24 ساعة ارتياح شعبي

24 ساعة ارتياح شعبي
الرابط المختصر

لم يصمد الارتياح الشعبي على تكليف الدكتور عبدالله النسور رئيسا للوزراء أكثر من 24 ساعة، حتى خفت البريق سريعا بعد أن أجرى "تعديلا طفيفا على حكومة الدكتور فايز الطراونة جاء النسور رئيسا لها".

فلم يكن أحد يصدق أن يتم تركيب حكومة يقودها سياسي بحنكة وخبرة النسور على حكومة الطراونة، ولا يضع لمساته عليها سوى أربعة وزراء جدد، وأعاد 16 وزيرا من الحكومة السابقة، و أبقى أكثرهم في مناصبهم الوزارية، وأضاف لبعضهم حقائب جديدة.

إذن السؤال الذي لا نجد إجابة عليه، لماذا حجب الدكتور النسور الثقة عن الحكومة السابقة؟ وإذا تبرع أحدهم بأي جواب، فإن الاستنتاج الطبيعي أن نقول : إنّ قرار النسور بالحجب لم يكن مرتبطا بالأشخاص، وإنما بالسياسات وخطط الحكومة، وعلى هذا الأساس حافظ 16 وزيرا على حقائبهم الوزارية مع تغييرات طفيفة، تعوّد عليها الشعب الأردني منذ عشرات السنين، بحيث ينتقل الوزير مثلا من وزارة الزراعة ليستلم حقيبة الثقافة، أو من الداخلية إلى العدل وهلمّ جرا.

جاء التشكيل الحكومي رشيقا كما قلنا أمس في "العرب اليوم"، لكن الرشاقة مرتبطة فقط بالعدد حتى لا يسرح خيال بعضهم إلى الرشاقة السياسية، فيكفينا 20 وزيرا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الخزينة، ولسنا بحاجة إلى وزراء لا يعملون، تحت مسميات وزراء دولة، وظيفتهم الرئيسية توقيع الإعفاءات الصحية وغيرها من الوظائف الإدارية.

الرشاقة لا تعني الدمج من أجل الدمج، ولهذا ما علاقة وزير البلديات بحقيبة وزارة المياه حتى يتم دمجهما سويا، وما علاقة وزارة الصناعة والتجارة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والرشاقة السياسية لا تعني فقط اقتناص وزراء محسوبين على اليسار مثلا، ولا تعني بالضرورة الاعتماد على العناصر الخشنة والاستغناء عن سيدات البلاد، وعدم تلطيف الحكومة بالعنصر النسائي.

إذن ليس المهم الأشخاص وإنما السياسات، وعلى هذا سوف نراقب أداء الدكتور النسور، الذي تحفز المجتمع الأردني لمحاسبته مبكرا، بعد أن توسع في الفترة الماضية للاقتراب من طروحات المعارضة، وحجب الثقة عن الحكومات الأربع الأخيرة، وكان أداؤه للتاريخ، حسب تقويمات سياسيين كثر وزملاء له في البرلمان، أداءا متميزا، وذا بصمات واضحة في معظم القوانين والمواقف البرلمانية خلال عمر مجلس النواب السادس عشر.

تكليف النسور لم يفاجئ المعارضة فقط، بل فاجأ رجالات الموالاة، وبالذات زملاءه في مجلس النواب، الذين أجهدوا كثيرا ودفعوا من شعبيتهم في الفترة الماضية في الدفاع عن توجهات الدولة وقوانين الحكومة، على عكس النسور الذي وقف ضد أكثرية القوانين، حتى وصل الأمر بأحد النواب البارزين في الموالاة إلى القول الآن فهمنا "لعبة الدولة" وكيف يستطيع المرء الوصول إلى أعلى مراتبها، ليس بالموالاة بل بالمعارضة.

لن يترك المراقبون والناشطون والسياسيون مساحة واسعة لحكومة النسور قبل البدء في محاسبتها، ولن يمنحوها فرصا كثيرة، وهي تحت الرقابة الشعبية والإعلامية منذ أن غادر الفريق الوزاري الديوان الملكي بعد أداء اليمين، لكن مع كل هذا نحتاج إلى خبرة النسور ودهاءه السياسي لمغادرة المربع الذي نقف فيه الآن، وهو مربع على كل حال غير مريح أبداً سياسيا واقتصاديا ووطنيا.

العرب اليوم

أضف تعليقك