هل من دروس يا ترى؟
ما يزال السلوك السياسي والعام (والإعلامي المعبر عنه) يُظهر أننا لم ندرك بوضوح ومنطقية الدروس المتحصلة مما يجري حولنا (وعندنا أيضا)، وكل ما تقوم به الحكومة حتى الآن يندرج في خانة الانتظار وشراء الوقت (وهدره كذلك). ولا نستطيع أن نجد، حتى بالبحث والتدقيق، خطوة واحدة أو إنجازا يمكن أن يدرج ضمن الاستجابة الإصلاحية المطلوبة والمأمولة. وأرجو ألا يذكر أحد إحالة قضية ما أو أكثر إلى هيئة مكافحة الفساد، إذ يفترض أن يكون ذلك ضمن عمل الهيئة الروتيني واليومي منذ اليوم الأول لتأسيسها، ثم إنه وبصراحة لا يمكن الحديث عن مكافحة الفساد إلا ضمن خطوات ومبادرات وإجراءات يومية تتخذها الحكومة، فمكافحة الفساد هي مؤسسة رقابية، ولكن أين السلوك اليومي الإصلاحي في عمل الحكومة؟ فماتزال تجري تعيينات في مناصب ومواقع يبدو واضحا أن اسم الأب هو المؤهل الأساسي وراءها (ولا شيء غير ذلك، أو على الأقل ليس ثمة قدرة على الاستنتاج بأن تنافسا عادلا جرى لأجل الاختيار)، ومايزال الذين عينوا من قبل (كل بذراع والده أو شلته) في مواقعهم ولم نسمع عن مراجعة هذه التعيينات، ولا عن المزايا الخرافية التي يتمتعون بها.
قبل أيام، سمعنا أن رئيس منطقة العقبة يتقاضى خمسة آلاف دينار شهريا، ويراد إشغالنا بمسألة أن يسكن رئيس السلطة في فندق أو في بيت أجرته 60 ألف دينار ولكنه يحتاج إلى صيانة!!! ولا يريد أحد أن يتحدث عن نظام الرواتب والمكافآت، وضرورة تحديد الحد الأعلى لها، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وماتزال المؤسسات المستقلة (وبعضها يبدو وهميا) تصول وتجول، وتستنزف الموارد العامة وكل ما يجمع من ضريبة المبيعات التي تجمع من أقوات المواطنين واحتياجاتهم! هل يعقل أن يدفع المواطن رقما فلكيا إلى الخزينة على الأرز والشاي والطعام الذي يشتريه، ثم يذهب ما يدفعه لأجل إقامة موظف في فندق خمس نجوم، في الوقت الذي يستطيع دولة الرئيس أن يجد على الأقل خمسمائة شخص يصلحون لأن يكونوا في هذه الوظيفة ومستعدين برغم مؤهلاتهم العالية وتجاربهم الطويلة أن يقبلوا بمكافأة معقولة ضمن النظام الإداري والمالي المتبع في المملكة الأردنية الهاشمية؟
أول ما تقتضيه المرحلة الجديدة أن جميع من تولوا منصبا قبل 1/1/2011 وأبناؤهم وأصهارهم، سواء كانوا صالحين أو فاسدين يستحقون مواقعهم أو لا يستحقون وحصلوا عليها باستحقاق أو بجدارة "البابا" و"الماما"، تحولوا إلى أرباب سوابق بحاجة إلى براءة ذمة جديدة وعدم محكومية (من الناس)، وبغير ذلك فكل ما يقوم به الرئيس -مع الاحترام والتقدير لشخصه وأخلاقه- يزيد وجع الراس.
الغد