوي”.
ومن جانبه يقول المحامي يعقوب الفار لـ ملح الأرض: “لا يوجد نص في تقسيم الميراث في قانون الطوائف المسيحية لأن مجلس الطوائف المسيحية ينظم علاقة الطوائف مع الدولة وأن الدستور أعطى الحق بتطبيق القوانين الخاصة بها، إلا أنهم لم يتفقوا على رأي واحد حتى هذا التاريخ، والمطلوب لسريان القانون بالدرجة الأولى هو أن تجتمع جميع الطوائف على قانون موحد للتركات للأفراد المسيحيين وهذا لم يحصل إلى الآن”.
المحامي يعقوب الفار
وحول التعديلات الجوهرية المقترحة على هذا القانون يوضح الفار لـ ملح الأرض “تحتوي التعديلات على ثلاث مسائل أساسية، أولا المساواه في توزيع التركة بين الذكر والأنثى وثانياً ان تكون الحصص متساوية بين جميع الورثه (الأب والأم والأولاد والبنات) وتوزع التركه لهم بالتساوي بالأسهم وثالثاً توزع التركه للأبناء سواء ذكور أم إناث ولا حاجة لأن يكون هناك إبن ذكر إذا لم يكن للمتوفى أبناء ذكور وهذه النقاط الثلاث أهم التعديلات الجوهرية على هذا القانون “.
ما الذي يمنع من تطبيق التقسيم العادل في الميراث ؟
يشير الفار لـ ملح الأرض: ” المادة 1086 من القانون المدني ينص على توزيع الإرث حسب ما تنص عليه أحكام الشريعة الإسلامية على جميع الأردنيين سواء مسلمين أو مسيحيين حيث أن الطوائف المسيحية يخضعون لأحكام الشريعة الإسلامية في ما يخص توزيع التركات وهذا أمر قديم منذ الإحتلال العثماني ولم يحدث أي تعديل علية حتى الآن وتخضع جميع الطوائف المسيحية لهذا القانون”
ويعتقد الفار أن تطبيق مبدأ المساواة بالتركات للمسيحية يواجه عقبات تعود إلى أن بعض العشائر الأردنية تتمسك بتطبيق قانون التركات الإسلامي على الطوائف المسيحية ولا يريدون المساواه بتوزيع الإرث بين الذكر والأنثى وهم يشكلوا وسيلة ضغط على الدولة بعدم الموافقه على القانون المسيحي فيما يخص توزيع الإرث.
الكاتبة الصحفية رولا السماعين
ومن جانبها الكاتبة الصحفية رولا السماعين تجيب من خلال حديثها لـ ملح الأرض: ” الاخوة المسلمون يطبقون الشرع الذي هو عادل بالنسبة لهم وينصفهم، وهم ملتزمون به ومن خلاله تُعطى الانثى حقها الشرعي، أما بالنسبة للمسيحين وتطبيق الشريعة الاسلامية في الميراث، فيتم الالتفاف عليه من بعض العائلات بحرمان الانثى من حقها بالكامل أحياناً كونهم يعتبرون أن الشريعة الاسلامية لا تخصهم، وغالباً يتم الضغط على الانثى للتنازل عن حصصها من خلال تخارج وبيوع صورية غير واقعية” .
ورأت السماعين تطبيق هذا القانون على المرأة المسيحية في ظل هذه الظروف التي تمر بها والضغوطات التي تتعرض لها بعض النساء للتنازل عن حصصهم ووصفته بأنه “غير منصف”.
وتعتقد السماعين بأن تطبيق القانون كما هو على العائلة المسيحية يخلق تفسخ اسري في كثير من الاحيان، ويعطي شعور بالظلم والقهر عند البعض.
والجدير بالذكر أن مجموعة من الناشطات المسيحيات اطلقن صفحة على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك” باسم حقوق الميراث للمرأة المسيحية ضمن مبادرة مساواة لحقوق المسيحيين وهي الاولى من نوعها في الاردن، تحاول من خلالها نشر ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة كأساس للعدالة الاجتماعية وبناء مجتمع متحضر ومنفتح، وتتناول بجرأة تقسيم الميراث المسيء للمرأة.