هل يمكن إعادة إنعاش الحياة السياسية؟!

هل يمكن إعادة إنعاش الحياة السياسية؟!
الرابط المختصر

تبدو الهيئة المستقلة للانتخاب، اليوم، في موقف لا تحسد عليه، وهي تتابع تداعيات قرار إلغاء الدعم عن المحروقات على الأجواء الشعبية والسياسية العامة، وما أثاره هذا القرار من أجواء سلبية على الانتخابات النيابية المقبلة والحماسة لها، فضلا عما تركه "قرار المحروقات" من انعكاسات على مواقف العديد من القوى والأحزاب السياسية التي بادرت، وكرد فعل احتجاجي على القرار، إلى التلويح بمراجعة قراراتها بالمشاركة في الانتخابات.

وباستثناءات قليلة من قبل بعض منظمات المجتمع المدني التي انغمست مبكرا في مراقبة مراحل العملية الانتخابية، وشكلت لها التحالفات المدنية، فإن إجراءات الهيئة المستقلة للانتخاب والتحضيرات المتواصلة لـ"العرس الانتخابي" المرتقب نهاية كانون الثاني (يناير) المقبل، تكاد لا تثير انتباه أو متابعة المواطنين والقوى السياسية.

فالعرس اليوم هو "عرس المحروقات" وتداعياته الشعبية والسياسية، والذي طغى على باقي الأعراس، ما أعاد إلى الواجهة نقاش الخيارات المتعددة تجاه الالتزام بإجراء الانتخابات في الموعد المقرر من عدمه، وإن كان الموقف الرسمي للهيئة والحكومة يؤكد أن الانتخابات النيابية قائمة في موعدها يوم 23 كانون الثاني )يناير( المقبل.

سوء الحظ كان رافق الهيئة المستقلة للانتخاب منذ البدايات؛ فهي تنطحت لإعادة الاعتبار للعملية الانتخابية واسترداد الثقة الشعبية بالانتخابات والمؤسسة البرلمانية، لتدخل في دوامة الخلاف السياسي الوطني حول قانون الانتخاب ذاته، والانقسام بين قوى مقاطعة وأخرى مشاركة، رغم تحفظها على القانون.

مشكلة الهيئة اليوم تبدو أكثر تعقيدا من مشكلتها مع الخلاف السياسي حول قانون الانتخاب؛ فتداعيات "قرار المحروقات" شعبيا مرشحة للامتداد، على الأقل نفسيا، لدى شرائح واسعة من المجتمع، والتي ستجد نفسها غارقة في الإحباطات المعيشية، خاصة مع خوض تجربة الشتاء في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والتدفئة!قد يبدو المشهد المثير لحسد الهيئة المستقلة للانتخاب اليوم هو مشهد التدافع والتزاحم من قبل المواطنين على مراكز ومنافذ تقديم طلبات الدعم النقدي المباشر الذي أقر بديلا عن إلغاء الدعم المباشر للمحروقات، والذي يشمل المستحقين للدعم وفق معايير الحكومة، ممن تقل دخول أسرهم عن 800 دينار شهريا، فيما يبدو الإقبال على الاعتراض على جداول الناخبين أمام المحاكم، بعد أن بدأت فترة الاعتراض هذه أول من أمس، ضعيفا ومحدودا، يعكس حالة الإحباط السياسي السائدة منذ قرار رفع أسعار المحروقات!الخروج من حالة الإحباط والأجواء العامة السلبية تجاه الانتخابات ليس مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب، بل هو مسؤولية ومهمة أكبر من قدراتها؛ هو مسؤولية الدولة والسلطة السياسية، وهي الجهة المطلوب منها اليوم إجراءات طارئة لإنعاش الحياة السياسية، وضخ الدماء في شرايين العملية الانتخابية، وترطيب الأجواء العامة. هي معادلة صعبة، إن لم نقل مستحيلة اليوم، فما الذي يمكن للحكومة أن تفعله؟!

 الغد

أضف تعليقك