وزراء بلا هوية

وزراء بلا هوية
الرابط المختصر

من اكثر الاشكاليات التي اثارت جدلا في المجتمع هو الحديث المستمر عن وزراء جدد دخلوا الخدمة العامة بمنظور البزنس والحسابات الخاصة, وقد وصفتهم بعض الاوساط بالمسؤولين المستشرقين.

المقصود هنا ليس المساس بشخص هؤلاء المسؤولين والوزراء, انما الحديث عن دورهم في تنمية مفهوم الخدمة العامة وتكريس اعتباراتها في المجتمع, فهؤلاء بمفاهيمهم المرتبطة اساسا بالـ "البزنس" يتعاملون مع الخدمة العامة كما لو انهم في شركاتهم متجاهلون قواعد وانظمة الدولة التي تكونت منذ عقود طويلة.

هذا السلوك انعكس سلبا على الحياة العامة, فنجد ان هؤلاء المسؤولين قليلو الاهتمام بالشأن العام لدرجة انهم لا يتحدثون الا في اختصاص عملهم فقط, ولا يدري ما يدور حوله ولا يعطي موقفا تجاه قضايا رئيسية, حتى مجلس الوزراء صاحب الولاية العامة تجد ان من يقود الحديث والنقاش هم وزراء محددون فقط من اصحاب الخبرات الطويلة في العمل الرسمي بمختلف انواعه, بينما يغيب الوزراء الجدد عن المشاركة في النقاش ولا يسمع لهم اي موقف او رأي.

ليس صحيحا ان كل شخص مؤهل لان يصبح وزيرا او مسؤولا, فهناك اختصاصات يجب الحفاظ عليها, فالمستشار لدينا الخبير في قضية ما ويكون ناجحا فيها سرعان ما يتم التخلص منه بتعيينه وزيرا, او ان الامين العام الفني ذا الخبرة الادارية والبيروقراطية في وزارته يكون الشغل الشاغل للوزير الجديد هو التخلص منه بتعيينه في منصب جديد وان كانت له بعد ذلك روابط قوية يضم الى اول تعديل او تغيير وزاري لتعاني الوزارة او المؤسسة بعد ذلك من غياب الخبرات والمستشارين والكفاءات, فيكون لدينا وزير جديد مقابل امين عام جديد وهكذا الامر على باقي المؤسسات والهيئات الرسمية.

الخدمة العامة في جهاز اجهزة الدولة شكلت نقلة نوعية لمسيرة المسؤول الاردني الذي انتقل للعمل في دول الجوار وكانت سيرته عطرة بفضل الخبرات التي منحها للعاملين هناك في مختلف القطاعات والمجالات, اليوم نعاني معاناة حقيقية في تصدير الخبرات الرسمية التي كانت تشكل لنا ميزة تنافسية في العقود الماضية, حيث استبدلنا الكفاءات الادارية الوطنية باستشارات اجنبية لشركات معينة استنزفت كافة موارد الدولة والاكثر مرارة انها لم تساهم في الاصلاح المنشود.

من المفضل ان يكون هناك مراجعة في مسألة اعادة توطين الكفاءات الوطنية الى الجهاز الرسمي والعمل على تنمية جيل جديد من القادة وفق منظومة وطنية تعرف خصوصية المجتمع الاردني وتكون مسلحة بالعلم والكفاءة والخبرة التي لم نعد نراها في مجتمعنا, ورغم ان الوقت بات متأخرا في مسألة الاصلاح الاداري الا ان المسألة ليست مستحيلة, كل ما في الامر هو ان يكون هناك ارادة في الاصلاح.

العرب اليوم

أضف تعليقك