"111"، جرح يشفى

"111"، جرح يشفى
الرابط المختصر

نتفق جميعا على أن حصول الحكومة السابقة على رقم 111 في جلسة الثقة كان خطأ ألحق الضرر بالحكومة والنواب وعلاقة الناس بالمجلس. ونفهم جميعا حق المجلس في أن يسعى لرد الاعتبار أمام الناس، وترميم ما لحق بصورته من أذى. لكن هذا يصنعه أداء سياسي وتنموي متكامل، وتتوجه صورة تراكمية يمكن للمجلس الكريم أن يرسمها، وبخاصة أن الظروف العامة تعطي دورا أكبر للمجلس على صعيد الأداء الوطني والعام.

الحكومة الجديدة ستتقدم غدا للمجلس بطلب الثقة، وهي ممارسة دستورية وجزء من الدور الرقابي المسبق للمجلس على أي حكومة، ومن حق المجلس أن يتخذ الموقف الذي ينسجم مع قناعاته بأي حكومة من حيث التركيب أو البرنامج. لكن جلسة الثقة هذه المرة لها طابع خاص، لأن الجميع يتوقعون أن تكون فرصة أمام النواب الكرام لإرسال رسالة كردة فعل على ما حدث في جلسة الثقة للحكومة السابقة. لكن المنطق السياسي والدور الوطني للمجلس لا يُفترض أن يكون مرتبطا فقط بعامل واحد هو ما جرى مع الحكومة السابقة.

الموقف النيابي من الثقة تحدده عوامل عديدة منها:

* أن موقف كل نائب هو حق له، وهو جزء من سلطته الرقابية التي منحها له الدستور. وبالتالي، فهو صاحب الولاية على موقفه الفردي أو موقف الكتل الحزبية أو البرامجية.

* أن الحالة السياسية التي يعيشها الأردن، وكل التداعيات الطارئة التي فرضت نفسها على الدولة خلال الشهرين الأخيرين، والتي فرضت تغيير الحكومة والعديد من تسارع الخطوات الإصلاحية، كل هذا سيكون حاضرا لدى النواب. فالقضية اليوم ليست علاقة بين المجلس والحكومة، بل هنالك محيط أوسع وآثار في اتجاهات مختلفة.

* إذا كان الجميع يرون فيما حصل مع الحكومة السابقة عملية سياسية خاطئة ألحقت الضرر بالمجلس والحكومة على حد سواء، فإن إدارة عملية الثقة للحكومة الجديدة تحت وطأة رد الفعل على ما جرى سابقا خطأ سياسي أيضا، لأن الكرم السياسي السابق لا يعالج بقحط أو عدم إعطاء الحكومة اللاحقة حقها. ولهذا، فإن الحل هو في ممارسة القناعات بغض النظر عما كان؛ فلا ضغوط ولا وعود ولا علاقات شخصية، وأيضا عدم تحويل حكاية 111 صوتا إلى سجن يضع السادة النواب أنفسهم فيه.

المجلس بما لديه من شخصيات خبيرة وبعض الكتل السياسية، إضافة إلى ما اكتسبه من خبرة في العلاقة مع حكومتين حتى الآن، قادر على بناء موقف قائم على عاملين: أولهما، القناعة الشخصية القائمة على المعلومة والمنطق وهي التعبير عن ولاية النائب على موقفه، والعامل الثاني تقدير السادة النواب للظرف السياسي والوطني العام.

شفاء جرح الـ111 صوتا لا يكون برد فعل، بل بموقف قائم على ما سبق من عوامل، فما جرى في السابق ليس قيدا دائما، بل جرح يشفى بأداء متزن ومنطقي.. وهذا ما نتوقعه.

الغد

أضف تعليقك