وزارة شؤون المرأة .. وكأنّ شيئاً لم يكن !

وزارة شؤون المرأة .. وكأنّ شيئاً لم يكن !
الرابط المختصر

لم نسمع باسم وزارة شؤون المرأة إلاّ عند تشكيل الحكومة السابقة، برئاسة فايز الطراونة، ولم يسمع الأردنيون بعد ذلك، عن نشاطاتها وإنجازاتها، وحول ما قدمته للمرأة الأردنية من مكاسب، وكنت قد طالبت الوزيرة في مقالة سابقة وكل أصحاب الشأن وعلى رأسهم رئيس الحكومة لتوضيح مهام الوزارة الجديدة، وما هي رؤيتها؟ وما هي رسالتها؟ وأعتقد أنّ هذا الطلب من حق الشعب الأردني ومن حق كلّ دافعي الضرائب للخزينة الأردنية التي يتقاضى منها الوزراء رواتبهم ومكافآتهم وسياراتهم.

الآن بعد رحيل الحكومة، وإن لم ترحل بشخوصها أو بأغلبيتهم الساحقة، ولكن على ما يبدو تمّ الاستغناء عن هذه الوزارة نهائياً شكلاً ومضموناً في تشكيلة الحكومة الجديدة، في حين قد تمّ إسناد وزارتين إلى وزير واحد، ولكن السؤال بقي قائماً، حول حقنا بالاطلاع على كشف بإنجازات الوزارة التي تمّ إلغاؤها، وبحاجة إلى جرد حساب من معالي الوزيرة، فنحن بحاجة إلى الاطلاع على هذه التجربة الجديدة، إذا كان استحداث الوزارة على سبيل التجربة وليس مهما الخسارة المادية لأنّه كما قال المثل العامّي "ياما كسّر الجمل بطيخ".

استحداث هذه الوزارات وإلغاؤها يكمّل صورة المشهد المحلي، الذي يجب أن يكون واضحاً أمام الجمهور الأردني حيث يستعد لتحمّل أعباء العجز في الموازنة الذي يقتضي رفع الدعم بشكل نهائي عن بعض السلع الضرورية، وسوف يؤدي إلى قفزة كبيرة في مجمل الأسعار وفي ارتفاع تكاليف المعيشة لدافعي الضرائب، الذين لا ناقة لهم ولا بعير في تشكيل الحكومات ولا في حلها، ولا في تفصيل وزارات جديدة على مقاس شخصيات صديقة؛ من أجل التنفيع لا أكثر.

هذه الوزارة التي تمّ تفصيلها ثم إلغاؤها مثال صارخ على العبث بالمال العام، وعلى الاستهتار بالمواطن المقهور دافع الضرائب المغيب عن تقرير مصيره، بل إنّه مغيب عن معرفة ما يجرى مجرد المعرفة، حول الإنفاق وكيفيته، فلو تمّ بحسبة بسيطة حساب رواتب الوزيرة وطاقم موظفي الوزارة، ونفقات استحداثها، ورواتبها التقاعدية، وما يترتب على ذلك من نفقات تأمين صحي للعائلة الكريمة ونفقات أخرى منظورة وغير منظورة، ثمّ حاولنا استقصاء أمثلة أخرى كثيرة على هذا المنوال، سوف نقف على حقيقة الهدر غير المحسوب الذي أدّى إلى هذا الحجم الهائل من الدين العام الذي يرهق جيوب المواطنين ويرهق الخزينة، كما أنّ هذا المثال وأمثلة كثيرة بعضها معروف وما خفي أعظم، يعمق الإيمان بضرورة الانتقال بالأردن نحو مرحلة جديدة يصبح الأردنيون فيها قادرين على المشاركة في صنع القرار ووضع السياسات واختيار الحكومات، ومحاسبة الوزارات ووضع حد لسياسات (الاستلطاخ)!!.

عندما نقرأ في تاريخنا أنّ رجلاً من عامّة الناس لم يتمّ ذكر اسمه وقف أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يخطب بالناس، فقال له" لا سمعاً ولا طاعة يا عمر"؛ محتجاً على ثوب عمر الصابغ، وكان عمر طويل القامة ممّا جعله بحاجة إلى زيادة عن المواطن العادي من حجم القماش، وكأنّنا نقرأ في عالم الأساطير، فنحن اليوم حينما نسأل عن استحداث وزارة وإلغائها ربما يعد ذلك من باب التنطع والمبالغة، مع أنّ ثوب عمر الصابغ لم يكن على حساب خزينة الدولة.

المهم في الأمر أنّه يجب احترام كرامة الشعب الأردني واحترام إرادته، وعدم الإصرار على التعامل معه بسياسة الاستغفال والاستخفاف، وينبغي أن يعلم المسؤولون أنّ المواطنين يكتنزون من الوعي والمعرفة والإطّلاع والفهم أكثر ممّا يتوقعون، حتى لو كانوا صامتين وكاظمين للغيظ !!.

العرب اليوم