وطن ليس لنا !!

وطن ليس لنا !!
الرابط المختصر

عن اي كرامة نتكلم هنا امام مشاهد الطوابير المهينة في كل مكان،للحصول على دعم المحروقات،والطوابير تراها في دوائر وزارة الصناعة والتجارة،وفي ضريبة الدخل،بعد استثناء فئات جديدة من الحاصلين على الدعم هذه المرة؟!.

مشاهد مؤلمة بحق،وكأن المقصود تنفير الناس،والهروب من هذه المذلة من اجل الحصول على دعم المحروقات،واذا كانت تجربة دعم المحروقات تخضع لهذا التقلب والفشل،فما بالنا بأي دعم مقترح للخبز،وهي قصة مقبلة على الطريق آجلا أم عاجلا؟!.

كل من لديه سجل تجاري تم منع الدعم عنه،هذا على الرغم من ان السجل قد لا يكون ُمفعّلا،وعلى الرغم من ان وجود السجل لا يعني دخلا مرتفعا،فقد يكون صاحب السجل يدير محلا تجاريا لا يأتي بقيمة ايجاره.

طلبات شطب السجلات التجارية بعشرات الالاف،ومع هذا الاف الواقفين عند ضريبة الدخل لذات الاهداف والغايات النبيلة.

هذا يثبت ان الدولة لا معيار عندها،لان هذه المعايير يراد منها فقط تنفير الناس،وخفض مستوى الدعم،بأي ذريعة وحجة،و احدهم تم منع الدعم عنه،الا اذا شطب ملكية سيارة قديمة غير مرخصة،واذ حاول حل المشكلة طلبوا منه دفع الغرامات والترخيص.

لم يتركوا طلبا الا وطلبوه،ومجموع المبالغ تجاوز الالف دينار،فلقي نصيحة من مواطن على شاكلته،ان يغادر ولا يدفع قرشا!.

حياة الناس باتت صعبة،والشكوى في كل مكان،وكأننا في جهاد،جهاد نفس وجهاد بغير نفس،والمشكلة ان المستقبل اصعب،فالمديونية تزداد،ومن المتوقع ان ترتفع من تسعة عشر مليار دينار مطلع هذا العام الى اثنين وعشرين مليار دينار نهاية العام،والكارثة انها كانت حتى مطلع عام الفين واحد عشر،احد عشرمليار دينار ونصف،وهذا يعني انها قفزت الضعف خلال ثلاثة اعوام.

لم تتركوا بيتا مستقرا في حاله،سياسات البلد جعلت مؤجري البيوت،يطردون الاردني ويؤجرون غيره برقم اعلى،وصاحب العقار التجاري طرد المستأجر وطلب رقما جنونيا،والذي ُيشغل اردنيا طرده ليشغل عربيا بنصف راتبه.

لا الحكومات رحمت الناس،ولا الناس ايضا تمكنوا من الصمود،فأنشبوا اظفارهم في لحم بعضهم البعض،وهكذا نصبح سواسية.

دون ان نعكر مزاجكم في هذا اليوم،فالمقبل اصعب بكثير،وكل يومين نتلقف قرارات اسوأ،لان الهدف جمع المال والضرائب بأي طريقة،وبين ايدينا مسودة رسوم جوازات السفر التي سترفع رسوم الجواز الى ثلاثين دينارا،والقرارات الاخرى المقترحة لا تعد ولا تحصى،فتصير حياة الناس مستحيلة جدا،فوق الفقر والبطالة،وسنترحم على هذه الايام بعد قليل.

هذا تهديد لمستويات الحياة وللبنى الاجتماعية وللاستقرار،والذي يسأل الناس عن مشاعرهم يسمع الكثير من السلبية،فماذا يتم منح المواطن مقابل كل هذه الضرائب،وقبل ايام تتكلم مسؤولة دولية فتقول ان الاردني الاكثر دلالا في العالم العربي من حيث الاعفاءات الضريبية،وهي هنا تحث الحكومة على مزيد من الضرائب؟!.

اي ملاذ للاردني اليوم،وقد تم خنقه بكل الوسائل في رزقه وبيته وحياته ومصروفه وفواتيره ورسوم ابنائه،اي ملاذ هنا،وهل يحتمل شعب اعتاد تاريخيا ان لا يكسر احد شخصيته او شوكته وهيبته،وبقي اجتماعيا معتد النفس ذا كرامة مقارنة بكثيرين.

يريدون للكاتب الصحافي ان يكون ُمبشراً بالخير،وان يثير التفاؤل في حالات.حسنا.هذا مطلب مشروع،لكنه لايختلف في حالات عن توزيع الكوكائين مجانا على الجمهور لاثارة النشوة والفرح المؤقتين،وهذه مهمة تأباها النفس السوية،تلك النفس التي تعرف ان هناك جوعى ومحرومين في البوادي والقرى والمدن والمخيمات ...تزييف هذا يريد تصوير جوعهم باعتباره صياما ونافلة من النوافل.

الحمد لله فقد نجحوا في تحويلنا الى شعب من حملة البطاقات المتعددة،بطاقات وكالة الغوث،وبطاقات المعونة الوطنية،وهكذا تتجلى الوحدة الوطنية بأبهى صورها،عبر البطاقة والطابور،ويصح ان ننادي بعد اليوم بلقب الشعب الاردني من شتى البطاقات والطوابير بدلا من شتى المنابت والاصول.

يكاد الواحد ان يقول:هذا وطن ليس لنا،فقد بات وطنا للاغنياء فقط.

الدستور