وزراء البزنس

وزراء البزنس

من ابرز الشعارات التي رفعها المنتفضون الشباب العرب في تونس وبعدها مصر محاربة ظاهرة الجمع بين الامارة والتجارة وخلقها لما يعرف بوزراء البزنس, والهدف كان اسقاط تجربة رجال الاعمال الناجحة في استثماراتهم على ادارة الدولة, على اعتبار ان ادارة الاوطان مثل ادارة الشركات.

في الاردن كان واضحا هذا الزواج بين طبقة البزنس مع مسؤولي العمل العام, وانخراطهم في انشطة أثارت جدلا واسعا في المجتمع.

تسلل رجال الاعمال لم يكن بالصدفة او نتيجة تشريع, بل كان بصفقات مبطنة مع رجال السياسة الذين سال لعابهم على ثروات رجال الاعمال, فوجدوا في اقامة علاقات معهم مدخلا لتنمية ثرواتهم من جهة, وتنمية ادارات الدولة من خلال ازالة البيروقراطية وجذب الاستثمارات من جهة اخرى, فتلك كانت مدخلا لحلف قوي تم انشاؤه في المجتمع بين تلك النخب ان جاز لنا وصفها.

فعليا وعلى ارض الواقع استلم رجال الاعمال وحلفاؤهم من الساسة زمام ما عرف بعملية الاصلاح والتنمية في المجتمع, ولم يتركوا أية وزارة او مؤسسة الا واخذوا زمام ادارتها, لا بل ان ما استعصى عليهم اخضاعه لمفاهيمهم بسبب عوائق قانونية ودستورية تم انشاء هيئات مستقلة رديفة توازي عمل الوزارات بعيدة عن مراقبة ومساءلة اجهزة الدولة الرقابية, وهذا ما يفسر الكم الكبير من المؤسسات المستقلة اليوم البالغ عددها الآن 62 بعد ان كان عددها لا يتجاوز 32 قبل عام 2003م.

نتائج التحالف بين رجال الاعمال وبعض الساسة أدت الى تسخير وزراء البزنس موارد الدولة لصالح شركاتهم التي كانوا اصلا يديرونها وهم على رأس اعمالهم الرسمية, فحولوا المنح الخارجية التي تمول برامج التنمية الى مكاتبهم الاستشارية, وشاركوا المستثمرين في اعمال من المقرر اقامتها في المملكة, وبعضهم وظف منصبه في اقامة شبكات من العلاقات المهمة مع كبريات الشركات التي تم تذليل العقبات لها في شراء اصول الدولة ضمن برنامج التخاصية ليصار تعيينه بعد ذلك رئيسا تنفيذيا او مستشارا لتلك الشركات, والبعض الآخر وظف مكانته في العمل على تنمية ثروات غير مسبوقة بعد ان جعل اقاربه ينخرطون في اعمال مدعومة من الدولة, بمعنى استخدام الوظيفة الرسمية مظلة لاعماله الخاصة.

المحصلة كانت تراجعا في الاستثمار وتزايدا في المحسوبية وانتشار الفساد وتفتت اجهزة الدولة وتبعثر المساعدات ونموا في الفقر والبطالة.

اليوم ونتيجة التسونامي الشعبي في المنطقة اختفى مفهوم وزراء البزنس, وفي الاردن تحديدا فان غالبيتهم اندثروا مع ساستهم الذين يرتعبون وهم يشاهدون ما يحدث في المنطقة وملاحقة المسؤولين الفاسدين, ويبدو ان رئيس الوزراء المكلف الدكتور معروف البخيت غير معني بالحوار معهم او حتى بالنظر اليهم لانهم يُثيرون الشبهات, وأُجزم ان النظام طلقهم بالثلاث, فلا رجعة لهم بعد ما آلت اليه الامور.

أضف تعليقك