هل نودع الصحافة الورقية؟!

هل نودع الصحافة الورقية؟!
الرابط المختصر

ﻳﻌﺘﺼﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﻓﻲ ﺻﺤﯿﻔﺔ "اﻟﻌﺮب اﻟﯿﻮم" ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺴﺎﻋﺔ أﻣﺎم ﺻﺤﯿﻔﺘﮫﻢ اﻟﺘﻲ أﻏﻠﻘﺖ أﺑﻮاﺑﮫﺎ وﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﺼﺪور.

وﻗﺪ ﻣﺮّ ﻗﺮاﺑﺔ أﺳﺒﻮﻋﯿﻦ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻷﻓﻖ أي ﺣﻞ. وأﻗﻮل ﺑﺄﺳﻰ ﺷﺪﻳﺪ إن ﻓﺮص ﻋﻮدة اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﺟﺪا، واﻷﺳﻮأ أن ھﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﻋﺎﻣﻞ ﻓﯿﮫﺎ، ﺑﯿﻦ ﺻﺤﻔﯿﯿﻦ وإدارﻳﯿﻦ وﻓﻨﯿﯿﻦ وﻋﻤﺎل، ﻳﺠﺪون أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻓﺠﺄة ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع، وھﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ رواﺗﺒﮫﻢ ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﮫﺮ، وﺟﻠﮫﻢ ﻟﺪﻳﮫﻢ أﺳﺮ وأﺟﻮر ﺑﯿﻮت، وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺘﺰاﻣﺎت أﻗﺴﺎط ﻗﺮوض. ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ ﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﺨﺒﺰ اﻟﯿﻮﻣﻲ ﻟﺒﯿﻮﺗﮫﻢ.

ﻳﺤﻤّﻞ اﻟﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ. ﻟﻜﻦ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ أودت ﺑﺎﻟﺼﺤﯿﻔﺔ، وﻗﺮارات اﻟﻤﺎﻟﻚ، ﻓﺈﻧﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﯿﺔ، وﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﮫﺬه اﻹدارة أو ﺗﻠﻚ. ﻓﺎﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺴﺮ أﺳﺎﺳﺎ، وﺗﺤﻤّﻞ اﻟﻤﺎﻟﻚ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﻌﺐء ﻟﺴﻨﻮات، ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ اﻟﻌﺐء ﻟﻠﻤﺎﻟﻚ اﻟﺤﺎﻟﻲ اﻟﺬي أﺧﺬ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺠﺮﻳﺪھﺎ ﻣﻦ اﻷﺻﻮل اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻒ ﻟﺘﺴﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺒﻨﻜﯿﺔ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻌﺪ ﺑﻤﺎ ھﻮ أﻓﻀﻞ، رﻏﻢ اﻹرادة اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﮫﺎ اﻟﻤﺎﻟﻚ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﻨﮫﻮض ﺑﺎﻟﺼﺤﯿﻔﺔ؛ ﻓﺎﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮرﻗﯿﺔ ﺗﺒﺪو ﻛﻠﮫﺎ ﻣﺄزوﻣﺔ، وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﮫﺎ ﻣﻌﺘﻢ.

ﺑﺪأﻧﺎ ﺑﺄن طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻧﻘﺎذ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ وﺿﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮارھﺎ. واﻵن، ﻧﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻄﻠﺐ، وﻧﺮﻳﺪ إﻳﺠﺎد ﺣﻞ ﻳﻨﻘﺬ اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ، وھﻢ أرﺑﺎب أﺳﺮ. ﺻﺤﯿﺢ أن اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﻣﻨﺸﺄة ﺗﻌﻮد ﻟﻠﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص، ﻟﻜﻨﮫﺎ ﻣﻨﺸﺄة وطﻨﯿﺔ رﺋﯿﺴﺔ؛ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻘﺮار ﺑﺸﺄن اﻟﺼﺤﻒ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ﻗﺮارا ﺧﺎﺻﺎ. وﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات، ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻘﺮار ﺑﺈﻏﻼق ﺻﺤﯿﻔﺔ ﻳﻮﻣﯿﺔ أﺑﻮاﺑﮫﺎ أن ﻳﻤﺮ واﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺘﻔﺮج، وﻓﻲ أزﻣﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ طﺮﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷﻣﻮر ﺑﮫﺬا اﻻﺗﺠﺎه أو ذاك. وﻟﻜﻦ اﻵن، وﻧﺤﻦ ﻧﺮى واﻗﻊ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮرﻗﯿﺔ، ﻓﻠﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﺮى ﺟﺪوى ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﻹﺑﻘﺎء ﺻﺤﯿﻔﺔ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻗﺴﺮﻳﺎ وﺑﺨﺴﺎﺋﺮ ﻓﺎدﺣﺔ. وﻗﺪ ﻳﻘﺎل إن اﻟﺒﻠﺪ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎطﻠﯿﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، ﻟﻜﻦ ھﺆﻻء ﻟﯿﺴﻮا ﺷﺒﺎﻧﺎ ﺑﺎﺣﺜﯿﻦ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﻳﻌﯿﺸﻮن ﻋﻨﺪ أھﺎﻟﯿﮫﻢ؛ إﻧﮫﻢ أرﺑﺎب أﺳﺮ ﺗﻌﻮدوا ﻋﻠﻰ دﺧﻞ ﻣﻌﯿﻦ، وﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺘﺰاﻣﺎت ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮز أﺑﺪا أن ﺗﺸﯿﺢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﺟﮫﮫﺎ ﻋﻨﮫﻢ، ﺑﻞ ھﻨﺎك ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ أدﺑﯿﺔ وأﺧﻼﻗﯿﺔ ﻻ ﻧﺘﺨﯿﻞ أﺑﺪا أن ﺗﺘﻨﻜﺮ ﻟﮫﺎ.

ﻣﻊ اﻷﺳﻒ، ﻳﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺸﮫﺪ اﻟﺬي ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﻟﯿﻪ ﺻﺤﯿﻔﺔ أﺧﺮى، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺳﻠﻔﺎ وﺿﻊ اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻘﻞ ﻓﯿﻪ اﻹﻋﻼن واﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت، وﻳﻘﻞ ﻓﯿﻪ أﻳﻀﺎ ﻋﺪد اﻟﻘﺮاء. واﻋﺘﺮف أﻧﻨﻲ ذات ﻳﻮم ﻟﻢ أﻛﻦ أﻗﺒﻞ أن ﺗﻔﻮﺗﻨﻲ ﻗﺮاءة اﻟﺼﺤﻒ اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ، وﻟﻢ أﻛﻦ ﻷﺧﺮج ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﺮاءة "اﻟﻐﺪ" اﻟﺘﻲ أﺷﺘﺮك ﻓﯿﮫﺎ، وﺑﻘﯿﺖ ﻟﺴﻨﻮات رﻓﯿﻘﺔ ﻗﮫﻮة اﻟﺼﺒﺎح. ﻟﻜﻦ اﻵن أﻋﺮف أﻧﻨﻲ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﻞ اﻟﺼﺤﻒ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ؛ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻲ أو ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ، ﻓﻔﻲ أي ﻣﻜﺎن ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ھﺎﺗﻔﻲ اﻟﺨﻠﻮي وأﻧﺎ اﺗﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ.

اﻻردن ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮرﻗﯿﺔ ﻓﯿﮫﺎ ﺿﺌﯿﻼ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ أي دوﻟﺔ ﺑﻤﺜﻞ ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﮫﺎ وﺗﻘﺪﻣﮫﺎ. وﻛﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮ ازدﻳﺎدا ﻓﻲ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺤﻀﺎري! ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻔﺎرﻗﺔ أﻧﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ھﺬا اﻟﮫﺪف، ھﺎ ھﻮ اﻟﺘﻘﺪم ﻳﺘﺠﺎوزه وﻳﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ ﻧﻘﯿﻀﻪ!

الغد